في العقائد والمذاهب ، في الديانات والنحل، المعتمد هو السيرة/ السلوك العملي للطائفة والديانة عبر أحقاب التاريخ، وصولاً إلى الوقت الحاضر، وليس ما هو مدفون في الكتب والعقائد المتخشبة التي لا تعدو ان تكون تميمة يتعلق بها الخائف القلق.
هذا يطال السنة وفرق الإسلام الأخرى.
سنن الاجتماع وتطور المجتمعات تؤكد أن أي طائفة أو ديانة تشعر بالأمان في محيط من العقيدة المخالفة فهي تلقائياً تجري عملية مراجعة مع أكثر عقائدها جموداً وتطرفاً لتتواءم مع حاضرها وحالة السلم والطمأنينة التي تعيشها ومستوى المشاركة التي تنخرط فيها.
وفي حالات القلق والخوف تستدعى أكثر الأفكار بدائية تستجلب من الكهوف المظلمة للعقائد التي ولدت في فترات الظلام والفزع و الاقتتال والخوف على الوجود. كما يحصل للواحد منا يحصل للجماعة والمجتمعات.
هذا عند المسلمين والمسيحيين وعند السنة بأشاعرتهم و بسلفييهم واتباع ابن تيمية، ومحمد ابن عبدالوهاب، وكذلك الأمر نفسه عند الشيعة، وعند الإسماعيلية والدروز والنصيرية وغيرهم.
ولهذا يبدو الصوت الأكثر حكمة هو ما أكد عليه الزعيم الدرزي وليد حنبلاط عام 2014 وعاد وأكد عليه في يوليو 2025.
المشاريع الإسلامية التي بدأت منذ عقود ونشهدها اللحظة هذه عن الإصلاح ومراجعة العقائد والأفكار المتطرفة ومحاولة التواؤم والسلام والحب مع الديانات، أو إعادة سردية قصة الإسلام ، هي جدية وصادقة وأنفق عليها أموال طائلة، هي جاءت استجابة لمبادرة غربية/ مسيحية، ولدت في حضن ثقافة وحضارة منفتحة مهيمنة مرتاحة إثر حروب مدمرة في فترة انكفاء وخمول عقائدي، لصالح أيديولوجيات صعدت واكتسحت العالم.
اليوم يقبل العرب أن تتجارى بهم الأهواء الدينية كما يتجارى الكَلَب بصاحبه.
هذه المبادرات التي يقوم بها المسلمون إما أنها تستهدف ديانات أخرى و أبناء الفرق والطوائف الذين نعيش معهم ونحن مستثنون، أو أننا أخفقنا نحن السنة في الوفاء بالتزاماتها مع أننا رعاتها وبالتالي نحن عصيون على الإصلاح!
الحكيم اليوم هو من لا يرى نفسه في أي ديانة. ذو البصيرة اليوم هو من اهتدى إلى هذا السبيل واستنار قلبه وأصبح له نور يمشي به في الناس،
تأملوا في من يذل مخالفيه ومواطنيه في الاعتقاد يهينهم أمام الكاميرات ويكسر كرامتهم متوهماً منتفخاً بالعزة والشرف الموهوم، بينما أطفال غزة وبناتها وشيوخها إخوته وأهله على مرأى منه يموتون جوعاً وهو صاغر ذليل. كل ما فينا من ذل انفجر في أهلنا وجيراننا جبروتاً وعنفاً واستعلاء.
ما يحدث اليوم يجعل الواحد يفكر بمصير البشرية بعد الحروب الدينية، كما في (كتاب إلاي) … فلم حزين وقاتم