منصور النقيدان
حفل أهالي القصيم وهيبة المُلك
تولَّى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، مقاليد الحكم في يناير 2015، ومن حينها شهد المجتمع السعودي تغيُّرًا كبيرًا على مختلف الأصعدة؛ الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تماشيًا مع (رؤية 2030) التي قدَّمها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان. وفي نوفمبر 2018، استقبل أهالي القصيم العاهل السعودي الملك سلمان، في أول جولة له عقب تسلُّمه الحكم، بحفل تاريخي باذخ، رقصت فيه الفتيات الصغيرات، وصدحت فيه الأغاني بصوت المغنية السورية أصالة، في سابقة تاريخية.
كان حفل الأهالي معبرًا عن التحوُّل الكبير الذي تعيشه المملكة عمومًا، ومنطقة “القصيم” و”بريدة” خصوصًا، أعقبه بعد سبعة أشهر الحفل الذي نظَّمته هيئة الترفيه، في 14 من يونيو الجاري، في استاد الملك عبد الله، وكان له صدى واسع في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
إن حفل أهالي القصيم في استقبال الملك، في نوفمبر الماضي، هو أعظم دلالة على التحوُّل الكبير الذي تعيشه البلاد؛ فالمرأة كانت حاضرة بصوتها وجسدها الراقص، إذا استحضرنا أن الفتيات المراهقات اللواتي رقصن أمام عشرات الآلاف يُعتبرن فقهيًّا إناثًا تسري عليهن أحكام المرأة، واجتماعيًّا لا تزال الغالبية العظمى من أهالي القصيم ترى في المراهقة التي تجاوزت الثالثة عشرة امرأةً.
ولكن ما الذي جعل من هذا الحضور النسائي صوتًا وجسدًا مقبولًا، ومسكوتًا عنه؟ الجواب: هو الجلالة؛ جلالة المُلك وهالة السلطان، والحضور الملكي، والمكانة العظيمة التي يحتلها ولي الأمر في الإسلام وفي السياسة الشرعية.. إنها مكانة الأئمة، ولطالما كان أمراء الدولة السعودية منذ القرن الثامن عشر يوصفون بالأئمة؛ من محمد بن سعود، حتى عبد العزيز بن عبد الرحمن الملك المؤسس. ولولي الأمر في الإسلام سلطة تشريعية، يُمنح خلالها الحق في تقييد المباح، وإمضاء المكروه، وتغليب المصلحة وتحرِّي الصالح العام، كما أن مساحة التأويل والسماح التي يتمتع بها هي أوسع بكثير في حقِّه منها لعامة الناس.
نورة وضُرّتها عازفة العود
أواخر عام 1980 كانت نورة مفطورة القلب، بعد أن اختار زوجُها صالح مزنة، بنت الجيران في عهد الصبا، ضُرَّةً لها. نورة لم تقاوم بل جبُنت، ولم تُخطط لاحتواء الكارثة، ولم تقُم بأية ردّة فعل تواجه بها الزلزال الذي حلَّ بها. وفي بيتها المطل على شارع الوحدة بـ”بريدة” كانت تلتصق بالنافذة وتلوذ بالعويل والشفقة على حالها؛ فأهملت نفسها وأبناءها وزوجها، وقنعت أن تريق دموعها بين أخواتها وخالاتها وصديقاتها، كل مساء خميس، حين تجمعها بهن المجالس. وكلما تهادت إلى مسامعها أغنية مقدمة برنامج “سهارى” وصوت عبد الكريم عبد القادر الدافئ الجريح، ذابت مهجتها في بؤرة مكثَّفة من الأسى، وزاد وضعها سوءًا أن “الغالي” اختار الطابق الثاني لبيتها مسكنًا لزوجته الجديدة. ومع كل ليلة يبدأ فصل جديد من الدموع؛ حين يُدَشِّن زوجها مع ضُرَّتها سهرتهما الصاخبة.. ومع كل ارتطام قدم راقصة، وإصبع مفرقعة، وضحكات تسري في أرجاء المكان، كانت نورة كسيرة القلب تختنق بعبراتها، وتنكمش في فراشها. لقد اكتشفت السر الأعظم لحظوة الغريبة القادمة؛ فقد كانت ضرتها عازفة عود ماهرة، وراقصة بارعة، وزاد من آلامها سرٌّ عن هذه الغريبة تكشَّف لها، هو أن ضُرتها “المارجة” كانت جريئة ووقحة حدًّا سمحت فيه لنفسها أن تلبس البنطلون أمام زوجها، في وقت كان ذلك فيه حتى أمام البعل والأولاد قلة حياء وتهتكًا؛ لهذا عاش صالح مع نورة سنوات ليالي الأنس في “بريدة”.
