المقدمة
العقل الانساني .. كتلة من التحولات ..بحثا عن الحقيقة والحق .. وتكشيفا عن الصواب والافضل .. او هكذا يجب أن يكون عقل المسلم المفكّر المتسائل .. اما المسلم ( القاعد ) و ( الخامل ) و ( المتجمد ) فعقله مثله تماما ..
الاستاذ منصور النقيدان .. يصفه البعض بأنه : رجل متسائل دوما .. لايكف عن البحث عن حقائق الاشياء .. وخاصة .. صواب ( الموروثات البشريه ) وبالاخص ماترسخ من ( فهم ) عن جدليات المذاهب الاسلاميه .. .. مرّ بتغيرات فكرية .. حمل معه ( ثوابت الدين ) وظل يبحث عن الحق فيما أُختلف فيه .. من الخلافات في ظنيات الاحكام ومسلمات السائد الفقهي .. فهل تراه .. وصل ..ام لازال يبحث ؟.. وهل تراه توقف عن ( التمرحل ) – إن صحت التسمية – ام لازال يعبر مرحلة اخرى جديده وماهي ؟ .
ضيف اللقاء المفتوح .. للوسطيه .. الاستاذ منصور النقيدان .. او كما قالوا عنه ( العقل القلق ) او ( المقلق ) للذين لم يتعودوا .. أن يمروا بمراحل إكتشاف الحقائق .. لأنهم (ألِفوا ورضوا بالقعود ) خلال ماترسخ لديهم .. وماورثوه من فهم ونتائج .
قالوا عنه هنا في الوسطيه :
(( منصور إنسان حر لايحد تفكيره حدود .من الصعب ترويضه أو تدجينه أو احتواؤه ضمن حظيرة مؤدلجة، أو قطيع من “الحرفية” ….وهو مشاغب أبداً من الصعب ضبطه، ومن الحماقة تقديمه كمربي مثلاً ..أو مرشد..أو شيخ … أو غير ذلك من النماذج التي تقدم لتكون أسوة أوقدوة) و ( يرى البعض أن أفكار منصور مجرد تقليعة من التقليعات التي تعصف به بين الحين والآخر .. البعض يرى أن دافعه إلى ذلك الشهرة والنجومية ، لهذا يعتلي صهوة بعض الأفكار دون إحاطة عميقة وإدراك ناضج سوى بريق الفكرة. ) احمد بن صالح العامر
وايضا ( مما قرات له اعتقد انه انسان رائع ومثقف وصاحب هدف واضح ..ويعجبني جدا اسلوبه في الكتابة.. باختصار الرجل مميز جدا..وبعض ربعنا لايحبون المميزين!!) فارس محمد القرشي
وايضا قالوا عنه :- النقيدان ( ليس عميقا في تحولاته الفكرية وإنما هو ذواقة، ولهذا فهو سريع التحول والانتقال من النقيض إلى النقيض. ففي خمس عشرة سنة تنقل بين ثلاثة مذاهب كبيرة متناقضة متعارضة. إن المفكرين الكبارعادة بطيؤا التغير، وإذا تغيروا فلا يتغيرون إلا لقناعات راسخة بضرورة التغير، أما ( النقيدان ) فبخلاف ذلك. ) عاصم بن غانم .
*****
لن يكون لقاءنا المفتوح مع النقيدان – كما أعتدنا : عبارة عن أسئلة واجوبه .. فلسنا في محاضرة .. ولا إختبار .. أو إختيار ..لأفضل الاسئلة واصح الاجابات .. فلسنا نريد ( كماً من المعلومات ) فذلك اصبح ميسّر .. وهو الوصول والحصول ..على ( كل المعلومات ) عن أي شئ نطلبه .. نريد ان ( نعبر .. مضيق) الضيق من الحوار .. مع المخالف او من لم نتعود على طرحه ..
همنا في كل لقاءات الوسطية مع ضيوفها .. أن نبلوا أنفسنا .. هل تعلمنا .. كيف نحاور .. وليس كيف نسأل والضيف يجيب .. مهمتنا .. ان ( نسلط الضوء ) على من نتخلف معه .. ( لنحاول ) الخروج من أزمة حوار الآخر … وكيف نجني من الخلاف .. نقاط وئام وإتفاق ..
هذا هو .. منصور النقيدان .. كما تقدمه (( سيرته الذاتيه ))… ليس الا رجل مسلم .. حاول من خلال سعة الدين وتمامه وكماله .. ان يعيد ترتيب مشهده العقلي .. لفهم .. او إعاده قراءة ( ما ألفينا عليه ) انفسنا وعقولنا ومجتمعنا .. فهل نجح ..أم لازال يكتشف نفسه وعقله ..أم وصل للمحطة الاخيره وماهي ؟ .
(السيرة الذاتيه )) .. لضيفنا منصور بن إبراهيم النقيدان :
الاسم : منصور إبراهيم موسى النقيدان.
الجنسية : سعودي
مكان وتاريخ الميلاد : بريدة . “ليلة عيدالفطر 1390 هـ – 28/11/1970م.
المستوى التعليمي: الكفاءة المتوسطة.
*باحث وكاتب .
*طلب العلم الشرعي على عدد من مشايخ بريدة، كالشيخ صالح البليهي ،والشيخ عبدالله الدويش، والشيخ عبدالله بن حسين، والشيخ محمد الفهد الرشودي، والشيخ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي، وغيرهم.
*أتم حفظ القرآن الكريم عام 1412هـ، كما حفظ عدداً من المتون العلمية، والرسائل لابن تيمية، وفصولاً من مدارج السالكين لابن قيم الجوزية، ومؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وعدداًمن فتاوى ابن باز، ومختارات من أدب الجاحظ، و كتابات الزيات، والطنطاوي، ومحمود شاكر، وأبي الحسن الندوي.. وفصولاً من(معالم في الطريق) لسيد قطب.
*إمام جامع الرشودي في المربع بالرياض سابقاً من(10/9/ 1419هـ-2/1420 هـ)
*عمل لمدة سنتين محرراً متفرغاً في القسم الثقافي في صحيفة الوطن السعودية مشرفاً على الصفحة الدينية، من الفترة 9/9/2000 ، وساهم في استكتاب مجموعة من أبرز كتاب الرأي في الصحيفة، كما شارك في الإشراف على صفحات الرأي، ونقاشات.
*في9 /9/2002 تم الاستغناء عنه بعد خلاف مع رئيس مجلس الإدارة/ المشرف على التحرير.
*نشرله ما يزيد عن 30 مقالاً في عدد من الصحف والمجلات العربية والمحلية، وجريدة إيلاف على الإنترنت، معظمها يتعلق بقضايا فقهية معاصرة، وفكرية، وأخرى منوعة.أهمها ” هل كان ابن أبي دؤاد مظلوماً؟” وهو أول مقال نشر له بتاريخ 7/11/1419هـ/الحياة/”،و”هكذا تعلمت في المسجد”/إيلاف/، و”قصة بيان المثقفين السعوديين “/إيلاف/ و”حكم البطاقة الشخصية للمرأة”/المجلة/، و”قراءة في كلمة الأمير عبدالله للعلماء”/الوطن السعودية/، و”نواقض الإيمان بين الشريعة المنزلة وتشقيقات الفقهاء”./المجلة/،و”الهجرة إلى المستحيل”/المجلة.
*كتب بطلب من صحيفة الحياة اللندنية عدداً من المقالات في صفحة “تراث”
*كاتب زاوية نصف شهرية باسم ” مقابسات” في مجلة المجلة اللندنية سابقاً.
*له ثلاث محاضرات ألقيت سابقاً آخرها محاضرة عن ” سد الذرائع في الفقه الإسلامي” في أحدية راشد المبارك في الرياض.
*تمت استضافته في برنامج إضاءات” في قناةMbc-fm حول القاعدة بمشاركة محامي الجماعات الإسلامية منتصرالزيات.
إيميل alngidan@yahoo.com
*********
والآن نترك الاعزاء الكرام .. اعضاء الوسطيه .. مع لقائهم المفتوح وحوارهم المكشوف .. مع النقيدان .
1-سؤال الشقاوي:
الإستاذ/ منصور النقيدان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي مررت في حياتك الدينيه والفكرية بتقلبات عديدة وأطوار مختلفة نقلتك من الأصولي المتعصب المتزمت إن صح التعبير إلى ماأنت عليه الآن والموصوف من كثير من أهل التدين والصلاح بالعلماني أوالليبرالي كما يحب العلمانيون أن يصفوا أنفسهم وهذه كذلك إن صح التعبير
أخي سؤالي000هل لك أن تحدثنا عن هذه التقلبات وأسبابها وهل الحق معك سابقا أم حاليا مع ذكر دلائل الإقناع وهل نتوقع أن يثبت الإستاذ منصور النقيدان على هذا الطريق أم سيستمر في التحول إلى أن يصل إلى مالا نهاية ؟000000
000000000عبدالله القصيمي لم يتحول من الإصولية الإسلامية(00وهذه ليست مثلبة00 ) إلى الإلحاد
بقفزة واحدة بل مر بعدة مراحل
أسأل الله أن يحفظني وإياك وجميع المسلمين من الزلل
2-سؤال محمد العثمان:
يبدو أن برنامج لقاءت الوسطيه && بدأ ينحو للأخذ بقانون ( التعرف على المتغيرات الفكريه ) من خلال إستضافة ** ( مثيروا الأسئله .. ونبش المسكوت عنه .. وتحرير اللامفكر فيه ) من امثال الدكتور خالص جلبي & والشيخ عبدالعزيز القاسم & وهاهو الاستاذ منصور النقيدان * يحل ضيفا ..على { مشاكستنا } له **** فهل سيصمد ** لقواذفنا الحوارية .. نرجو ذلك .
اولا = اهلا به بيننا ** وشكرا للوسطية التي { مكنتنا } منه .
ثانيا = مداخلتي هي :
اخ منصور :
في مجتمع .. مثل مجتمعنا ( التوقف ) كثيراً , عند نقاط معينة من المترسخات الدينية والدنيويه .. ( لازمتة النفسيه , وعنوانه البارز , وعقيدة ( الاغلب ) من اهله .. والاسلام يتشدد في لوم ( الماكثين ) على ماوجدوا أنفسهم وابائهم واجدادهم فيه وعليه .. دون محاولة الخروج من ( كهوف ) العادة في النظر الفكري .. وتجديد مفاهيم امر الدين ..او ماخلق و إندثر بفعل ( الجافي والمغالي ) ..
هل ..قدم لك ..تنقلك من ( التشدد ) إلى ( التسامح والانفتاح ) ما أثبت لك .. ان مجتمعنا .. او قل ( اهل الرأي فيه وذوي الالباب ..أن عليهم واجباً .. .. تجريب ( التنقل ) حتى يكتشفوا الاسلام من جديد .. أم انك تنصح بعدم تجربة ما مررت به .. من ( أتون ) مرحلة النتقلات …وهل انت ( نادم ) على مرحلة ( ماقبل) او مرحله (مابعد ) التحولات ..
انت الآن .. توقفت عن ( القلق ) او هذا مايبدو من مقالاتك الاخيره .. فلم تعد ( تحرث ) في خلافات ومظالم ( اهل السنة ) لأهل العدل والتوحيد ( المعتزله ) فهل اكتشفت أن ( اهل السنة ) اقرب للحق من اهل العدل والتوحيد ( المعتزله ) أم انك ( تخشى ) إعلان .. نسبك المعتزلي الفكري .
شكرا اخ منصور .
3-سؤال كلوراكس:
الاستاذ منصور .. لم اقرأ لك سابقا .. لكني سمعت عنك كثيرا .
سؤال
يقولون : مابين الإيمان والالحاد الا ( شعره ) او نقطه على كلمه او فاصلة بين حروف . وامام الحرمين الجويني وغيره ..لما غرقوا في دركات البحث الفلسفي ..لم يجنوا ,,, الا ان قالوا في اُخريات حياتهم ( ليتنا على دين العجائز ) او في هذا المعنى .
سؤال ..الا تخاف على نفسك الالحاد ,,, من نهاية التنقلات والبحث .. او ماتخشى ان ( يغّتر ) من ليس لديه حصانة علميه وإيمان وفقه . ان يتحول وينتقل مثلك ثم لايستطيع العوده ..
اسف لصراحتي ووضوح تعبيري عن ما احس انك عليه
4-سؤال النفس المتحررة:
منصور النقيدان ..
بعد التحية ..
س/1
من ( تهمة ) إحراق محل الفيديو ..
إلى ( تهمة ) إحراق الموروث ..
أين كان النقيدان ..
وإلى أين يريد أن يصل .
س/2
أسرى كوبا هل لهم مساحة في تفكير النقيدان ؟!
وما هي معالمها إن وجدت !
س/3
الوضع الراهن داخليا وخارجيا ..
كيف ينظر له النقيدان ..
وكيف يرى المستقبل من خلاله ؟
س/4
ما يسمى بـ( الصحوة) ..
كيف ينظر لها النقيدان ..
في الماضي ، والحاضر ، والمستقبل .؟
س/5
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ..
هكذا يرى البعض ( مسيرة ) النقيدان ؟
فكيف يراها هو ؟
وكيف يرى من يطبقها على نفسه ..
في ظل خيبة الأمل وفقا للنتائج المؤلمة ..
فتراه يصف نفسه بالعلماني او الليبرالي ..الخ
دون أن يعي حدود هذا الوصف ومستلزماته !!
( لهذا السؤال هامش أرحب إن ضاق في السؤال الأول) !!
شكرا .
5-سؤال خالد بن عبدالله:
سيدي الفاضل :منصور نصره الله:
س-1 هل وجد منصور نفسه ؟؟؟
ام لازال البحث قائم : كما قال صوفي:
دق رجل الباب على أبي يزيد فقال أبو يزيد:
ماذا تطلب !
فقال : أبا يزيد .
