نشر وزير الدولة الإماراتي الدكتور أنور قرقاش الجمعة الماضية مجموعة من التغريدات تعليقاً على مقالة جهاد حداد المتحدث باسم جماعة «الإخوان المسلمين» التي سربها من سجنه في مصر ونشرت في «النيويورك تايمز» بعنوان «أنا من الإخوان المسلمين ولست إرهابياً»
من المتوقع أن يكون للبريطانيين تأثير على ما يمكن أن تتخذه إدارة ترامب إزاء «الإخوان المسلمين» من قرارات. فالجدل الذي دار بين أجهزة المخابرات وبين الدوائر السياسية والأمنية ووسائل الإعلام البريطانية الفترة الماضية، ربما نشهد مثله أو قريباً منه في الولايات المتحدة الأميركية، وربما بشكل أكثر ضراوة مما عرفه البريطانيون، لسبب واحد هو أن بريطانيا بحكوماتها المتتابعة لا يمكن وصفها من قبل مسلميها البريطانيين بالعداء للإسلام، خلافاً لما يواجهه الرئيس الأميركي وإدارته منذ بداية حملته الانتخابية من اتهامات، وهو ما سيكون عاملاً أكثر حشداً في التفاف منظمات ووسائل إعلام ومثقفين متعاطفين للوقوف ضد قرار الخارجية الأميركية إذا عزمت على تصنيف «الإخوان المسلمين» ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. ما يمكن أن يقدمه «الإخوان المسلمون» من تنازلات ومن خدمات ومن تعهدات سرية أو معلنة سيكون حاسماً في مواقف الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
في حلقة نقاش مغلقة قبل سنتين عقدت في واشنطن جمعت ممثلين لأربع مؤسسات إسلامية أميركية كلها تتخذ موقفاً معادياً لـ«الإخوان المسلمين»، وربما بشكل أكثر دقة كلها تتبنى عقيدة تناصب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية «كير» العداء. وكان القصد من هذه الحلقة النقاشية هو أن تتضافر الجهود من قبل ممثلي هذه المؤسسات للعمل ضمن خطة متوسطة الأمد وأخرى طويلة المدى، ذات منحيين: الأول تركيز إعلامي وتبشيري على الجانب الروحاني في الإسلام، والثاني أن تعمد هذه المؤسسات إلى كشف مخططات الحركية الإسلامية داخل المجتمع الأميركي التي تتخذ لكل مجتمع وكل دولة لبوساً يضمن لها التنفس على السطح والتحرك بحرية من دون مراقبة أنشطتها. أي إن الهدف هو حماية بيضة مسلمي الولايات المتحدة الأميركية من التلوث بهذا الوباء الذي فرخ أكثر التنظيمات الإرهابية ضراوة في العصر الحديث.
وكان الطموح من هذا الاجتماع أن تعمل هذه الجمعيات سوية على إيجاد بدائل أكثر قبولاً وتأثيراً يمكنها أن تنافس الحركية الإسلامية في جهود متضافرة تؤتي ثمارها في السنوات العشر القادمة. بدت هذه الخطوة المتواضعة إشارة جيدة، ولكنها يا للأسى كشفت مدى الخلافات والسطحية والعزلة التي تعاني منها مؤسسات وجمعيات إسلامية أميركية تنخر في كيانها المطامع الشخصية والانتماءات العرقية والرؤية الضيقة. كما أنها كشفت بشكل ملفت أن كثيراً من هذه المؤسسات ترتبط بشكل مباشر برؤسائها أكثر من كونها تعبيراً عن طموحات وآمال من تمثلهم. ولا تمتلك هذه المؤسسات من الأرقام والإحصائيات والاستبيانات الميدانية ما تتمتع به مؤسسات كبيرة مثل «كير»، إما لقلة التمويل، أو لأن هذه المنظمات والمؤسسات غير معنية أساساً إلا بالعرقية التي تمثلها والطائفة التي تلتف حولها وتعبر عنها.
أياً يكن فإن إدارة ترامب يمكنها أن تنطلق من قاعدة صلبة بتحالفها مع المجتمع المسلم الأميركي الأوسع عبر مؤسساته، ومع الدول الإسلامية المعنية بمكافحة الحركية الإسلامية الراعية للأفكار المتطرفة، عبر خطة متوسطة وطويلة المدى تعزز من انتعاش الإسلام التقليدي المرتكز على التصوف والروحانية الإيمانية التي تتواءم مع القيم الأميركية ولا تعمد إلى تغيير عميق في المفاهيم تجعل من تطبيق الشريعة هدفاً لها محدثة شرخاً عميقاً وتهديداً للاستقرار، وتهديداً للأمن القومي. وبالتوازي مع هذا تسعى إلى تجفيف مصادر تمويل وشرايين الحياة لكل المنظمات والمؤسسات التي تدور في فلك «الإخوان المسلمين».