بعد 39 عامًا، كانت نورة قد رحلت عن هذه الحياة الدنيا، ولكن مزنة بنت “بريدة” مدَّ الله في عمرها لتكون شاهدة على التاريخ، وشاهدت عبر التليفزيون في السادس من نوفمبر 2018 حفل الأهالي. غنَّت أصالة بصوتها “يا عبيَّهْ علميهم من أنتِ”، ورقصت الفتيات المراهقات بنات القصيم بحضور آلاف الرجال يتابعهن عشرات الملايين عبر الأقمار الصناعية. كانت لحظة باذخة الجمال، مؤذنةً بانبلاج عصر جديد من الفرح والأمل والنور.
عبء التاريخ والتنازع على الزعامة الاجتماعية
في عام 1956، واجه رئيس النواب في “بريدة”، وهو رئيس الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، الشيخ صالح الخريصي، مجموعة من (الزكرت) سائقي الشاحنات (اللواري) في شارع الخبيب؛ كانوا يدخنون السجائر ملتفين حول الراديو وصوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح عاليًا.. تشجع الخريصي واقتحم جمعهم وكسر الراديو، فاشتبكوا معه ونالوا منه ضربًا، ولحُسن حظِّه أن سائق أمير القصيم الأمير عبد الله بن فرحان آل سعود، كان حاضرًا يشاهد ما جرى؛ فتدخل وخلَّصه من قبضتهم، وقُبض بعدها على المعتدين، الذين لجؤوا إلى القضاء، وطالبوا بتعويضهم عما أتلفه الخريصي. وأحيلت قضيتهم إلى قاضي “بريدة” وقتها الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وكان قد مضى على تولِّي ابن حميد القضاء في بريدة ما يقارب 16 عامًا.
منذ اليوم الأول لتولِّي ابن حميد القضاء في “بريدة” لم يكن على وفاق مع بعض أعيانها المعروفين بـ (الجماعة) الذين كانوا يمثلون في غابر الأيام أهل الحل والعقد، وكانوا يشهدون حالةً من الضعف؛ سببها الرئيسي ازدياد مداخيل الدولة من النفط، واستغناؤها عن أموالهم، وهم كانوا عاملًا رئيسيًّا في تمويل حروب التوحيد والتأسيس في بدايات حكم الملك عبد العزيز. ولأن القاضي ابن حميد جاء إلى “بريدة” من الرياض مستقلًّا وثريًّا وغير خاضع لنفوذ الجماعة؛ فقد كان حكمه على رئيس النواب بدفع تعويض ما أتلفه صادمًا ومستفزًّا للمطاوعة. وانبجست لحظتها فرصة لاحت لبعض الأعيان؛ كي يحيكوا مؤامراتهم الصغيرة ضده. كان التقليد المتبع أن قاضي “بريدة” واحد من الأعيان، وغالبًا هو عرضة لتأثيرهم. ومن يومها كان هناك سعي حثيث من قِبَلهم لترشيح الخريصي قاضيًا ينوب عن ابن حميد، الذي لم يكن على وفاق معه.