قال أبو يزيد : وأنا كذلك في طلب أبي يزيد منذ عشرين سنة !
1-
إجابة على أسئلة الأخوة
هذه إجابة عامة لأسئلة الشقاوي، و د.محمد العثمان، وكلوراكس، والنفس المتحررة وخالد بن عبدالله. وأما العزيز سيناريو فليمهلني حتى أعود إإليه، بعد صلاة العشاء فانا سوف أذهب لعزاء في مدينة الرس،وسأكمل البقية إنشاء الله ، الليلة، وليعذرني الأخوة حيث أنني دمجت الإجابة على اسئلتهم الكريمة في جواب واحد مطول حيث ظهر لي أنها أسئلة متقاربة مع الوعد بأن أجيب على الأسئلة الأخرى التي انفرد بها كل واحد منهم، في آخر الإجابة هذه نفسها.وماتبقى من أسئلة طرحها النفس المتحررة سأجيب عليها لاحقاً.كذلك
سأتحدث أولاً عن القلق والثبات والزيغ، والخوف من الإلحاد.
يذكر الصفدي أنه كان يكثر زيارة ابن تيمية كلما أشكل عليه مسألة في الإلهيات، فكان الشيخ يدق على صدره ويقول :أنا أعلم أن هذا القلب يغلي غليان القدر أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، ويقول :بق بق. الزمني تستفد.وابن تيمية نفسه من الشخصيات القلقة التي عرفها تراثنا الفكري والديني، فما يذكره ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين في باب الفراسة، من الأحوال التي كانت تعرض لشيخه ،والتعب الذي كان يلزمه أحياناً الفراش، ويفسره ابن تيمية بأنه:”من تسلط الأرواح الخبيثة”، ويوافقه تلميذه ابن القيم على هذا ليس إلاآثار ومظاهر أزمة روحية كانت تلم به.غير أن اعتبار” الأزمات الروحية” في ذاكرتنا الدينية في حيز”التابو” أو المحرمات، حيث إنها تنم عن زيغ باطن، وشك، وعدم وثوق بالمسلمات، والثوابت الدينية، دعى ابن تيمية إلى إقناع أتباعه بأنها عوارض مرض روحاني مصدره تسلط الشياطين. وعارض الأزمة الروحية التي تعتري الإنسان، وخصوصاً في بداية طريقه إلى المعرفة الدينية والسلوك الروحي تكون عاصفة شديدة مزلزلة، تبدو أعراضها على الإنسان مشبهة إلى حد كبير مايعتبره الناس عندنا” ضيقة صدر، أو نفس، أو عين…إلخ..”، وهي تلازم الإنسان حتى يحسم الأمر، فإما أن يصل إلى حل توفيقي بتجربة ذاتية بحتة قائمة على التأمل والفكرة، مصحوبة بشغف يصل حد الهوس لايعرف التوقف في البحث والقراءة والاطلاع حتى يطمئن قلبه، أو يتخلى كلياً عن ذلك الطريق ليصل إلى حالة من التبلد،واللامبالاة.
وحسب اعتقادي أن ابن تيمية فيما يذكره ابن القيم عنه أحد شخصين إما أنه حقاً كان يعاني تلك الحال بين فترة وأخرى حتى تلزمه الفراش، ولكنه وهو العالم أن الإفصاح عن ذلك ،أمر محرم، فكان يتظاهر بأنها من تسلط الشياطين،وهذا مالا يستسيغه عاقل، فنحن نعلم أن تسلط الشياطين-وليس الجن- على المسلم هو أحد اثنين إما بالوسوسة، وهو الذي ذكره الرسول في صحيح مسلم حينما شكي إليه أن الواحد وجدفي نفسه مايتمنى أن يسقط من السماء ولا ينطق به، كأن يحوك في نفس الواحد مانطق به عمر في الحديبية حيث قال للرسول: أنرضى الدنية في ديننا، وهو الشخص الوحيد الذي كان يطرح الأسئلة الجريئة علنا، ويثير الاحتجاج على بعض الأحكام النبوية، وغالباً مايجيء القرآن موافقاً له، ولكنه أيضاً هو الذي أدب صبيغ بن عسل بالدرة، أحد أقدم الشخصيات المتسائلة في تاريخنا الديني ، لما رآه شخصاً يكثر الأسئلة ويستفسر عن معاني كثير من النصوص والمتشابهات،التي كانت تبعث في نفسه القلق والحيرة، فكان جزاؤه التعذيب الجسدي، ولم يطلق سراحه حتى أقر بأن ماكان يجده قد ذهب.مع أنها كانت أسئلة مشروعة ومبررة، ومن هو الذي أدبه ؟عمر نفسه الذي جاء بنسخة من التوراة إلى الرسول، فجاء توبيخه مباشراً وسريعاً،مع أن القرآن يذكر أنه مصدق لما بين يديه من الكتب المنزلة، وتصديق القرآن لما قبله لايعرفه الباحث حتى يقرأ الكتب المنزلة،ويطلع عليها،مع العلم بأن نسبة التحريف فيها قليلة جداً ،ومنهم من يرى أن التحريف كان في المعاني وليس في الألفاظ. كما نقله ابن القيم في إغاثة اللهفان عن شيخه. وهذا النوع من الوساوس وتسلط الشياطين ،يعرض لكل أحد،ولايصل بالمسلم إلى أن يلزم الفراش من المرض، مالم يبلغ به الحال إلى حد الأزمة.
الأمر الثاني أن يكون تسلط الرواح الخبيثة، المقصود به تلبس الإنسي بالجني، وقد ذكر بعض خصوم ابن تيمية أنه كان يعاني من الصرع.
وهناك احتمال ثالث وهوأن تكون تلك الأحوال مما يمكن أن نسميه بلزوم”البريستيج”، و”الغموض”، حيث يذكر ابن القيم أن شيخ الإسلام كان يخبرهم عن مافي نفوسهم، وكان يخبر الواحد منهم بما فعله قبل أن يأتي ، ومع طلب ابن القيم من شيخه، أن يمارس هذه المكاشفة مع مريديه لينتفعوا بها، إلا أنه قال لو أنني فعلت ذلك لما صبرتم علي أسبوعاً، إلى إخباره لهم عن المغيبات وأمور عظام ستحدث في المستقبل، حيث يذكر ابن القيم أن الشيخ أخبرهم ببعضها ورأوا منها أشياء ومنها مالم يروه،إلى غيرها من المغيبات التي نعلم أن التطاول على كشف سجفها وادعاء العلم بها مهما كانت المبررات سواء برؤيا، أو كرامة ،أو إلقاء في الروع أنها في المنظور الإسلامي إحدى نواقض الدين،مع اعتقادي أن تلك الأزمة التي كانت تعصف بابن تيمية أمر يعرض لمعظم المفكرين والمصلحين الكبار،الذين عرفتهم البشرية،كأبي حامد الغزالي، ومارتن لوثر.فهل كان ابن تيمية شخصية قلقة ؟رأيي هو بالإيجاب.وتلك النفحة الروحية هي التي أنتجت لنا قوله بفناء النار. واجتهادات فلسفية، وكلامية أخرى، نثرها في كتبه،وتجدها في منهاج السنة،وغيره. ولكنه في المقابل أيضاً كان يخضع لنسق ديني سلفي سني، وينتمي لمدرسة مذهبية حنبلية ، كانت تحتاج منه على الدوام إلى نصرة المذهب، وأقوال إمامه،وتأييد مذهب أهل الحديث، والدخول في صراعات شرسة مع الأشاعرة، وأكثر علماء زمانه، وهذا الازدواج حيث يخضع الإنسان لنظامين فكريين متنافرين يتطلبان على الدوام توفيقاً وتكاملاً، لتبدو الشخصية والبناء الفكري للإنسان متماسكاًً،يتحول عند “الوعي” إلى زلزال مدمر .
ولكن ابن تيمية أدرك تماماً أنه كان يمتلك من الصفات والقدرات مالايتمتع به أحد من مخالفيه، فكان زاهداً مجاهداً،شجاعاً لايهاب، ساعياً في حق العامة، شافعاً،وهذا مايمنحه حب العامة، و”فزعة” أصحابه من الحنابلة،وتقدير السلاطين، والقادة.
هذه مقدمة جعلتها بين يدي إجابتي.
بالإمكان أن أقسم المراحل التي مررت بها إلى قسمين: وهي الفترة مابين عام هـ1404هـ- إلى العام 1419هـ – وهي الفترة التي كانت تتسم بألوان متعددة ترجع إلى نسق واحد، وتوجه ديني واحد وهي السلفية الوهابية.مهما بدت للبعض أنها مراحل متناقضة أو شديدة الاختلاف،وهذا الخطأ منشؤه من اعتقاد البعض أن الفكر الصحوي السعودي، والسلفية الوهابية”إخوان بريدة”، والتكفيرية الوهابية :تكفير الحكومة السعودية -وهذا اصطلاح من عندي-،ومرحلة الاحتساب على المنكرات، هي توجهات متناقضة أو متنوعة إلى حد الاختلاف الجذري، والأمر، ليس كذلك بل هي دوائر متداخلة، فالجذور هي هي، والمرجعية هي نفسها، والنصوص هي نفسها التي يستدل بها الجميع، هي مراحل كانت راجعة إلى إيقاظ الحس والضمير الديني تجاه مسائل محددة داخل التفكير السلفي، يعني وعظني الشيخ محمد الصقعبي موعظة بليغة انتهت بتركي للدراسة النظامية، ووعظني آخر بوجوب القضاء على معالم الفساد والمنكرات فأجبت.هي ليست مراحل متغايرة بل كانت عبارة عن تجربة أخوضها حتى نهايتها،وحتى أمتص عصارتها، داخل منظومة الفكر السلفي، فلم تكن تلك إلا نقلة من زاوية إلى أخرى ولكن داخل البيت، يعني باختصار (كنا مصدقين أكثر من اللازم).
قبل عشر سنوات، تم إيقافي في قضية إحراق متجر لأفلام الفيديو( فيديو البلجون في الرياض) -وليس فيديو المختارببريدة، كما يتوهم البعض فيديو المختار لم اعلم بمن احرقه إلا لاحقاً- وأثناء فترة التحقيق، التهمت كل ما وقع بيدي من الكتب والمراجع العلمية، التي توفرت لي، لأشكل رؤية شرعية واضحة تبرر ما أقدمت عليه، أوعلى الأقل تدرؤ العقوبة لوجود الشبهة، ولما جلست أمام القاضي كنت قد أعددت عدتي، فسألني هل أنت تائب ياولدي؟ ، قلت لم أخطيء حتى أتوب . أعطني دليلاً من كتاب الله وسنة رسول الله ، أو كلام العلماء الذين ترجع أنت إليهم يخطئني فيما ذهبت إليه، وأنا أعلن توبتي. ثم انبريت أتلو حججي وكنت حريصاً على إيراد أي إشكال والإجابة عنه. استمع القاضي حتى انتهيت، ثم قال هل أنت تائب. قلت: لا .فمما أتوب!.
كانت الأسس العلمية والمرجعية الدينية والمدرسة المذهبية التي ينطلق منها القاضي، هي نفسها الأسس التي أنطلق منها، ولهذا فكلما كان الشخص أكثر انسجاما ًمع أفكاره ومرجعيته- مهما كان تهافتها وضعفها وتخلفها – وكلما كان أكثر وفاءً وأمانة مع منطلقاته كلما كان أسعد بالحجة. لم يكن لدى القاضي قانون بتجريم هذا النوع من الاحتساب- حسب علمي حينها- على أماكن المنكر، فالفتيا كانت بتحريم التجارة بأفلام السينما، وأنها غير محترمة شرعاً، ولايجوز التعويض فيها. ولأن الأرضية التي ننطلق منها واحدة فلم يكن عند القاضي ما يقوله.
وقبل سنوات تم إيقاف عدد من الشباب لبعض الأفكار الغالية التي يحملونها ويروجونها عبرالمناشير والكتيبات، ومع حرص كثير من القضاة أن لاينزلقوا في النقاش، فقد كان يحصل أحياناً أن يجري حوار، غالباً ما يكون محرجاً لهم ، وتنتهي الجلسة بنصيحة الشخص أن يلازم العلماء ودروسهم…
إن إحدى الإشكاليات الكبرى التي يواجهها التيار الديني السلفي في السعودية الرسمي منه والشعبي “الصحوي” أنه لم يتم فصام وقطيعة مع الأسس التي تغذي أفكار التطرف والغلو، وليس غريباً أن كتب”عصام البرقاوي -أبومحمد المقدسي” وغيره اعتمدت في تكفير الحكومات الإسلامية قاطبة، وفي تكفير أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية مراجع منها ” الدرر السنية في رسائل علماء الدعوة النجدية” والتي كانت توزعها مجاناً الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد”وقراءة سريعة عابرة في مجلدي “الجهاد ” و”حكم المرتد” من الدرر السنية ، ومؤلفات “الشيخ حمد بن عتيق ” وسليمان بن سحمان ” و”سليمان بن حمدان” و” حمود التويجري ” كافية في إعطاء حكم واضح.
ترى …هل هذا هو مايفسر الصمت المطبق والاكتفاء بالنفي، حينما تبتلى المؤسسة الدينية ببعض الذين يخرجون عن المألوف ، ويغردون خارج السرب.
وقد جمعني قبل أربع سنوات مجلس خاص بشيخ معروف، وكان حديث طويل دارحول” كيف يثق الناس بمن يغير من آرائه، ويراجع أفكاره كل فترة، في بيئة اجتماعية وثقافة دينية سكونية تعلي من قيمة الديمومة والثبات المطلق.
