منصور النقيدان
نشر في الوطن السعودية-2مايو2002
بعد الحادي عشر من سبتمبر انكسرت بداخلي أشياء .حاولت أن أتلمسها . أستكشف مناطق التدمير التي طالها ذلك الزلزال. كم كان قاسياً أن يخلى بيني وبين حقيقة أن قومي هم المذلون المهانون. وبعد “جنين” كان كل شيء قد تلاشى، تهاوت كل الأكاذيب والشعوذات. ومع كل ذلك فمازلت أمارس الكهانة وأتصدق بأفيون الكلام على المساكين.
أنا ابن اثنين وثلاثين عاماً. لي روح الشيخ. وعنفوان الطفل. لي غربة أم فقدت وليدها ذات ليلة. باردة. لي روح المقاتل ” الثالث عشر”وصراحة أفقدتني أحباباً أذكرهم كل ليلة.
قبل خمس سنوات سيطرت علي فكرة أنني لن أعيش أكثر من 35 عاماً. كانت بدايتها دعابة نسجتْ لها مخيلتي خيوطَ قصة تحكي حتى اللحظات الأخيرة…موتاً دافئاً في حضن أحب إنسانة إلي..منحتها مخيلتي كل شيء…وجهها .الطفولي..أنفاسها الملائكية. قوامها الناحل الهزيل. ودموعها الطاهرة..وصلاتها بالليل. ماأروع أن يموت الإنسا ن بين أحبابه… هذا أقل عزاء له.
تحولت تلك الدعابة مع الأيام أمنية وبينما أنا ذات مرة في طريقي إلى الرياض. بصحبة أمي، وفي لحظات من الحديث الشفيف وضوء السيارة الداخلي خافت، وعبد الباسط يقرأ القرآن بصوت خفيض أسيف كأنما ينعي إلينا نفوسنا انزلقت في الحديث عن تلك الأمنية…نسيت أنها أمي. بكت وأمطرتني بدعواتها الصادقة.وظلت ذكرى تلك الكلمات تزعجها بين الحين والآخر.
لكم تمنيت كثيراً لو أن البشرية توصلت إلى ابتداع أزرار، تمكننا من التصرف بعواطفنا، متى ما أردنا نسيان حبيب ضغطنا منها زراً، وإذا أردنا أن نتجاوز مرارة عثرة في حياتنا،أو أن نعيش بدون أحاسيس….