اتفق مفتي السعودية محمد بن إبراهيم، مع اجتهاد تلميذه ابن حميد في حكمه، ولكنه في الوقت نفسه اتخذ موقف الوسيط؛ لتهدئة النفوس ومراعاة الخريصي ومطاوعة بريدة الحانقين. في سنواته الست الأخيرة التي قضاها في بريدة، دعم عبد الله بن حميد بنفسه وعبر طلابه افتتاح مدارس البنات التي افتتحت لاحقًا في عام 1962، وهي السنة التي غادر فيها ابن حميد “بريدة” وتولَّى الخريصي القضاء فيها. واحتفظ الخريصي بموقفه الرافض تعليم البنات في مدارس الحكومة حتى وفاته في عام 1994.
مع اصطفاف بعض أقوى العوائل في “بريدة” مع الخريصي رئيس النواب “الهيئة”، ومناصبتهم العداء لابن حميد؛ لأسباب ذات علاقة بالسلطة والنفوذ، وتنازلهم عن بقايا دورهم التقليدي المتضعضع أصلًا، بدأت رحلة النكوص وتقهقر دورهم الاجتماعي، ليسحب الخريصي البساط من تحتهم ويصبح لقرابة أربعة عقود شبه حاكم غير متوَّج لـ”بريدة”، يملك الشجاعة لتوبيخ أميرها الإداري على رؤوس الملأ؛ لأنه مسبل ثوبه وحالق لحيته!
الملك سعود ينصح شعبه ويحذِّر من الأغاني
في عام 1956 وجَّه الملك سعود بن عبد العزيز، الذي كان قد تولَّى الحكم منذ ثلاث سنوات، نصيحة عامة إلى الشعب السعودي، تمت قراءتها في المساجد وتُليت على المصلين، وطُبعت بالآلاف ونُشرت على العامة.. حذَّر الملك في نصيحته من الاستماع إلى الأغاني، والتشبُّه بالكفار. وقد وقعت في يدي نسخة منها في عام 1988 بعد أدائنا صلاة الجمعة في جامع الشيخ الخريصي، الذي أمَّ بنا الصلاة يومها، وقرأ علينا واحدٌ من أبنائه نصيحةً كتبها الخريصي نفسه وأكد فيها حرمة اقتناء الراديو وما يُبثّ فيه من أغانٍ. يومها كان قد مضى 32 عامًا على قصة الخريصي مع أصحاب الراديو.
نقطة التحوُّل.. التباس السياسة بالفقه
لم تكن “عنيزة” المدينة المنافسة لـ”بريدة” على وفاق مع علماء آل الشيخ في الرياض منذ بزوغ الدعوة، رغم أن علماءها لم يكونوا على خلاف في العموم مع تعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب. كان غالب خلافهم مع علماء الرياض (العارض) على تفسير كلام الإمام ومقاصده. وسوف نتناول لاحقًا مثالَين اثنَين من فقهاء “عنيزة”؛ هما: عبد الرحمن بن سعدي الذي توفّي في عام 1956، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين الذي توفّي في يناير 2001. في رسالة كتبها الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، إلى صديق له من أهل جلاجل، ذكر له استياءه البالغ من استضافة أهالي “عنيزة” الفقيه الحنبلي العراقي داود بن جرجيس، وتدريسه فيها لفترة، كان ابن جرجيس خصمًا لآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي لمحة بليغة ذكر عبد اللطيف أن: “داء عنيزة أعيا الأطباء”. بعد أكثر من نصف قرن سيستتيب علماء الرياض أكبر علماء الحنابلة النجديين عبد الرحمن بن سعدي، ويرغمونه على التنازل عن اجتهاداته في التفسير والفقه. وبعد رسالة عبد اللطيف السالفة بمئة وعشرين عامًا تقريبًا سيستتيب علماء الرياض الشيخ محمد بن عثيمين ويرغمونه على التراجع عن اجتهادات له في العقيدة “الأسماء والصفات” حول حقيقة المعيَّة الإلهية للبشر.