كان الحديث عن تلك القضايا في مجتمعنا الذي نعرفه، حيث التغيير في الزي أو اللباس، وقلة عدد شعرات الوجه وكثافتها، تعتبر رمزاً لنقلة في المبادئ، وزلزال في القيم. وكيف أن هذا يعتمد على معرفة حقيقة ماتسميه مباديء أو قيماً، وهل هي كذلك أم أنها لاتعدو أن تكون ركاماً من سلسلة من الإضافات والاجتهادات المذهبية والمحلية ، وهل هذا عائد لطريقة فهمنا للدين وكيف يلقن للمتلقين، والطريقة التي نتعامل بها مع المخالف والآخر.
كان هذا الحديث منذ 4سنوات .وقد جاء ذلك بعد أن نشرت فيه مقالي عن محنة خلق القرآن، وذكرت فيه الموقف المتناقض لأحمد بن حنبل كيف كفر ابن أبي دؤاد ، وتغاضى عن المأمون. والمأمون نفسه كان عالماً، وابن أبي دؤاد كان “شيخا”ً من المعتزلة، وبشهادة أحمد انه كان لاعلم له. والمأمون كان ممن قامت عليه الحجة وتبنيت له التبينَ الذي يكفر بسببه، فما الذي كان يمنع أحمد من تكفير المأمون؟ هي أسئلة مشروعة، ومن حقنا أن نتساءل عن سر هذا التناقض، وهذه الروح التي تلبست التوجه السني السلفي منذ القدم وحتى اليوم حينما تختزل المسألة بأن” الشيوخ أبخص”. يذكر لي أحدهم أن أحد المطاوعة القدماء يذكر أنهم كانوا يرون بعض الوفود الأجنبية التي كانت تزور السعودية في عهد الملك سعود، وأنه في إحدى المرات دخلت امرأة أجنبية على الملك وخلى بها.يقول الرجل: ووقع في نفوسنا عظم الأمر كيف يخلو الإمام بها؟! فانتهينا إلى نتيجة مؤداها أنه : الإمام ..ولي الأمر ..ونحن لسنا كالإمام…فالإمام يجوز له ماليس لنا“.
وقبل سنوات زرت أنا وعدد من الأصدقاء أحد المشايخ في عنيزة وكان معروفاً بالاحتساب وقول كلمة الحق منذ أيام الشيخ محمد بن إبراهيم، وكان ساخطاً منزعجاً من الخذلان الذي قابله به أحد العلماء الكبار عندنا في القصيم في مجلس جمع أحد المسؤولين بعدد من المشايخ ،حيث توجه بسؤال قائلاً هل يجوز يا شيخ أن يسجن ولي الأمر المشايخ إذا كان في ذلك المصلحة؟ (فأجاب الشيخ :نعم..).قال الشيخ لنا أنا سأهجره ولن أكلمه بعدها.
ومع ذلك كانت ردود الفعل الواسعة على ما كتبته فوق ما يتصوره أحد. وكانت المفاجأة أن يصدر حمود العقلاء بياناً حولي وقدم فيه لكتاب رد فيه على مقالي، وبشهادة عبدالله بن بجاد العتيبي،وصالح بن محمد المحيميد، أن العقلا قال لهما: أرأيتم ماكتب “ملعون الوالدين”؟. كنت حينها إماماً لجامع الرشودي في الرياض ولم يتم ترسيمي بعد، فتعهد أن لا يتركني في مسجدي بعدها…وكما توقعت ..نشأت مشاكل بيني وبين الجماعة انتهت بتركي للمسجد بعد شهرين.
والأمثلة على أن بعض المسائل الفقهية قد تحولت إلى منهج، ومذهب، يضلل المخالف فيها مهما كانت قوة الأدلة والأقوال التي تسندها، مانشره دبيان الدبيان حول جواز قص مازاد على القبضة من اللحية، وكيف أن كثيراً من المشايخ عارضوه وأنكروا عليه، واعتبروه نشراً للرذيلة واتباعاً للرخص التي من تتبعها تزندق، مما الذي حمل مجموعة من مطاوعة بريدة على إقناع اللجنة الدائمة للإفتاء بإصدار فتوى تنكر ماتوصل إليه دبيان في كتابه واحتج به من كلام فقهاء من المذهب الحنبلي نفسه وروايات عن أحمد نفسه ويدعونه في فتواهم إلى (التوبة)، وقد تم منع إعادة طبعه.
وهذا التصرف من اللجنة الدائمة ليس استثناء، فهذا عبدالعزيز الجليل في مجلة البيان طالب بأن يلحق القول بجواز كشف وجه المرأة بمسائل العقيدة بحيث يضلل ويبدع ويعلمن كل من أخذ بهذا القول، وهذا ماكان في حرب الخليج الثانية حيث كان البعض يرون أن قيادة المرأة للسيارة علمنة، ومحاضراتهم شاهدة على ذلك….
هم اليوم على الأقل يعتقدون أنها ليست كما كانوا يتصورون، وأنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه سابقاً، وأنهم ضلوا وأضلوا كثيراً،وضلوا عن سواء السبيل بمسائل كثيرة،ليست هذه إلا واحدة منها، ولكنهم لايجرؤون على أن يعلنوا ذلك.وبعد أن نشرت بحثي عن البطاقة الشخصية للمرأة في مجلة المجلة يذكر البعض كيف كانت ردة الفعل وكيف اعتبر بعض المشايخ ما كتبته دعوة للإفساد والرذيلة،وقبل فترة أخبرني أحدهم أن الشيخ الفلاني يفتي بها سراً…سراً…وأنه في جلسة مع عدد من طلبة العلم قال لا أرى بذلك بأساً.فهل سيجرؤ على إعلان ذلك. ربما يجرؤ البعض منهم اليوم ،ولكنهم لزموا الصمت، وداهنوا في وقت كنت أعلق أملاً ببعضهم أن يكون لهم كلمة إنصاف.
الشيخ نفسه الذي خذل صاحبنا السابق ذكره هو نفسه الذي سألناه في حجرته بمسجده في عنيزة، كنا نريد منه فتوى حول جواز إزالة أماكن المنكر، وإتلافها،والقضاء عليها، كان يقول أنا لست مثلكم أنا..لا أستطيع أن أقوم بذلك ولكنني أبارك لكم هذه الشجاعة وعند باب المسجد أفتانا بالجواز.بالتأكيد المسألة كانت واضحة لنا ،ولكن البعض كان يريد أن يطمئن وان يحلب منه فتوى، ولكنه سئل عن ذلك فيما بعد فتبرأ من فتواه. وهذا كان بالتأكيد متفهماً. أذكر مرة أن أحدهم كان قد أيس وأصابه الإحباط من تلك المواقف المتناقضة، فقال له أحدهم: إن الشيخ سيخرج من هيئة كبار العلماء،فقال :احلقوا لحيتي إن فعلها.
كنت في السابق مقرباً من أحد المشايخ الذين رحلوا عن دنيانا،جئته بعد العصر فكان منزعجاً من زيارة أخ لأحد مريديه، جاء يقول له( نبيك يا شيخ تفك ولدنا من فتاواك،ومن شرك،وتكفير الحكومة. ترانا مانسمح لك ياشيخ) .فكان رد الشيخ غاضباً. حيث تنصل من أن يكون مسؤولاً عن أفكاره ونفى أن يكون قد أفتاه بشيء.
كان في مجلسه يعلن كفر الملك فهد وتكفير الحكومة، ويفتي بإطلاق النار على رجال المباحث عند مداهمتهم لأي من المطاوعة،. الجميع كان يعرف عنه ذلك، ولكنه بعد إيقافه لمدة شهر ونصف تنصل ذلك”الإمام”من كل أقواله، وألقى التبعة على بعض المساكين من الشباب الذين فاق حبهم له حبهم لآبائهم،وخرج اثنان من السجن منهم وأصابع الاتهام إليهم بأنهم مباحث ببركات الشيخ الذي لم يكن لديه من الشجاعة مايجعله يتحمل مسؤوليته.
العزيز النفس المتحررة :الصحوة كغيرها من الظواهر الاجتماعية قابلة للتطورات ،وإعادة التفكير ،وإعادة ترتيب أولوياتها،وأجندتها السياسية- إن كان لها أجندة– وخاضعة كغيرها لإعادة التشكل والتأثر بالمتغيرات الدولية،والمخاضات الداخلية والمحلية،وهذا يصدق على التيار الإسلامي بعامة،وعلى التوجه الواحد ،كما الأشخاص، وأنت حينما ترجع إلى عشر سنوات مضت، ستلحظ هذا التغير، قد يكون عند البعض ارتكاساً، وقد يكون لدى آخرين تقدماً وانفتاحاً.والشيخ عبدالعزيز القاسم،والشيخ سلمان العودة.مثال على ذلك.
العزيز خالد :أنا وجدت نفسي من حين عرفت أن لي حقاً في السؤال، والاعتراض والرد،وطرح رؤيتي، ووجدتها حينما آليت على نفسي أن لاأسلم دماغي إلى بشر كائناً من كان، اكبر القضايا التي تزلزل الواحد منا هي القضايا الوجودية الكبرى، وهي تجربة ذاتية يحسمها الإنسان وحده.وماعداها من القضايا كغيرها،لاتشعرني أنا بالضياع مهما تعددت الآراء.وحتى إن لم أصل إلى قناعة تامة.فلدى كل واحد منا قضايا مركونة على الرف. فتش..وستجد.
العزيز كلور اكس أقول له:لا فأنا لا أخشى هذه الشعرة، ولا يخيفني إلى ماذا سأنتهي يوماً، دع الآخرين يجربون ..دعهم يغترون ربما يعودون وربما لا يعودون..هل هو أول عذاب للبشرية؟….يا سيدي نحن معذبون إلى آخر واحد منا على هذه البسيطة…. دعه يقترب من السجف وتحرقه سبحات الحقيقة…دعه:
..يهيم بهذا ثم يألف غيره….
ويسلوهم من فوره حين يصبح
. وأما مايذكرعن الجويني، فهو يقصد الإيمان الفطري الذي لايقوم على الجدل، والمقدمات المنطقية أو الفلسفية، والإيمان الفلسفي شيء آخر غير الإيمان الفطري التلقائي العفوي، ويخطئ من يعتقد أن في كلام الجويني- إن ثبت- مايشير إلى الإيمان بالمعنى الفلسفي أي الإيمان بالصانع والخالق، بل إنه يقصد الإيمان الشرعي المستدل عليه بالمقدمات ، وهذا من جملة مسائل انتقدها أهل الحديث على المتكلمين.
كنت في السابق أقاسي العذاب الرهيب من أن يزيغ قلبي فأنحرف..انحرفت فاستمعت إلى عبد الباسط ، وسلمان العودة، بأشرطة الكاسيت، قلت لا.المهم أن لا أجالس وأصاحب الذين أشربت قلوبهم حب الوظائف والمدرس النظامية، فزغت قليلاً…وقرأت كتب سيد قطب خفية من الأصحاب… قلت مازلت أنا على خير. حتى الآن… ثم انحرفت فرأيت أفلام المجاهدين في أشرطة الفيديو، فقلت الحمدلله مازلت متدينا،ولا أعصي الله، وأصلي النوافل. ثم انحرفت فقرأت كتب الطنطاوي،وكرد علي والعقاد،..قلت مسلم يشدو الأدب…ثم انحرفت…فقرأت الجرائد….ثم جالست وصادقت وقرأت لمن يوصفون بالعلمانية، فرايتهم خيراً مني ، ومن كثير من المشعوذين. يحملون هم أمتهم ، ولديهم رؤيتهم، ويحملون قلوباً مفعمة بحب البشرية جمعاء، وتتمنى خيرها ….
… وهكذا حتى أصبحت اليوم (إنساناً)، لا تأسرني الرؤية المذهبية المقيتة، ولا الطائفية، أقاتل حتى الشراسة عما أراه ، وأعبر عن أفكاري بحرية لم أتسولها من أحد ولم أنتظر فيها إذنا، ولم أطرق الأبواب لأقف في الطوابير ليأذن لي فلان أو علان. لاأعادي الآخرين لتوجهاتهم، ولا أجد في قلبي غلاً لإنسان مهما كان دينه أو نحلته أو توجهه. أتساءل دوماً وأحاول أن أتلمس حقيقتي أنا، أجلس مع شروق الشمس وعلى أنغام فيروز، أتأمل حياتي السالفة، وأضحك من طنين الذابة.
الرابعة عصراً.
السبت
بريدة. 24/10/1423
6-سؤال سيناريو:
الأستاذ منصور النقيدان
سوف أثقل عليك فتحملني
لو سنحت لك فرصة ( وهي سانحة ) واجتمعت مع هؤلاء فماذا ستقول لهم وبصدق :
– هيئةكبار العلماء
– رموز الصحوة
– شباب الصحوة
– رموز العلمانية
– أصحاب القرار في بلادنا
2-
إجابة لسؤال الأخ المكرم سيناريو:
*لو قابلت أحداً من أعضاء هيئة كبار العلماء فسأسألهم من هم صغار العلماء،وكهول العلماء.؟
*ولو اجتمعت مع أحد من رموز الصحوة لقلت لهم:” لقد تجاوزناكم ولم يعد يجدي سحركم شيئاً، وأعانكم الله على سعابيل المقبلين“.
*أما شباب الصحوة فسأقول لهم: جربوا مثل تجربتي لتعرفوا مثل معرفتي.ولو رأيتم أعبد الناس وأزهدهم واصدقهم عبدالله الدويش لميزتم بين الصديقين والأفاقين.
*أما لو قابلت عبدالله الغذامي لقلت له:بارك الله فيك فلقد علمتك والله مسلماً مصليا، تخاف الله شافعاً في الخير.ولكم ظلموك وما عرفوا قدرك.
*ولو قابلت أبا طارق تركي الحمد، وقد تشرفت بمقابلته،واكتحلت عيناي برؤيته، لقلت له:أن يكون لديك كل هذا الأدب واللباقة والخلق الرفيع والتواضع فهو مالم يخطر لي ببال!
