عبدالله الزبيدي – جدة
يرى المدير العام لمركز المسبار للدراسات والبحوث منصور النقيدان أن الجميع خاضع أو منجذب لسلطة ما، خفية أو ظاهرة، سلطة المال، الجمهور، الأطماع والأهداف الخاصة، فيما يكون المثقف أحيانا معبراً بشكل واضح عن توجهات الحكم، أو النظام السياسي
فرانسيس بيكون، وميكافيللي كلاهما كان تابعا لسلطة سياسية، وابن خلدون كان الشيء نفسه
“يكون الفقيه مثاله القاضي والمفسر أبو السعود الذي كان داعماً كبيراً لإصلاحات السلطان سليمان القانوني، وقد يكون الكاتب أو المثقف مؤمنا عن إخلاص بكثير من توجهات السلطة، وهو حينها يعبر باستقلالية واضحة عن وجهة نظره، التي تتطابق كلياً أو جزئياً مع أهداف النظام السياسي”
ويؤمن النقيدان بأن كثيرا ممن نضعهم في خانة المثقفين المستقلين ينقادون إلى التطبيل لشعارات جوفاء مضرة بمجتمعاتهم وبالسلم الوطني، لأنهم، حسب وصفه، يريدون إرضاء جمهورهم الذي ينقاد بعاطفية لأي توجه أو حراك ضد السلطة السياسية، ولكن هذا النوع من المثقفين لا ينتبه جيداً إلى أنهم أصبحوا أداة وبوقاً لأصوات الغوغاء والدهماء
ويضيف: “المثقفون المستقلون حتى في أكثر صور المثقف مثالية وطوباوية، هم متوافرون دائما، ولكنهم قد يتفاوتون نسبة وعدداً ووعياً، وبعض منهم لا يحسن الإفصاح عن نفسه، ولا يتقن الدعاية لكي يبني حوله هالة من الجاذبية، توفر له المعجبين والأتباع”، مشيرا إلى أن بعضا ممن ننظر إليهم على أنهم مثقفون مستقلون هم مأسورون لسلطة خارج الحدود، يراعونها ويلحظون رغبتها ويبادرون إلى إرضائها، لكنهم غير مكشوفين لنا
ويستدرك بالقول: “هذا في النهاية لا ينفي البتة وجود فئة “ورعة”حقاً من المفكرين والكتاب والمثقفين، لا تبيع قلمها بالمال
لكن علينا أن ندرك جيداً أن الثمن الذي قد يقبضه المثقف ليس بالضرورة أن يكون مالاً ونقداً، هناك وجوه كثيرة لثمن المواقف التي تكشف عدم استقلالية المثقف”
وبالاستشهاد بمثقفي الغرب، يرى النقديان أن المثالية التي نظنها عن بعضهم ليست إلا وهماً، قائلا “كثير من المثقفين لم يكونوا تابعين لسلطة سياسية أو اجتماعية أو دينية أو مذهبية، فهم خاضعون لرغبات وسائل الإعلام، لدور النشر، يدركون جيداً أن ما يكتبونه لا ينشر ولا يمكنهم الحصول على عائدات تمكنهم من امتلاك بيت فاره، ورصيد محترم في البنك، ما لم يكن ما يكتبونه يليق بالسوق وما يبحث عنه الناشر”