وفي عام 1876، هرب قاضي بريدة محمد العبد الله السليم بعد أن نفَّذ حكمًا بقطع يد سارق توفّي إثر تنفيذ الحكم، كان أمير بريدة حسن المهنا قد وجَّه القاضي بأن يراجع حكمه، وأن يتأنَّى مراعيًا الحالة الصحية للجاني؛ ولكن ابن السليم مضى في الأمر.. غضب الأمير على ابن سليم الذي لجأ بعدها إلى “عنيزة” وحلّ ضيفًا على عائلة البسام، تسع سنوات. وبتغاضٍ من حسن المهنا الذي كانت تربطه علاقة جيدة مع البسام، اطمأن محمد السليم على وضعه، وتبدَّدت مخاوفه. وبعدها بشهور رأى أمير “بريدة” أن المدينة ستكون أكثر هدوءًا واستقرارًا إذا أُتبع السليم بعدد من طلابه وزملائه الذين وصفهم بأنهم متشددون ومثيرو فتنة، فقام بطردهم، ولاذوا هم بدورهم إلى “عنيزة”.
تسع سنوات قضاها السليم في “عنيزة”، دَارَس فيها فقهاءها وتعرَّف على ميولهم الدينية والفكرية، واكتشف جانبًا كبيرًا من انفتاح أهلها، وأحيانًا كان يعقد دروسه للطلاب.
وتؤكد تفاصيل زيارة الرحالة الإنجليزي تشارلز داوتي، إلى “عنيزة” في أثناء وجود محمد العبد الله السليم فيها، جوانب من الفروق الواضحة بين المدينتَين اجتماعيًّا وثقافيًّا؛ كمتابعة المجلات التي تُطبع في لبنان وتصل إلى عنيزة خلال أسابيع قليلة، ومتابعة أعيانها تطورات الانتخابات البريطانية وغيرها. ومن المؤكد أن محمد السليم كان عارفًا بزيارة هذا الرحالة الغريب العنيد الذي كان يتجوَّل باسم “خليل النصراني”؛ إن لم يكن قد التقاه في منزل مضيفيه، البسام، أو أي من وجهاء “عنيزة”.
هل كان حسن المهنا وابنه صالح من بعده يغبطان “عنيزة” على ما تتمتع به من جمع كلمة أهاليها على أمرائها؟ وهل كان حسن المهنا في نفيه آل سليم وأهم تلاميذهم من “بريدة” مستشعرًا الخطر القادم؟ وهل كان ابنه من بعده صالح الحسن مدركًا الغيوم الملبدة في مستقبل هذه المدينة العظيمة إذا سلَّمت نفسها لحكم المطاوعة و”الحميدية”؟ وهل كانوا قد استشرفوا المستقبل وسعوا إلى دعم مدرسة أكثر انفتاحًا مثَّلت الامتداد الحقيقي والأمين لمدرسة قاضي “بريدة” العظيم سليمان المقبل (الذي يستحق الكتابة عنه بشكل منفرد)؛ ولهذا وقع الرهان على الشيخ إبراهيم الجاسر وطلابه؟
منذ عشرينيات القرن الماضي، تمتعت مدينة عنيزة بشرف الشهادة بالانفتاح من الرحالة والمؤرخين الأجانب قياسًا بضرتها الكبرى “بريدة”. وكان لما كتبه الرحالة الإنجليزي العظيم تشارلز داوتي، في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، بعد تجربته المريرة لليلتَين في “بريدة”، وقضائه شهرَين بين أهالي “عنيزة”، وما كتبه المؤرخ اللبناني المهاجر أمين الريحاني، في عشرينيات القرن الماضي، عن عنيزة التي وصفها بأنها (باريس نجد)، تأثير كبير في هذه الصورة النمطية عن المدينتَين.