*ولو قابلت علي العميم لجثوت على ركبتي كالتلميذ، ونهلت من معين علمه وفكره .وقد كان.وقلت له عفى الله عنك أبامحمد :أما أنا فغير مقتنع بجمال ديمي مور.فقم لنتباهل.
*ولو رأيت يوماً غازي القصيبي لقلت له:كنت أغار من اثنين،أحدهما أنت.أما الأول فلا أتمنى أن أكونه اليوم. وأما أنت فغدوت ثقيلاً على نفسي لا تطاق.ولقلت له: أمازلت تصلي صلاة الضحى؟
* ولو قابلت يوماً أحد رموز العلمانية لسألته. هل تؤمن بالإنسان؟ فإن قال نعم قلت له.فأنا على ذلك الدين.
*ولو قابلت أحداً من أصحاب القرار لقلت له: أعطوني جوازي يرحمكم الله فلم أعد أطيق رؤيتكم في هذا البلد.
7-سؤال أسعد:
الأخ الكريم منصور النقيدان
سؤال بسيط لعلي اجد اجابته منك
هل السبب في التحولات التي عشتها ( وربما ستعيشها )
هو انك اخذت نفسك بالشدة بالدين في بداية حياتك (التي لم تتحملها ) فانقلبت ضدها ؟
سؤال آخر : الشيخ عبد الكريم الحميد: هل انت ممن تتلمذ عليه ؟
شكرا لك
3-
إجابة اسئلة الأخ المكرم اسعد
الأخ المكرم اسعد أشكرك على هذا السؤال.
كثيراً ماطرح هذا السؤال وكثيراً ماحاولتُ أن أجد له إجابة مقنعة.أعتقد أن تغير شخص ما من قناعة إلى أخرى سواء كان ذلك على مستوى التوجه الفكري أو المذهبي ،أو الديني، قد يعود إلى جملة من العوامل، منها أحياناً قسوة التجربة الدينية، بحيث يخوضها الإنسان حتى يمتص نقاعتها، وهذا قد ألمحت إليه في الإجابة المطولة الأولى. ولكن لوأن الأمر يعود إلى ذلك لما شمل هذا التغير آخرين ممن كانت خلفيتهم صحوية، وهم قياساً إلى تجربتي السالفة، يوصفون بالاعتدال في التدين، ، ولكن حينما تقارن التوجه الديني لدينا بعامة بألوان أخرى من التدين،لاتضح لك أنه توجه ديني متشدد.فالتشدد والاعتدال،والتساهل شيء نسبي
كما أن هناك كثيرين رأيتهم وقابلتهم انتقلوا من المحافظة الدينية التي يتصف بها مجتمعنا إلى طروحات تتطابق كثيراً مع ما أنا عليه اليوم، ، وهم كانوا يصنفون دينياً بأنهم من عامة الناس: فسقة، أو مسرفون على أنفسهم..
كما أننا نعلم أن كثيرين يتغيرون في الظل ولا يشعر بهم أحد أو تكون ملاحظة ذلك محدودة في إطار أقاربهم الأدنين والمحيطين بهم.
قبل مدة التقيت بإمام مسجد في الرياض، وكان قد قرأ لي مقالاً في إيلاف ورأى إيميلي فراسلني، ثم التقيت به. وقد كاشفني بأنه يصلي بالجماعة من غير وضوء!.
وقد يكون المدرج والوسط الذي ترعرع فيه عاملاً في تغيره، أو بمعنى آخر يمنح الواحد من أبنائه فرصة لاتخاذ القرار، وخوض التجربة بنفسه، فأبي إبراهيم رحمه الله، لم يكن راضياً عن مدرسة آل سليم . كان يترحم كثيراً على ابن جاسر، ويذم عبدالله وعمر السليم، لأنهم كانوا يحرمون السفر إلى الشام والعراق، التي سافر إليها أبى مراراً ،وكان يرى أنهم كانوا “يكفرون المسلمين”. ومع كل ذلك لما لما عزمت على عدم إكمال الدراسة واخترت طلب العلم في المساجد على المشايخ، لم يكثر النقاش بل قال لي لماذا تركت المدرسة؟ .قلت أريد أن أكون عالما بالشريعة كالشيخ صالح البليهي، قال: اطلب العلم وادرس في المدرسة.قلت:لا المدرسة مليئة بفسقة المدرسين وفجرة الطلاب. قال: الطلاب مالك دخل فيهم إلا من اعتدى عليك ، والمدرس إذا أساء فقم إليه واتفل في وجهه. قلت : الأمر ليس بهذه السهولة. قال حسناً.من سينفق عليك؟ أخواتك؟!.قلت سأعمل بالتجارة.قال:مبارك.واستمر يغدق علي ألف ريال كل شهر منها مصروفي ومنها أشتري الكتب. حتى توفي .
وفي السنوات الأخيرة ازداد قربي من أخوتي وأهلي، ففوجئت بأنني لست استثناءً، فامرأة كبيرة السن كأختي أم فهد تمتلك عقلية متسائلة لايتمتع بها عدد من المشايخ حين قالت لجارتهم التي أهدت لها أشرطة عن النار وعقاربها، “ياخيتي ترا رب العالمين ماذكر النار إلا ذكر معها الجنة.لا والله مابيهن خوذيهن“.
أخي سليمان وهو كاتب معروف، ومطلع على الفكر الغربي والعربي المعاصر، وأكاد أجزم أنه لم يجالس متديناً في حياته غير أقاربه، وأبناء أخوته، فهو محافظ على المستوى الشخصي وفي تربيته لأبنائه، ولم يدخل الدش في بيته، ولايترك الصلاة في المسجد ولا يدخن، ومع ذلك فأرى كثيراً أننا نتطابق في أفكارنا، وأخي محمد وهو على عزلته، وبعده عن الأضواء قارئ نهم لتراث الوهابية وخصومها، ويشتري الكتاب ويجدُّ في البحث عنه حتى لودفع فيه ثمناً باهظاً، وأخيراً أخي موسى أكبر أخوتي، وقد خلص لتوه من كتابة روايته”الهدام”،وقد كان أول من عرفني على الجابري، أقنعني بحيلة منه أن كتابه”بنية العقل العربي”،هو عبارة عن كتاب في اللغة لعالم أزهري. أعارني الكتاب فالتهمته وأنا ساكن في بيت الطين في الخبيبة، قريباً من الشيخ عبدالكريم الحميد، وقد كنت اصلي معه المغرب والعشاء في مسجده، لم أكن قد سمعت بالجابري من قبل ،ولكنني فوجئت حينما قال محمد العبد الكريم الرشودي رحمه الله “أتقرأ لشيخ العلمانيين؟“، ففوجئت بأنه يعرفه، وأنه قد قرأ له عدداً من المقالات في الشرق الأوسط .كان هذا صيف 1415هـ.وبعد أن قرأت “البنية” أعاد لي ترتيب كل ما قرأته في كتب العقائد التي حفظتها وقرأتها سنوات الطلب:لمعة الاعتقاد،الواسطية،الطحاوية،الحموية التدمرية.قرأت بعد ذلك كتاب “المحنة” لفهمي جدعان،الذي أحدث عندي زلزالاً…وبعد قراءتي لـ”تكوين العقل العربي”، الذي حفظت مقدمته عن ظهر قلب، عرفت حينها أنني أدخل طوراً آخر، فقد كان الأمر أشبه بانحسار الظل.ولكن كان الأمر يحتاج مني أربع سنوات أخرى لأتنفس الهواء وأزيل القشرة الفاسدة.
كما أن الاستعداد النفسي، والقدرة على التساؤل،والاعتراض، وكون الواحد يمتلك ملكة التأمل، والمراجعة والتساؤل، وحساً عاليا ًللاستجابة للمؤثرات، هي من أهم العوامل، فقد رأيت كثيرين قرأوا أضعاف ما قرأت، ولكنهم يتمتعون بقدرة خارقة على الثبات والجمود وهم يفتخرون دائماً بأنني مسكين قرأت كلمتين فانقلبت .
الثبات مطلقاً غير محمود كما أن التقلب مطلقاً والسيلان مذموم، وخصوصاً التحول الذي لا يأتي عن جدل داخلي، ومراجعة فكرية وقناعة تامة، بل بسبب مؤثرات عاطفية،أو فزعة دينية كما حصل لمجموعة ممن تطوعوا عقب المظاهرة النسائية عام 91م ثم ارتد أغلبهم إلى سالف أمرهم، و ما لاحظناه جميعاً بعد إيقاف رموز الصحوة في منتصف التسعينات، فقد كان الجميع يلحظ التراجع والانحسار الواضح في نسبة المتدينين ورجوع مجموعات منهم إلى حياتهم السابقة.
كما أنني لا أغفل عامل السجن فأنا قد مررت على السجن خمس مرات كان مجموع أحكامها عشرين عاماً ومجموع ماقضيته من المدة كان أربع سنوات.ولكن كلها لم تكن ذات تأثير عميق إلا المحطة الأخيرة حيث كنت أحس بإهانة بالغة أن يتم اعتقالي بتهمة بتفجير العليا في الوقت الذي كنت فيه أقرأ وأتبنى طروحات أقطاب الفكر والحداثة . ومع أنها كانت هي الأقسى، فقد كانت هي المرة الوحيدة التي انقلبت فيها معاملة رجال الأمن لي إلى تعامل مثالي ربما يصعب على البعض تصديقه، منذ لحظة القبض علي وحتى ساعة الإفراج. وليس سراً أنني كنت الوحيد الذي لم ينفذ عليه حكم الجلد الظالم الذي حكمت به لجنة القضاة التي عرضنا عليها، تنفيذ الحكم لم يستثن منه أحد من مجموعتي التي تجاوزت الثلاثين-حسب علمي- فقد قلت لهم إنني لم أتعرض لإهانة في المرات السابقة، وإن نفذتم الحكم فلن أسامحكم أبداً وسأكون أول الحاقدين،
وبالفعل لم ينفذ.وتلك لم أنسها أبداً…لم انسها أبداً..كنت أقول في نفسي أي إذلال أكبر من هذا حينما يكون معارفك حاضرين. حين يكون ابن أختك الضابط -في سجن بريدة العام حاضراً- وحمد العويس يشرف على التنفيذ .
لقد أثرت يا أسعد شجوني وأحزاني……..
على كل حال فعملية التغير الفكري لدى شخص ما قد ترجع إلى أسباب كثيرة ومعقدة، وماكان الفكر يوماً ما متعالياً عن الواقع، بل هو استجابة لمتغيراته يبحث عن الإجابة ويتفاعل مع المتغيرات، ولم تكن الوهابية إلا استجابة لمتطلبات سياسية وتاريخية.
…. عندما تزيل كثيراً من الإضافات،والاجتهادات المذهبية،وركاماً من المواضعات الاجتماعية ،وسنة الآباء ستفاجأ أن دائرة الإسلام تتسع للجميع.
أما حبيبي الشيخ عبدالكريم الحميد، فأنا لم أتتلمذ عليه بل كنت قريباً منه جداً وعبر سنوات مرت بمراحل مد وجزر، كنت أتحامق عليه أحياناً وهو يعفو ويتجاوز، هذا في السابق. كتبت عنه قبل سنوات في المجلة وأعدت الكتابة عنه في الوطن بكل ما أحمله له من حب وإعجاب وتقدير.أبقاه الله لأبنائه وأهله ومحبيه.
8-سؤال HMH :
الاخ الكريم الفاضل : منصور النقيدان
حفظك الله ورعاك ..
نرحب بك بيننا فى الوسطيه برغم إنشغالى الحالى إلا أننى رأيت المشاركه مع الاخوه ..
ولكن لن أسأل أسئله لك .. فأنا لاأعرفك إلا من خلال الصحف فقط ولكن سأناقشك كتربوى ومتخصص نفسى ..
والحقيقه المؤلمه هو ما تعيشه من تناقض فكرى فترى الاعجاب بعيون البعض وتعتقد أنه الحقيقه التى تنشدها ,,وسوف أتابع مع الاخوه حياتك لاحلل لك شخصيتك ولكن تصورى المبدىء عنك وذلك من خلال ما قرأت لك من رود عند الاجابه على إستفسارات الاخوه
تبين أنك تعانى .. وتعانى كثيراً ..رعاك الله وقد أجد أن لديك إضطراب سلوكى وهذا عفواً ليس ذماً لك حاشا لله ..فقط إستنتاج رعاك الله وقد تلعب التنشئه الاسريه دور فى ذلك ..أتمنى منك يا أخى تقبل كلامى كمتخصص فى المجال .ولا تاخذه كإهانه فليس من السلوك السوى وهو ما نعرفه كنفسيين الانتقال بين الضد فى تطرف أمر طبيعى فالامر الطبيعى هو إمتلاك الفرد للبصيره وإدراكه لذاته وتقبله لها وتقبله للاخرين ..فأنت رفضت المجتمع من منطلق طرف دينى ثم تقبلت المجتمع من منطلق تطرف تحررى
إذن أنت إفتقرت للفكر الوسطى الذى تمتع به إخوتك من نفس بيئتك .فقد يكون شىء فى الشخصيه حال دون ذلك
سعدنا بالمقدمه التى طرحت حولك وهى حفظك حفظك الله للقران وحفظ كتاب الله يثبتك على منهجه …
ولنا فى حديث رسول الله موعظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن بين يدى الساعه فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً ويمسى مؤمناً ويصبح كافراً القاعد فيها خير من القائم , والقائم فيها خير من الماشى ,.والماشى فيها خير من الساعى فكسروا قيسكم وقطعوا أوتاركم وأضربوا بسيوفكم الحجاره فإن دخل على أحدكم فليكن كخير إبنى أدم ) ..
