منصور النقيدان/ بريدة
نشر في صحيفة الوطن السعودية14/11/2001 / 29/8/1422هـ
العدد 411
نشرة نقدية
عبر ساعتين- أطل فيهما الشيخ عايض القرني من قناة الجزيرة- طرح المقدم قضايا شائكة، وتساؤلات احتاجت إلى إجابات صادقة بشفافية، ومراجعة للذات، من شخص يمتلك المصداقية، وحب الجماهير وتعاطف القاعدة العريضة.
كان ظهور القرني مفاجأة للجميع.
جاء ظهور القرني وحديثه عند محبيه فوق المرتجى المنتظرِ، ولبعض من أحبوه خيبة أمل، وآخرون لم يفاجئوا.أبداً لم يفاجئوا. ومع محاصرة مقدم البرنامج له، فقد أفلح الشيخ في التملص، وتجنب الألغام التي زرعت في طريقه. حيث تراوحت إجابات الشيخ ما بين انتزاع الآيات، والاستدلال بالأحاديث، والتحاف حكم السلف، وغاب فقه السياسة الشرعية، و ترتيب الأولويات. أراد الشيخ إرضاء كثيرين، فهل خيب آمال الكثيرين ؟
مع كل إشكالية طرحت، كان الشيخ يجرنا وراءه القهقرى قروناً ليتلمس أثراُ عمن سلف، أو حكمة، أو بيتاً من الشعر، يشنف به الأسماع، ويُشعِرن به العقول، ويشعل الحماس بمنبريته وخطابيته التي عهدت عنه.
تساءل بعضنا ” أما كانت عشر سنوات مضت كافية لإحداث نقلة في التفكير، ومراجعة للذات، وطرح مغاير يضع كل المتغيرات والمستجدات في الحسبان، ومبضع حكيم يضع الإصبع على الجرح ويقول هاهنا..هاهنا ياقوم والله مكمن البلاء….”؟
هل كان الشيخ يشعر أن هناك- كما قال- أزمة في التفكير؟ إذاً لم اتشحت إجابات الشيخ باتهام الممارسات، وتبرئة الأفكار والمثاليات التي انعجن فيها الإلهي والمقدس، بتفسيرات الأئمة واجتهادات العلماء؟
بدت إجابات الشيخ وكأنها علبت منذ سنوات وأعدت وجهزت..فلكل الأسئلة إجابات ناجزة..متعالية على الزمان والمكان..لاتتأثر بالظروف..ولا يبليها تقلب الليل والنهار.هي للمطلق و في المطلق تعيش… بينما كانت مذاهب الأئمة العظماء وأفكارهم استجابات لمنعطفات وتغيرات تاريخية حضارية.
كثيراً ما يعلق البعض آمالهم وحل عقدهم على غائب مجهول، أو بمغيب عن الساحة تدور حول صمته الأساطير، وتتكهن من ورائه التهاويل، فما إن يفصح عن لسانه، ويكسر شرنقته، ويطفو على السطح حتى يؤوب كل إلى رشده..
… صدقوني افسحوا المجال لبقية أصحابه، واستمعوا، فإن فاقد الشيء لا يعطيه.