نقطة تحوُّل حاسمة مع قرن يولد متَّخم بالأحداث الكبرى
يمكننا اعتبار عام 1905 نقطة التحوُّل في “بريدة” نحو الانغلاق، وتجلَّى ذلك في صراع ديني بين مدرستَين فقهيتَين تجلَّى الخلاف بينهما في عدد من المسائل الفقهية التي جعلت منها السياسة مسائل عقائدية، حياة المخالف فيها على المحك؛ أولاهما تمثلها مدرسة الشيخ إبراهيم بن جاسر، والأخرى هي مدرسة آل سليم. وتكثَّفت مأساوية هذا الخلاف في النهاية البائسة لفقيه شاب لمَّاح، هو عبد الله بن عمرو، الذي حمله خلافه مع علماء آل الشيخ وحلفائهم من آل سليم إلى أن يصطف مع معسكر الشريف حسين والأتراك؛ مناصبًا الملك عبد العزيز العداوة. ولا يزال الباحثون والمؤرخون، حتى اليوم، يثيرون على استحياء منهم النقاش حول الأسباب الحقيقية وراء مقتله. وإثر ذلك نُفِي الشيخ إبراهيم الجاسر إلى الزبير جنوب العراق، ومات في الطريق.
يمكنني أن أدَّعي أن مقتل أمير بريدة صالح الحسن المهنا إثر نقضه عهوده مع الملك عبد العزيز وتحالفه مع ابن رشيد والأتراك، مع تضافر عوامل أخرى كلها قد أسهمت في صعود مدرسة آل سليم الأكثر قربًا إلى آل الشيخ. وقد أغرقت مدرسة السليم نجدًا وأطراف المملكة الحديثة التأسيس بخريجيها من المؤمنين بتعاليمها من الوعاظ والقضاة والأئمة.
أُضيف إلى ذلك وراثة الفقهاء والوعاظ والحركيين الصحويين منذ ستينيات القرن الماضي في “بريدة”؛ للوجاهة والتأثير الاجتماعي والسياسي بعد سحب البساط من الأعيان الذين كان تجار العقيلات يمثلون فيهم النسغ والمركز، وشكَّلوا لعقود طويلة جانبًا من شخصية “بريدة” الممانعة للانغلاق المنفتحة على العالم وعلى المهاجرين إليها، وكانوا هم سر تماسكها وفخرها، وأسبغوا عليها روحها الوثابة نحو التميُّز والفرادة.
سأعود إلى هذا بالتفصيل في حلقة قادمة ومقالة مستقلة.
عنيزة على خُطى بريدة
وفي أوائل ثمانينيات القرن الماضي لحقت “عنيزة” “بريدة” في الولوج إلى نفق مظلم نسجته الصحوة الدينية أسوةً بغيرهما من مدن المملكة. وفي عام 2006 ذكر لي أحد تلامذة الشيخ محمد بن عثيمين، أنه في عام 1980 لم يكن يخلو بيت في عنيزة من عازف على العود أو آلة الإيقاع. وفي عام 1986 شهدت “بريدة” أول مارش عسكري متجوِّل بعد قرابة 12 عامًا من التوقُّف، في جو من الغليان وإنكار من المتشددين الذين هيمنوا على مجالات الحياة.
يتناقل أهل “بريدة” قصة عن سائق شاحنة شهير اسمه فهد المبارك، معروف بـ”أبو صدام”، كان في بيروت ودُعِي إلى وليمة جمعت تجارًا من “بريدة” و”عنيزة”، ومع العهود التي أخذت عليه من قِبَل أصدقائه بأن يلزم الهدوء ولا يستفزّ الضيوف العنيزاويين بأية كلمة، إلا أنه لم يتمالك لحظتها نفسه ورمى كلمته الشهيرة: “يحُّوْل ياللي مالِهْ بريدة”؛ أي حسرة وأسى على مَن لم يكن من أهل “بريدة”، ولم يترعرع بين حواريها وأسواقها، بين جردتها وقُبَّتها ووسعتها.
“كان صوت محمد عبده واصل عندنا بالبيت وصوته يصدح بالسماء، على أنغام أغنية مذهلة، قُلت الله أكبر يا بريدة!”، كما يقول عبد العزيز الموسى، عن حفل محمد عبده وخالد عبد الرحمن.
وللحديث بقية..
نشرت هذه المقالة في موقع كيوبوست