فنحن هنا نريد لك الصلاح والهدايه بمحاوله تلمس الحقيقه والبعد عن تدليس المدلسين من مدعى الفكر اليبرالى أو العلمانى والذين أمتدحت صدقهم وإخلاصهم ..وهذا إنعكاس سلبى لما كنت فيه وينم عن فكر ليس ناضج وتأمل ما أشار إليه الاخ دافوس من ندم الرجل الطيب بإذن الله رحمه الله عليه صالح العزاز وندمه فنرجوا لك الهديه وكما يبدو ومن خلال ما عرفناه من تعلمك على يد بعض الشيوخ المتشددين وخذلانهم لك سبب لما أنت فيه من تناقض ولا نغفل دور الشخصيه الكبير فى ذلك ..
نرجوا لك كل توفيق وإن لم يعجبك حديثنا فلا ننشد لك إلا الهدايه بعيداً عن التطرف الممقوت فى كلا التوجهين (تشدد وتطرف دينى ,,أو تطرف فى منحنى العلمانيه أو الفكر الليبرالى أو التنويرى كما يدعى البعض ) فقط تلمس الحق فى كتاب الله وإتباع سنه نبيه فلن تظل بعدها بعيداً عن التكلف المنهى عنه وهو البحث عما وراء الغيبيات .أو الفلسفه المنهى عنها حتى لا تقع فى المحضور .
وفقك الله ورعاك وحماك من كل عبث العابثين والرجوع للحق والبعد عن الاساءه للعلماء مهما إختلفت معهم وإن خذلوك فالله مطلع على نيتك فلا تجعل من ذلك مبرر للزيغ والانجراف مع مدعى الليبراليه أو العلمانيه ..
ختاماً ..تقبل تحياتنا وإحترامنا كأخ
4-
العزيز.HMH
شكراً على هذه الرسالة.قد أكون كما ذكرته انت.مالمانع.؟ أعانك الله على أشغالك . عد إليها..مع تمنياتي لك بالتوفيق وتقبل فائق احترامي.
سؤال العزيز المفترس :
الأستاذ منصور النقيدان
1- هل يصح ما يشيعه البعض عنك ، من أنّ سبب زيغك هو أنّك اختلفت يوما مع الشيخ الزاهد عبد الكريم الحميد فطلب منك المباهلة ووافقت على ذلك ، وكان الرجل مستجاب الدعوة ؟
2- ألا ترى معي أن التباعد و التجافي في ناحية معينة بل والغلو في جانب ما ، يؤدي بصاحبه إلى ردّة فعل .. مساوية في القوة معاكسة في الاتجاه .. وأن السبب يرجع إلى مزاجك الشخصي لا الموروث السلفي ؟
الجواب عليه. ان الإنسان أياً كان لايستطيع ان يتألى على الله فيقول ان هذا هو سبب زيغي، فالزيغ قد يكون لأسباب اخرى، قد يرجع زيغي لبعض المعاصي، والكبائر التي قارفتها سراً أو علانية..وقد جاء عن الرسول “ص” وهو في المسند وأظنه صحيحاً أن العبد إذا اذنب الذنب نكت في قلبه نكتة سوداء، فما يزال كذلك حتى يصبح القلب أسود مربادا لايعرف معروفا ولا ينكر منكراً .
وقد يكون رؤية العبد لعمله ومنته به على ربه، وقد يكون محض إرادة الرب كما جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود مرفوعاً ان العبد ليعمل بعمل اهل الجنة حتى مايكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها.
حدثني أحد الزائغين يوما فقال: لقد كنت في السابق مخلصاً .صادقاً. وكنت يوم عرفة اجتهد ماستطعت بالدعاء والابتهال أن لايزيغ الله قلبي وكنت احياناً انزل إلى مكة والجأ إلى إحدى سواري الحرم باكيا متضرعاً إلى الرب أن يثبتني على الدين. وهذا الأمر لايعلم به أحد إلا الله ولم اخبر به احدا حتى ساعتي هذه. ولم ابح لأحد به إلا لك الآن وهاانا قد زغت.؟؟؟؟ …
.عزيزي المتفرس هل تعرف سببا واضحا لزيغ هذا المسكين؟.
يذكر العارفون ان المفكر عبدالله القصيمي (رحمه الله) كان من أسباب زيغه رؤيته لنفسه، وتعاليه على الخلق.
واعتقد ان من اكبر أسباب الزيغ هو التفكر،وإثارة الأسئلة،والتأمل الفلسفي. فاحذره رحمك الله. واهنأ بما انت عليه ولا تكن كابن ابي الحديد الذي قال:
سافرت فيك العقول فما**********ربحت إلا أذى السفر
حدثني أحد هم أن الشيخ أحمد العيسى أحد تلامذة الشيخ عمر بن سليم، –وكان أحد الذين حفظوا القصيدة النونية لابن القيم ،وهي 6 آلاف بيت عن ظهر قلب-كان يقول :سبحان الله ،هالبصيرة مايثبت عليها إلا البله،وأما الذكي النبيه، اللذي يكثر التسآل فقل أن يثبت“.
9-سؤال التميمي:
أستاذ منصور النقيدان
مرحباً بك بيننا في الوسطية
لأنني أعتقد أنك تمثل حالة متكررة في مجتمعنا فأنت لاتعني بقلقك وتحولك ذاتك المفردة بل تمثل جيلاً أو أجيال تعيش في هذا البلد 00لذا سأصيغ سؤالي على النحو التالي :
سيدي أتعتقد أن القلق سمة فردية في مجتمع يمر بمرحلة مخاض حضاري يتقاذفه من خلالها توقه للجديد وفي ذات الوقت خشيته من فقدان الإتزان القائم على الحفاظ على وممارسة الموروث 000أم أنه قلق جماعي تتباين مظاهره بين الأشخاص بحسب بيئتهم الأسرية وخلفيتهم الثقافية ؟؟
(أي هل تعتقد أن معاناة القلق محصورة في أعداد يمكن حصرها أم هي حالة عامه يعاني منها الجميع)
ثم من خلال تجربتك هل ترى أن متطلبات انتشال المجتمع ككل من حالته السائدة القلقلة إلى حالة أخرى ينفع معها الجهد التوعوي الهاديء
أم أننا بحاجة لصدمة أو صدمات عنيفة تستفز وتستنفر العقول وتشجع على التفكير بالموروث واعادة تقييمه وربما التمرد عليه ؟؟ (هل تعرضت أنت لصدمة من معارض فكري أجبرك على التفكير وإعادة التقييم لما أنت عليه أم أن الصدمة كانت فقط من خلال وصولك لخط النهاية في الغلو مما أجبرك على إعادة النظر أم أن هناك من جاهد لتوعيتك على مراحل )
تقبل التحية
5-
الإجابة على أسئلة الأخ التميمي
سؤال الخ التميمي:
أستاذ منصور النقيدان
مرحباً بك بيننا في الوسطية
لأنني أعتقد أنك تمثل حالة متكررة في مجتمعنا فأنت لاتعني بقلقك وتحولك ذاتك المفردة بل تمثل جيلاً أو أجيال تعيش في هذا البلد 00لذا سأصيغ سؤالي على النحو التالي :
سيدي أتعتقد أن القلق سمة فردية في مجتمع يمر بمرحلة مخاض حضاري يتقاذفه من خلالها توقه للجديد وفي ذات الوقت خشيته من فقدان الإتزان القائم على الحفاظ على وممارسة الموروث 000أم أنه قلق جماعي تتباين مظاهره بين الأشخاص بحسب بيئتهم الأسرية وخلفيتهم الثقافية ؟؟
(أي هل تعتقد أن معاناة القلق محصورة في أعداد يمكن حصرها أم هي حالة عامه يعاني منها الجميع)
ثم من خلال تجربتك هل ترى أن متطلبات انتشال المجتمع ككل من حالته السائدة القلقلة إلى حالة أخرى ينفع معها الجهد التوعوي الهاديء
أم أننا بحاجة لصدمة أو صدمات عنيفة تستفز وتستنفر العقول وتشجع على التفكير بالموروث واعادة تقييمه وربما التمرد عليه ؟؟ (هل تعرضت أنت لصدمة من معارض فكري أجبرك على التفكير وإعادة التقييم لما أنت عليه أم أن الصدمة كانت فقط من خلال وصولك لخط النهاية في الغلو مما أجبرك على إعادة النظر أم أن هناك من جاهد لتوعيتك على مراحل )
تقبل التحية
الأخ العزيز التميمي:
شكراً على مجموعة الأسئلة التي طرحتها.أما فيما يتعلق بالجزء الأخير، وهل تعرضت لصدمة من معارض فكري أجبرني على التفكير..إلخ فأعتقد أنني أجبت عليه في سؤال الأخ أسعد الذي قرأتُه، وأجبت عليه مباشرة قبل أن أطلع على سؤالكم الكريم.
أما فيما يتعلق بالسؤال الأول.فأنا أرى أن القلق بالمعنى الفلسفي لايكون إلا تجربة فردانية خاصة، وأما القلق الجمعي بمعنى أن يجد مجتمع ما نفسه (معلقا)ً بين التمسك بهويته- حسب مايتصورها- وبين منجزات الحداثة، فهو أمر مستبعد، إلا إذا كان الازدواج الاجتماعي وخضوع أفراد مجتمع ما لنظامين اجتماعيين متنافرين يؤدي بالتالي، إلى قلق على المستوى الشخصي.ربما. وعلى كل فالمحصلة أن القلق بالمعنى الذي ذكرته عزيزي هو تجربة شخصية بحتة.وهو لا يأتي إلا عن وعي.
ولمَ نبتعد إلى بروج التنظير؟.
أنظر إلى نفسك هل تحس أنك تعاني من القلق، وإذا كنت الآن تجد ذلك، فهل كنت من قبل تحس أن لديك مشكلة مع التكيف مع منجزات الحداثة في الوقت الذي تمارس فيه طقوس الدين، وتنصاع فيه للأعراف الاجتماعية. دعني أضرب مثالاً ظريفاً: ألم تر يوماً شخصاً قد أطلق للحيته العنان حتى يلقى الله، وقصر ثوبه إلى أنصاف الساقين، ويركب آخر موديلات المرسيدس الألمانية بيده اليمنى الموبايل، وعلى شماله اللاب توب، وينتظر فراغاً من الوقت ليكتب في منتدى “السلفيون”،أو “الفجر”، ليكتب دفاعاً مستميتاً عن أبي قتادة، أو عن أسامة. وربما يكون له نجل سيكمل تعليمه في بريطانيا.وهو يعيش نعمة وحبوراً، مغتبط حتى الثمالة: كيف أن الله فتح له أبواب رزقه، وسخر الكفار لخدمته.
هذا أمر نعرفه في مجتمعنا ومن أهلنا فلمَ الابتعاد؟
المجتمعات لديها قدرة خارقة على التكيف والتوفيق. قد يبدو ذلك للمحلل والدارس أعراضاً مرضية، وداء دوياً في المجتمع. ولكن الناس يعيشون ولا يحسون أن لديهم مشكلة ما، قد يتأقلمون على الألم والعذاب ولكنهم يعيشون، أذكر كلمة قالها ديستويفسكي وهي أن البشرية تتطهر عبر آلام الأمة والشعب الروسي.
وما تذكره هو مهمة المصلحين والزعماء على مر التاريخ، وإذا كان الخوف على الهوية، فالهوية لم تكن يوماً نسقاً مغلقاً بل كانت ومازالت نسقاً مفتوحاً قابلاً لاستيعاب وإضافة الجديد، أولفظ آخر لا يتوافق وجوهر الهوية. وهويتنا الإسلامية ليست دائرة مقفلة، أو جوهراً فرداً لا يقبل الاختراق أو التفاعل مع الآخر،بل هويتنا تتشكل على الدوام.مع جوهر متماسك هو نسغها.
أما التوعية الهادئة فلا أدري ماتقصد، غير أن الرهان على “الإسلامية”، هي طامة كبرى، فنحن بحاجة إلى إسلام متصالح مع الآخر، إسلام لا يعرف الكراهية للآخرين من أجل معتقداتهم أوتوجهاتهم. نحن نحتاج إلى لوثرية جديدة، وإعادة تفسير “جريئة” للنص الديني لكي نتصالح مع العالم .
فبعد سبتمبر بدت عوراتنا الحقيقية، وتهاوى الجينز، ليبدو من تحته العباءة العربية القذرة، العالم أدرك أننا نكن له كرهاً متجذراً في نصوص ديننا، وعرف أننا لانعرف لأحد كرامة إلا أبناء ديننا، وأن الآخرين لاحرمة لدمائهم وأموالهم، إلا من دخل تحت العهد بالذمة، حيث يلبسون لبوس الصغار. نحن نحتاج إلى إسلام كإسلام الجيل الثالث اليوم من أبناء المسلمين في فرنسا.
أما الصدمات فقد مر بنا يوماً شيء لاباس به منها..
…. ألا تذكر يوماً “أن الحضارات مرت من حولنا ….وأن الزلازل مرت من تحتنا…. وأن العواصف هبت من فوقنا….ونحن وقوف كأعمدة الكهرباء…نحملق مثل البهاليل صوب السماء“..
أنا يائس من أي بارقة أمل في المدى المنظور، مالم تحدث تغيرات جذرية وهائلة على المستوى الاجتماعي في المقام الأول….فالمصالح الحقيقية للبشر..فوق دعاوى الهوية، والكرامة،والسيادة…
..ربما….ربما حينها يحصل شيء ما..ولكنه سيكون بعيداً عن هذه الصحراء..
10-سؤال علي بشار أبو غيلان:
الاستاذ منصور النقيدان … طابت لك التحولات .. كلما وجدت ..أن ذلك خروج إلى إنسانية الاسلام العظيم ..
بالحقيقه ..لم يمر على الوسطية من ضيوفها من كان بمثل هذه الشفافية والوضوح .. بل انت – حفظك الله – ابدعت في رسم ( مذكرات او يوميات ) النقيدان .. وفي حال مجتمعنا ..لم نتعلم .. ان نقول ( كل ) مانعرفه حتى عن انفسنا فمابالك عن غيرنا . شكرا لهذا الوضوح .. لوتعلمناه .. وكاشفنا على الاقل أنفسنا .. وصارحنا ذواتنا .. بما يشغلنا وما مر علينا ومامررنا به .. لأنجزنا ( سيرة تحولات مجتمع ) عن طريق افراده ..
مداخلتي هي :
كيف نستطيع .. الخروج من ضيق فهم مجتمعنا للاسلام إلى سعة الاسلام .. ونحن ( نقع فرائس للفهم السائد )
كيف لايبصر ( المتجمدون ) على الفهم القاصر للاسلام .. بعد كل هذه الاحداث والمستجدات والفتوحات الفكرية .. والتحولات من عشرات او مئات من ابناء هذا المجتمع .. أن ( برنامجهم ) في حشو الاذهان بفهم من سبق للاسلام ..لم ينفع .. حين ألمت بالأمة .. هذه الازمات ..
شكرا … لتميزك عن ضيوف الوسطية بهذا الوضوح والتجلي .. تجلي الواثق من صحة مساره .
6-
الإجابة على أسئلة العزيز أبو غيلان
الإجابة على سؤال الأخ العزيز علي بشار أبو غيلان
السؤال:
كيف نستطيع .. الخروج من ضيق فهم مجتمعنا للإسلام إلى سعة الإسلام .. ونحن ( نقع فرائس للفهم السائد ) ؟.
كيف لا يبصر ( المتجمدون ) على الفهم القاصر للإسلام .. بعد كل هذه الأحداث والمستجدات والفتوحات الفكرية .. والتحولات من عشرات أو مئات من أبناء هذا المجتمع .. أن ( برنامجهم ) في حشو الأذهان بفهم من سبق للإسلام ..لم ينفع .. حين ألمت بالأمة .. هذه الأزمات ..
الإجابة:
شكراً للعزيز علي بشار أبو غيلان على هذا السؤال.
أنت لو قرأت القرآن لوجدته يذم اتباع سنن الآباء والأجداد، من دون بصيرة أ وبينة، ولو قرأت لعلمائنا الأوائل وفقهائنا السابقين، لرأيت تراثاً هائلاً في هذا الموضوع، ولو قرأت لكتابات المعاصرين اليوم من أصحاب التوجه الإسلامي لما أخطأت عينك كتباً تتناول هذه القضية،
فالإسلام الذي جاء به محمد”ص”واحد، ولكنه غدا من بعده إسلامات عدة، وقراءات متنوعة، ومذاهب شتى، وما أتمناه ليس هو تغيير نمط التدين المحلي، فهذا يحتاج إلى ثورة على أكثر من صعيد،وهي بعيدة المنال حسب ما أراه، ربما أن قد أشرت إليها فيما سبق من إجابات.
المشكلة الكبرى هو أن الدين لدينا قد انعجن بالسياسة، حتى أن الواحد لا يدري أحياناً أهو يلامس التابو الديني، أم يقارب المحرم السياسي.
ومثال على ذلك أن الخلاف الشهير بين الشيخ إبراهيم بن حمد الجاسر، وخصومه، كان في كفر الدولة العثمانية، وتحريم السفر إلى بلاد الشام، ومصر،والعراق. وقضايا أخرى كالتوسل والتبرك، وعبد الله بن عمرو بن رشيد رحمه الله، قُتِل حرابة في قلب الرياض لخلافه الديني السياسي مع آل الشيخ في قضايا مشابهة.
وابن سعدي رحمه الله لم يكن ليلقى ذلك التضييق والإذلال حتى يبلغ الحال أن يستدعيه الملك عبدا لعزيز ويقول له: اسمع ياعبدالرحمن .هذا اليمن ( المنطقة الجنوبية) يحتاج إلى طلبة علم، وهم يحتاجون إليك لم لا تذهب؟. أنا لم أقتل إلا عالماً واحداً .هو ابن عمرو، أما ابن جاسر فأنت تدري ما نهايته”(مات مهاجراً طريداً غريباً في الزبير).
أفتى ابن سعدي أن الطلاق بالثلاث واحدة، وهذا قد يكون مستساغاً لدى الإمام عبدا لعزيز، لولا أنه وعدداً من علماء عنيزة كان يشار إليهم دائماً بضعف الولاء السياسي، فابن سعدي كان يدعو للخلافة العثمانية التي يكفرها آل عبد اللطيف وأتباعم والموالون لهم من علماء ومطاوعة نجد، وغيرها. وبعد طباعة تفسيره الطبعة الأولى التي ذكر فيها أن يأجوج ومأجوج هم أمم الصين والتتر الذين غزوا البلاد الإسلامية منتصف القرن السادس اشتد الأمر عليه حتى اضطر مع التهديد إلى إزالته في طبعة لاحقة.
وكان علماء عنيزة الشرفاء دائماً محلاً للسخط والتأنيب، فهذا عبد اللطيف بن عبدا لرحمن في رسالته إلى ابن صعب في جلاجل، يشير إلى أن أهل عنيزة” قد أعيا داؤهم الأطباء”. وكانوا قد ضيفوا ابن جرجيس، وأنزلوه بينهم بكل تقدير وحفاوة – وهو حنبلي تيمي عراقي، ولكنه كان من خصوم الوهابية شأن غيره من علماء الحنابلة في نجد والأحساء كابن فيروز وابن عفالق وابن منصور وغيرهم.
وقبل سنوات حكمت لجنة من القضاة على مجموعة من الشباب بأحكام تعزيرية لأنهم أقاموا صلاة الغائب على الراحل عبدالله الحضيف رحمه الله.! هل تصورت كيف اختلط السياسي بالديني حتى بلغ هذا المستوى؟!
أعتقد أن الحل يكمن في أن يكون هناك حرية، وأن يطرح الجميع ما لديهم، وأن يبقى الجدل الديني بعيداً عن السلطة السياسية وتدخلاتها.
كنت أقول قبل يومين مع أحد الأخوة: أنا لا أطالب بقمع ناصر الفهد، ولا بإسكات بن خضير، ولا بسجن العلوان.لا.دعوهم ليقولوا مايشاؤون، مالم يبلغ إلى حد العدوان أو التحريض بالقتل، أو أن يدخل في حيز التجريح الشخصي البحت. أما أنا لامشكلة لدي-كما هو رأي د. تركي الحمد- مع من يكفرني. ولكن في المقابل سأقول أنا ما أراه وما أقتنع به، وسأنتقدهم، وسأرد عليهم إذا رأيت ذلك.
ولكن هذا الحق لن تناله مادمت ستقف في طوابير الانتظار.
خذه من فك الأسد، وقاتل دونه…وياما..ياما.. في هذا الطريق ضحايا..وغرباء…ومكاسير.
نحن الذين علينا أن نوجد حريتنا، مادام أن من بيدهم القرار سيفكرون طويلاً قبل أن يفتحوا الأقفال، في الوقت الذي يملؤ قلوب بعضهم الرعب والهلع من إيقاف مشايخ التكفير والإرهاب،أو التعرض لهم، يمنع من الكتابة نخبة من أفضل كتابنا!.
لاتنس أيها العزيز أبا غيلان أن بلدنا المترامي الأطراف يحوي مدارس فقهية متنوعة كالشافعي، والمالكي، وأنه يضم مذاهب دينية من الشيعة، والصوفية، والإسماعيلية، وغيرهم.
ولو رفعت السلطة يدها وكفت عن محاولة مسخ الآخرين عبر عقود من الزمن، وانتهت عن الإصرار على أن يكون البلد لوناً واحداً- وستفعل لا محالة ولكن بعد فوات الأوان وحلول المثلات- وتركت لهذا التعدد أو التنوع- كما يحب البعض أن نعبر- أن يرى النور ويتنفس لعلمت أن أصحابنا في القصيم والرياض،وأن هذا اللون من التدين “الصحوي” هم لا يشكلون إلا لوناً واحداً من ألوان الطيف المذهبية والدينية. أعتقد أنك تطمح إلى هذا الانفراج بالتأكيد. وهو شيء عملي، وممكن جداً. وليس مستحيلاً. وأما أنا فأطمح إلى ماهو أكبر من ذلك.
أما تساؤلاتك عمن يحشون العقول بدين الآباء والأجداد.لم لم يتغيروا؟ فأنا اتفق معك تماماً.
11-سؤال النفس المتحررة:
منصور النقيدان ..
بعد التحية ..
س/1
من ( تهمة ) إحراق محل الفيديو ..
إلى ( تهمة ) إحراق الموروث ..
أين كان النقيدان ..
وإلى أين يريد أن يصل .
س/2
أسرى كوبا هل لهم مساحة في تفكير النقيدان ؟!
وما هي معالمها إن وجدت !
س/3
الوضع الراهن داخليا وخارجيا ..
كيف ينظر له النقيدان ..
وكيف يرى المستقبل من خلاله ؟
س/4
ما يسمى بـ( الصحوة) ..
كيف ينظر لها النقيدان ..
في الماضي ، والحاضر ، والمستقبل .؟
س/5
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ..
هكذا يرى البعض ( مسيرة ) النقيدان ؟
فكيف يراها هو ؟
وكيف يرى من يطبقها على نفسه ..
في ظل خيبة الأمل وفقا للنتائج المؤلمة ..
فتراه يصف نفسه بالعلماني أو الليبرالي ..الخ
دون أن يعي حدود هذا الوصف ومستلزماته !!
( لهذا السؤال هامش أرحب إن ضاق في السؤال الأول) !!
7-
الأخ العزيز النفس المتحررة ،شكراً على هذه الأسئلة، ولكن كما ترى أن أكثر الأسئلة قد تضمنتها إجاباتي السابقة على أسئلة الأخوة المشاركين:
* أما إحراق الفيديو فليست تهمة، بل شيء فعلته، وتحدثت عنه في مقال قديم وفي الإجابة الأولى من هذا الحوار، وأما إحراق التراث فلا أعلم ما تقصده، إلا أن يكون نقده وتجاوزه معرفياً.
*أما من يصف نفسه بالعلمانية أو الليبرالية دون أن يعي حدود هذا الوصف ومستلزماته. فهذا السؤال يوجه إليه، أما أنا فإن اعتنقت الليبرالية، أو العلمانية، فأنا أدرك ما أقوله، وأدرك أبعاده.
*أما الوضع الراهن داخلياً وخارجياً فلا يبشر بخير ألبتة.
*أما أسرى جوانتنامو فليس لهم في تفكيري أو اهتمامي أي مكان. ولكنني أظن أنهم اليوم وفي المستقبل سيكون التعامل معهم أفضل من سجون بعض الدول العربية. ألا تلاحظ أن منهم من يراسلون أهاليهم؟.
في سجن دولة عربية، بقي أحدهم سنتين وأهله لا يعلمون عن مصيره شيئاً، ومنهم من خرجت زوجته من الحداد عليه، ثم خرج إلى الحياة.
شخصياً مضى علي عشرة شهور وأهلي لا يعلمون أين أنا.
قبل أيام طلبت مني مجلة المجلة مشاركة حول أوضاع أسر معتقلي جوانتنامو ،وهي مشاركة لم تنشر حتى الآن حول هذا الموضوع، وهذا جزء منها قد يكون فيه إجابة لسؤالك:
“…. إن قسطاً كبيراً من المسئولية يتحمله الخطباء والدعاة الذين يغرسون فكرة الجهاد في أذهان الشباب ثم لايكونون قدر المسؤولية برعاية عوائل المجاهدين، فإن وراءهم عوائل لاذنب لها، وأنا أعرف حالات لم يكن الأهل راضين عن سفر ابنهم، ولا الزوجة راضية عن خروج زوجها. وإذا كان أولئك المشايخ يرون أن ذلك جهاد، ومعظمهم لم تغبر قدماه في “سبيل الله”، بل استمروا في الدعوة إلى الجهاد وتهييج الشباب، وبقوا مع المخلفين، ومنعوا أبناءهم من الخروج، لأنهم يرون أن على الأبناء أن يعلموا أن “رضى الله من رضى الوالدين” وأنه لا يجوز أن يخرج الابن حتى يستأذن والديه ، فعليهم أن يعلموا أن الرسول” ص”كان يخلف أهل المجاهد وأبناءه من بعده حينما يستشهد بخير، فيصونه ويقوم بالإنفاق عليهم ورعايتهم حتى يعود المجاهد، أو يغنيهم الله من فضله إن كانوا قد فقدوا عائلهم. وإذا كان بعض المشايخ ومازالوا يدفعون أبناءنا إلى الخروج والجهاد، ثم يتخلون عن واجبهم تجاه أسر المجاهدين، أو المعتقلين منهم في الخارج، والموقوفين منهم في الداخل، فإن موقف الحكومة كان دائماً أكثر نبلاً حيث كانت تقوم دائماً برعاية عوائل وأسر الموقوفين منهم في السجون لأسباب أمنية، حيث يصرف لكل واحد منهم إن كان له زوجة وأبناء أو أسرة يعيلها، نفقة شهرية مجزية، وبدل سكن سنوي. ويتضاعف الإنفاق كلما زاد عدد زوجاته. وهذا ما أتمناه: أن يتم التعامل مع عوائل بعض الذين غرر بهم من الموقوفين في الخارج أو المفقودين كما تتعامل الحكومة مع الموقوفين منهم في الداخل.فهم أبناؤها ومواطنوها.
وأخيراً فأهل المجاهد لا يختلفون عن غيرهم من الأسر التي تحتاج إلى اهتمام المؤسسات الخيرية، وأهل الإنفاق والبر، فهناك عوائل فقدت معيلها، أو تعرضت لفقر مفاجئ. وعلى كل فقضية الاهتمام بعوائل المجاهدين أو المعتقلين في جوانتاناموا هي لا تختلف عن غيرهم ممن يواجهون نفس المصير والحال في بلادهم. ولم تبلغ حتى الآن مستوى الظاهرة المقلقة .
….هي تستحق الاهتمام نعم .ولكنها لاتحتل الأولوية.
* أما إحراق الفيديو فليست تهمة، بل شيء فعلته، وتحدثت عنه في مقال قديم وفي الإجابة الأولى من هذا الحوار، وأما إحراق التراث فلا أعلم ما تقصده، إلا أن يكون نقده وتجاوزه معرفياً.
*أما من يصف نفسه بالعلمانية أو الليبرالية دون أن يعي حدود هذا الوصف ومستلزماته. فهذا السؤال يوجه إليه، أما أنا فإن اعتنقت الليبرالية، أو العلمانية، فأنا أدرك ما أقوله، وأدرك أبعاده.
*أما الوضع الراهن داخلياً وخارجياً فلا يبشر بخير ألبتة.
*أما أسرى جوانتنامو فليس لهم في تفكيري أو اهتمامي أي مكان. ولكنني أظن أنهم اليوم وفي المستقبل سيكون التعامل معهم أفضل من سجون بعض الدول العربية. ألا تلاحظ أن منهم من يراسلون أهاليهم؟.
في سجن دولة عربية، بقي أحدهم سنتين وأهله لا يعلمون عن مصيره شيئاً، ومنهم من خرجت زوجته من الحداد عليه، ثم خرج إلى الحياة.
شخصياً مضى علي عشرة شهور وأهلي لا يعلمون أين أنا.
قبل أيام طلبت مني مجلة المجلة مشاركة حول أوضاع أسر معتقلي جوانتنامو ،وهي مشاركة لم تنشر حتى الآن حول هذا الموضوع، وهذا جزء منها قد يكون فيه إجابة لسؤالك:
“…. إن قسطاً كبيراً من المسئولية يتحمله الخطباء والدعاة الذين يغرسون فكرة الجهاد في أذهان الشباب ثم لايكونون قدر المسؤولية برعاية عوائل المجاهدين، فإن وراءهم عوائل لاذنب لها، وأنا أعرف حالات لم يكن الأهل راضين عن سفر ابنهم، ولا الزوجة راضية عن خروج زوجها. وإذا كان أولئك المشايخ يرون أن ذلك جهاد، ومعظمهم لم تغبر قدماه في “سبيل الله”، بل استمروا في الدعوة إلى الجهاد وتهييج الشباب، وبقوا مع المخلفين، ومنعوا أبناءهم من الخروج، لأنهم يرون أن على الأبناء أن يعلموا أن “رضى الله من رضى الوالدين” وأنه لا يجوز أن يخرج الابن حتى يستأذن والديه ، فعليهم أن يعلموا أن الرسول” ص”كان يخلف أهل المجاهد وأبناءه من بعده حينما يستشهد بخير، فيصونه ويقوم بالإنفاق عليهم ورعايتهم حتى يعود المجاهد، أو يغنيهم الله من فضله إن كانوا قد فقدوا عائلهم. وإذا كان بعض المشايخ ومازالوا يدفعون أبناءنا إلى الخروج والجهاد، ثم يتخلون عن واجبهم تجاه أسر المجاهدين، أو المعتقلين منهم في الخارج، والموقوفين منهم في الداخل، فإن موقف الحكومة كان دائماً أكثر نبلاً حيث كانت تقوم دائماً برعاية عوائل وأسر الموقوفين منهم في السجون لأسباب أمنية، حيث يصرف لكل واحد منهم إن كان له زوجة وأبناء أو أسرة يعيلها، نفقة شهرية مجزية، وبدل سكن سنوي. ويتضاعف الإنفاق كلما زاد عدد زوجاته. وهذا ما أتمناه: أن يتم التعامل مع عوائل بعض الذين غرر بهم من الموقوفين في الخارج أو المفقودين كما تتعامل الحكومة مع الموقوفين منهم في الداخل.فهم أبناؤها ومواطنوها.
وأخيراً فأهل المجاهد لا يختلفون عن غيرهم من الأسر التي تحتاج إلى اهتمام المؤسسات الخيرية، وأهل الإنفاق والبر، فهناك عوائل فقدت معيلها، أو تعرضت لفقر مفاجئ. وعلى كل فقضية الاهتمام بعوائل المجاهدين أو المعتقلين في جوانتاناموا هي لا تختلف عن غيرهم ممن يواجهون نفس المصير والحال في بلادهم. ولم تبلغ حتى الآن مستوى الظاهرة المقلقة .
….هي تستحق الاهتمام نعم .ولكنها لاتحتل الأولوية.
الإجابة على سؤال الأخ فرساي هوم
12-سؤال فرساي هوم:
الأستاذ منصور السلام عليكم: سأنتقل من السؤال عن شخصية منصور النقيدان إلى سؤال عن مانحن فيه من ظروف عصيبة هو أين دور العلماء والمفكرين عن واقع الأمة اليوم وما رأيك بمن يقول إن الحل هو في طريق الجهاد والجهاد فقط بالطبع جهاد الشيخ أسامة ومن معه وشكرا لك.
8-
شكراً للأخ المكرم فرساي هوم على هذا السؤال.
الجميع يقوم بدور ما، ولكنه التخبط ، والتيه، والضياع….. وما تعانيه أمتنا حسب رأيي هو تأزم وتقهقر على شتى المستويات الثقافي والاجتماعي والسياسي،والتقني…
كم أكره هذا الحديث فهو كلام مكرور ممل…
بداية الشفاء لاتأتي إلا بعد الإقرار بالمشكلة….والمشكلة ثقافية في المقام الأول، ألقت بظلالها على كل المستويات..علينا أولاً أن نعترف بأننا لؤماء، نعض اليد التي تحسن إلينا، وأننا نجحد فضل الآخرين علينا، وندعي ونحن التافهون أننا نحن الذين علمناهم، ونورناهم، وأنهم اليوم يصطلون بقبس حضارتنا الغابرة، ونصرخ كالمجانين، حينما تفتح لنا كوة نحو النور والضياء.راضين أن نقبع في أماكننا كالزواحف …نتناسل في الغرف المغلقة، لتتوالد العقارب ويضج بها المكان ويضيق حتى تلتفت إلى نفسها وتلدغ بعضها بعضاَ،والعالم ينظر إلينا بكل سخرية.
.أما أن يكون الحل هو الجهاد، وأن يكون البناء هو الهدم..والعدم. وأن يستجلب الحب بقتل الأبرياء والأطفال، والسلام عبر الاحتراب، والأمل عبر ثقافة الاستئصال والقتل، فهو ما يصعب على العقل السوي فهمه………
الجنون الذي نراه اليوم عرض من أعراض المرض والعلة التي استشرت في جسد هذه الأمة وثقافتها، وهذه راجعة أساساً إلى تراث متعفن، وثقافة الصديد والضحالة التي يربى أبناؤنا عليها صباحاً ومساءً، في المساجد، وعبر خطب الجمعة، وفي دروس الدين، ومن إذاعة القرآن الكريم، ومن قناة المجد.
قد يكون في القادم المجهول شيء يحرك الساكن، ويعيد تشكيل الأوضاع، ويحدث صدمة هائلة تصل آثارها أعماق الأعماق. لعل وعسى.
13-سؤال محمد المسلم:
السلام عليكم ورحمة الله ..
الأخ : منصور وفقه الله .
أولاً : كتبتَ في مواضيع متفرقة كان منها مقال عنوانه : واجب العالم مشاركة أمريكا في إماطة الأذى عن البشرية ! ..
وعُلّق عليك تعليقات كثيرة ، منها على سبيل المثال ، هذا المقطع :
عجبت حقيقة من كيفية قراءة الكاتب : منصور النقيدان ، للفكر الغربي تجاه الإسلام ، وهو ممن يقرأ القرآن .. بل إنه يزداد عجبي أكثر حين تهمس إليَّ نفسي بأن الكاتب : منصور ممن درس العلوم الشرعية ! ومع ذلك يقول هذا الكلام .. لكنني أجزم بأن الدراسة التي تلقّاها بالمنهج التقليدي ( اخوان الخبيبية ) ـ التي لم تكن على ذاك المستوى من التأهيل ـ هي من الأسباب التي جعلته يتحول ليقول في الأخير هذا الكلام ، الأمر الذي جعله يتصور ـ من حيث يشعر أو لا يشعر ـ أن بعضاً مما جاء به القرآن مما لا يتناغم مع الفكر الغربي ما هو إلا إفراز لتلك العقلية التي نشأ عليها في أوّل أمره ، وليس هو مما يهدف إليه القرآن ، أو بمعنى آخر ، هو يريد لنا أن نتمثل ( القرآن الأمريكي ) بتفسير الشيخ : بوش ، والشيخ : توني بلير ، لنكون مسلمين متقدمين !! .
ومن خلال مراقبتي عن كثب المنهج التقليدي ( المذهبي ) الذي نشأ عليه الأخ منصور في أوّل حياته ، بل لا أخفيكم سراً أنّ لي أقاربَ لا يزالون على ما كان عليه الأخ منصور في سابق عهده ، الأمر الذي جعلني أتعمّق إلى حدٍّ ما في دَرْسهم ، وبالتالي فهمتُ كيف يكون تفكير الكاتب : منصور بعد انتقاله إلى المطالعات الفكرية المحضة ، وكيف يفكر غيرُه من شبابنا الذين استبدلوا التدبر والتفكير في آيات القرآن ، بإفرازات عقول الغافلين ، والمرء أسير ما يقرأ ، شاء ذلك أم أباه .. وصدق الله : ( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) ، وهم كذلك يعلمون ظاهر الفكر ، وهم عن حقيقته هم غافلون .
وقد نُشر في منتدى ( الوسطية ) قبل فترة مقالٌ للمذكور عُنْوِنَ له بهذا العنوان : واجب العالم مشاركة أمريكا في إماطة الأذى عن البشرية .. وهو عنوانٌ يكشف للقارئ مدى ظلام البصيرة لدى الأخ منصور ، نسأل الله لنا وله العافية ؛ إذْ كيف يمكن لمسلمٍ أن يقول : بوجوب مشاركة النصارى الصليبيين في حلفٍ ضد إخواننا المسلمين مهما بلغ اختلافنا معهم ، وهم ـ الصليبيون ـ الذين مافتئوا يبوحون بالقصد من هذه الحرب في أروقتهم السرية ، بل بدا ذلك منهم علانيةً ، وصدّقته الممارسة الحالية في حربهم للمسلمين الأفغان ، من استهدافهم المدنيين ، والمساجد ، والمستشفيات … والتعبير من الكاتب : بإماطة الأذى ( هكذا : إماطة الأذى عن البشرية ) تعبيرٌ له دلالته التي تعكس الانحراف الفكري لديه عن هدي القرآن والسنة .
الواجب ـ حقاً ـ مشاركة المجاهدين الصادقين في إماطة أذى ( الصهيو أمريكية ) عن البشرية ، لا مشاركة الصليبيين !! .
وكنتُ عزمتُ حين صدور المقال على دَرْسه بموضوعية لنتبين الحقيقة عملاً بالمنهج الحواري الذي يطالب به الأخ منصور . لكن توالي المشاغل عليّ جعلتني أبتعد عمّا عزمتُ عليه . وأثناء بحثي في إرشيفات ( الوسطية ) وقفتُ على عرضٍ جاء بعنوان ( هكذا تعلمتُ في المسجد .. محاولة للفهم والتفكير بصوتٍ مسموع ) عزز ما توصلتُ إليه من أنّ الأخ منصور حين يتصور بعض مبادئ الإسلام ، يتصورها على الصورة التي نشأ عليها أيام ( الغلو ) الديني في مدرسة ( الخبيبية ) ما جعله يحاول النزوع عن ذاك التصور ، فتضاربت عليه التصورات الأمر الذي جعله يقع في النقيض من تفسير بعض معاني الإسلام بغير ما جاء به الإسلام متوهماً أن ذلك هو معنى سماحة الإسلام ورحمته .
ذكرتني حال الأخ منصور بحال الشيخ محمد عبده لمّا صار ينكر الخرافات والشعوذات المنتشرة بفعل الصوفية في ربوع العالم الإسلامي ، وفي أرض الكنانة على وجه الخصوص ، فصار يحارب وينكر هذه الخرافات حتى بلغ به الأمر ـ كنتيجة لرد الفعل ـ أن أنكر عذاب القبر ونعيمه ، وسؤال الملكين في القبر للميت إلى آخر تلك الغيبيات التي هي مما جاء الإسلام بإثباتها . والحال هذه هي الحال التي وقع فيها الأخ منصور حين يدعو إلى التسامح الديني وعدم الغلو ، ونحن ندعو إليه ، لكنّ التسامح الذي يدعو إليه القرآن لا يمكن أن يقرّ مثل هذا العبارة التي جاءت في مقال ( هكذا تعلمت في المسجد ) :
( شارك عدد من العلماء ومنهم من هو عضو في هيئة كبار العلماء في حوار الأديان ، وفي وفود إلى الفاتيكان ودعوا إلى الحوار مع الغرب ، وأخفقوا في أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم وآذانهم لإخوان لهم في الدين ) أ.هـ .
تأمّلوا هذه العبارة ( وأخفقوا في أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم وآذانهم لإخوان لهم في الدين ) ..
ونحن نعلم أن د. يوسف القرضاوي قد صرح بعد حوار جرى قريباً بين الأديان أن الفاتيكان لم يعترف بأن الإسلام دين سماوي !! ما أثار د. يوسف القرضاوي فصرح حينها بأن التعصب لا يمكن أن يزول حتى تعتدل النظرة للإسلام !! .
اخوّة الدين لا تكون بين المسلم ، واليهودي أو النصراني مهما حاولنا التلفيق والتطبيع ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ) .
أليس في تقرير اخوّتهم لنا في الدين يعني إقراراً ضمنياً باعتبار دينهم ديناًَ سماوياً صحيحاً يسوغ إتباعه ، وفي هذا ما فيه من تسويغ عقائد الكفار وتصحيح أديانهم ، وهو من جهة أخرى تكذيب لعمومية شريعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ للناس جميعاً ، ولنسخها جميع الأديان بما في ذلك اليهودية والنصرانية ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاُ الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلاماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) . إنه لا يسمع بهذا الدين ـ الإسلام ـ يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن به إلا كان من أهل النار كما جاء ذلك في صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام ، وهذا من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة .
ما رأيك بهذا المقطع من جهة نقدية شرعية .
هل لا يزال الأستاذ : منصور على أفكار ذلك المقال القنبلة ، أو هو تراجع عنه بعد إنكشاف المكنون في الحرب الصليبية ..
وهل استفاد من النقد الشرعي الموجه له من قبل الآخرين ، وما هو تقييمه للعملية النقدية الشرعية المعاصرة ؟ .
وفقني الله وإيّاك للهدى ودين الحق .
9-
الأخ المكرم محمد المسلم شكراً على سؤالك.
المقطع الطويل الذي نقلته خلط بيني وبين أخي سليمان النقيدان فهو كاتب مقال”واجب العالم مشاركة أمريكا في إماطة الأذى عن البشرية “، وليس أنا. والمقال نشرته الشرق الأسط اللندنية.
أما المقطع الذي نقلته ورأيي فيه من منظور شرعي تقدر تقول: “يعني… ماشي..مش بطال.. وإن كنت لم أفهم أكثره.
أما سؤالك الكريم الآتي:
هل لا يزال الأستاذ : منصور على أفكار ذلك المقال القنبلة ، أو هو تراجع عنه بعد انكشاف المكنون في الحرب الصليبية ..
وهل استفاد من النقد الشرعي الموجه له من قبل الآخرين ، وما هو تقييمه للعملية النقدية الشرعية المعاصرة ؟ .
فالجواب نعم .مازلت على تلك الأفكار التي ضمنتها مقالي”هكذا تعلمت في المسجد”، وأنا أزداد بها قناعة يوماً بعد يوم….
الخلاصة أننا بحاجة إلى إسلام جديد من قبل سبتمبر و”الحرب الصليبية“، ومن بعد سبتمبر.هي ضرورة ذاتية مرتبطة بوجود الأمة وكيانها.
الإنسان تجاه النقد سيستفيد قطعاً، فإما أن يراجع بعض أفكاره، ليزداد قناعة، أو يعيد التفكير في بعضها، ويتراجع عن بعض ما اتضح له أنه بعيد عن الصواب. في كل الأحوال أنا قد استفدت من كل ما كتب حولي.معي أو ضدي.
أما العملية النقدية الشرعية المعاصرة ، فما المقصود بها؟.
14-سؤال:”أبو فهر”
الأستاذ الكبير: منصور بن إبراهيم النقيدان
حقيقة إثارتك للجدل وحدها تكفي دليلا على أنك (شيء) غير عادي صحيح أننا لا نوافق أحدا على عامة أفكاره بيد أنك وحدك من أنقذ الصحوة من الهالوك…
الحرية التي أبدعت صياغتها ضمنيا عبر قنابل مقالاتك تعتبر انجازا باهرا….
صدقني أن لك فضلا علينا حيث أعدت للخطاب الاسلامي لمعانه وبريقه…
أذكر أن ثمة حوار دار بينك وبين خالد الشايع…..أعجبني الوعي الكبير الذي تحمله وتقبره في داخلك…
السؤال طبعا حول التحول:
الكثير من أهل الاستنارة الحدثاء يخشون إبداء آراءهم ….والبوح بها….لاعتبارات توقيفية…أو اجتماعية…هل يمكن أن تعطي أولئك ثمرة التجربة والعركة التي أصابتك بأسلوب موجز منقوط…
(أحمد الشاوي) خطب في جمع متتالية عن مقالاتك وصنفك بالعقلاني: وهناك من صنفك ليبراليا…. إلى أي الصنفين أميل ….
وإذا كنت لاترى التقسيم الاجتماعي الفكري فما ردك على من صنفك بتلك الخصلتين….
10-
الجواب على سؤال”أبو فهر“:
“لقد زرت اليمن وجلست مع أدبائها.رأيت أن هناك محرمات كثيرة.فالسياسيون، وأصحاب السلطة الدينية يحبون أن يتدخلوا دائماً ويضعوا المحرمات. الأديب الذي لايريد أن يكسر المحرمات،عليه أن يبحث له عن مهنة أخرى.كأن يعمل ……في الحلاقة مثلاً“.
الحائز على جائزة نوبل الأديب الألماني :غونترا غراس
شكراً لك أخي “أبو فهر”على مقدمتك، وشكراً على سؤاليك.
من وصفتهم بأهل الاستنارة الحدثاء قد يكون لهم عذرهم، وحساباتهم، كما أنهم قد يختلفون معي في الأولويات. وهي في النهاية قدرات وخيارات،وإمكانات، البعض منهم يائس تماماً من بارقة أمل تلوح في الأفق، فهم ليسوا بحاجة إلى مغامرة تكون عاقبتها البؤس الاجتماعي والعداء الديني. هذا إن سلموا من المطاردة الأمنية . كما أن الخروج عن السائد والتغريد خارج السرب والاستقلال الفكري، والشغب على المشيخة، هو من أسباب الشقاء في مجتمعنا، فأنت ليس عليك إلا أن تلبس بشتاً، وتقوم”بالشويتين” التي يعرفها الخبراء بصناعة المشيخة، وتشير بأصبعك نحو الدهماء، لترى الفرق الهائل بينهم وبين من تسميهم المستنيرين.
أعرف أشخاصاً تعرضوا لمضايقات شديدة، بسبب كلمة أو كلمتين، فلتت من أحدهم، في مجلس، أو أمام طلابه، أو بسبب مقال نشرته صحيفة، ولأضرب لك أمثلة منها :
*عبد الله بن يحيى آل ثابت الكاتب في جريدة الوطن السعودية، وقد تعرض لأذى كثير بسبب المطاوعة الذين يمسكون بزمام التعليم في عسير، لأجل مقال كتبه عن ضرورة اعتماد تعليم الموسيقى مادة أساسية في التعليم،ويدعو فيه على إنشاء معاهد للموسيقى تابعة لوزارة المعارف، ولولا تدخل الأمير خالد الفيصل لإنصافه، وكف الأذى عنه، لكان فريسة سهلة لعرابي الغلو والتشدد والإرهاب .
*خذ على سبيل المثال ما تعرض له الصديق العلامة الشيخ حسن بن فرحان المالكي، والذي فصل من عمله في وزارة المعارف بسبب مؤامرات ودسائس ممن ساءهم ما كتبه عن الوهابية، ونقد المناهج الدينية، ولآرائه المعروفة في الصحابة وعلي ومعاوية.
* عبدالرحمن أسعد الفيفي الحكمي تعرض لأقسى أنواع الظلم والتمييز أثناء دراسته التمهيدية في الدراسات العليا بجامعة الإمام في الرياض لعلاقته الوثيقة بحسن فرحان المالكي، وهو الآن بدون عمل.
*لي صديق كان مدرساً في بلدة جنوب بريدة، سأله طالب عن حكم الغناء، فذكر أن هناك خلافاً بين العلماء في حله وحرمته.فقط أشار إلى الخلاف. بعدها شكلت له وزارة المعارف لجنة،وألزمته بكتابة تعهد خطي بعدم تكرار ذلك وإلا…
*في جامعة الإمام في القصيم، أحضر أستاذ بقسم اللغة العربية نسخة معربة من التوراة، ليتناول نصوصها بالنقد اللغوي، فشكلت له الجامعة لجنة، وكالعادة :تعهدٌ بعدم تكرار ما فعل.
وهذا كما ترى في معقل من معاقل العلم والمعرفة، ومراكز البحث المتخصصة، في جامعة الإمام، وأمام طلاب في سنوات متقدمة من التعليم، لديهم حصانة دينية، وحصيلة جيدة جداً من العلم الشرعي، والأستاذ قد أحضرها للنقد لا لتأييد نصوصها أو التبشير بها، ونحن نعلم أن الرسول يقول:” إذا حدثكم أهل الكتاب…” إلخ. وعبد الله بن عمرو بن العاص، كان لديه مزادتان من علوم أهل الكتاب، ، وكعب الأحبار كان يحدث منها بين يدي عمر. أكنت تتصور أن يبلغ الحال إلى هذا المستوى من الضحالة والجهل المطبق؟.
في رمضان 1421هـ- زار الدكتور محمد السالم مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية جريدة الوطن، وكانت لي معه جلسة خاصة ودار الحديث حول الجامعة ومناهجها، وكادر التدريس فيها.الرجل كان محبطاً، ويائساً ومدركاً للمشكلة والكارثة، ولكنه كان عاجزاً، وخائفاً. فهمت منه أن مدير الجامعة قد يبدو ضعيفاً أمام موظف في بدايته، إذا لعب على وتر الدين والعقيدة وحماية التوحيد.
كما أنك تعلم يا عزيزي أبا فهر أن للمشايخ عندنا سلطة على المجتمع لاتقارن بها غيرها حتى السلطة السياسية. وهناك كلمة تقال دائماً،وهي أنك إذا كنت بين أمرين : إما أن تعادي السلطة السياسية أو الدينية. فاختر الأولى إذا أردت أن تعيش بسلام، فمعاداة الثانية ستحول حياتك جحيماً لا يطاق. ومع السياسي اللغة هي لغة المصالح.ولا حاجة له بك مالم تقف في طريقة.وما أكثر ماكان السياسي أرحم وأعقل وأنبل وأنزه من الآخرين.
بعد نشري أول مقال لي في صحيفة الحياة عن محنة خلق القرآن، قال لي الشيخ سلمان العودة:” أليس الواجب أن تستشير وتراجع بعض من تثق بعلمه، وترجع إليهم قبل نشر ما تكتبه؟ قلت بلى .أحياناً .قال من؟ ذكرت له أسماء منها الأستاذ مشاري الذايدي، والشيخ عبدالله بجاد العتيبي، وغيرهما، وأنهم قد يتفقون معي ويختلفون. فآخذ أحياناً بملاحظاتهم، وربما أهملتها، وتمسكت برأيي. قال: أنت تعرضها فقط على من يتفق معك. قلت: أنت تعتبرهم متفقين معي لأننا أصدقاء، وهذا ليس بالضرورة. وهم لا يقلون علماً وفقها وفهماً عن كثير ممن يشار إليهم بالبنان.قال:مالمانع أن تعرضها على حمود العقلاء، أو علي أناظ.قلت:.أما العقلاء، فإذا اقتنعت به يوماً، “وجيزه جيز غيره”. أما أنت فلا مانع لدي على أن تعلم أنك لا تختلف عن غيرك. رأيك ورأي غيرك عندي سواء.قد أقبله وقد أرده.
لهذا أخذت على نفسي ان لاأمنح أحدا من الخلق، فرصة ليمارس أبويته،ووصايته، وماقرأت ماقاله أحمد بن حنبل لعبدالرحمن بن ميمون:إياك أن تقول بمسألة ليس لك فيه إمام.” ماقرأته إلا قلت ..ياحسرة على العقول.
وبعدها وقبلها مازلت أرى حتى ساعتي هذه ما أحب وما أكره، أسلو أحياناً، وأطنش كثيراً. يتعبني ويزعجني ويؤلمني بعض ما أسمعه، وما يتعرض له أحبابي وأصدقائي بسببي، ولكن دائماً أقول العاقبة للمتقين. .والآن أكتب متى ما أردت وأحمد الله على السلامة، والحرية التي أتمتع بها.
أما سؤالك أي التصنيفين أفضل ؟ وهل أنا ليبرالي ،أو عقلاني ؟ فأنا ياأبا فهر ما قرأتًه لي سابقا- إن كان ذلكً-، وما تقرؤه الآن في إجاباتي. صنفني كما تشاء.
15-سؤال فلوبير.:
سيدي العزيز الأستاذ منصور:
تحياتي الطيبة
لماذا الشاب السعودي بالذات من اكثر الناس عرضة للتغير الفكري بحسب المتغيرات. حرب الخليج عام 90 قد أثرت على كثيرين ممن انخرطوا فيما يسمى الصحوة الإسلامية ولكنهم تراجعوا أو تراجع بعضهم عن مواقفه المتزمتة بعد زوال الحرب. لكن في غير الحرب إلام ترجع سبب التغير أياً كان؟
النقطة الأخرى: هل قرأت تجربة مطوع في الرياض الذي نشر في منتدى طوى:
http://bb.tuwaa.com/showthread.php?threadid=6206
وهل تعتقد بصحة القصة من عدمها بحسب الوقائع طبعا وليس بحسب الكاتب او الشخصيات؟
وتقبل خالص التحية والشكر.
11-
شكراً للعزيز فلوبير.
أما كون الشاب السعودي من أكثر الناس عرضة للتغير أو التحول الفكري، فهذه ربما تحتاج إلى توقف. هناك تغير يحصل كشأن أي مجتمع، ولكنه عندنا محسوس جداً، فطبيعة المجتمع الساكن القار، تمنح الجميع حاسة وأداة استشعار لالتقاط دبيب النملة-حسب تعبير كاتبنا الكبير د.سليمان الضحيان- ، ولهذا فتحول الشاب/المطوع، محسوس من الجميع، وطنين الذباب دائماً حدث ضخم، ومحل للاحتفاء.
أنا أعبر عن هذا التغير بالتحولات أو التنقلات الفكرية، وفي اللغة الدينية قد يعبر عنه بالزيغ أو الانحراف، أو الانتكاس، والارتداد، وبحسب مساحة التغير، يمنح الإنسان واحداً من تلك الأوصاف، أقلها وهو تعبير ملطف وله تعبير ديني شرعي جاء في سنن ابن حبان- إن لم أنسَ- وهو الفتور، وهو إصابة الإنسان بخمول، وتلكؤ يظهر في عدم الاحتساب على المنكرات، والمشاركة مع المطاوعة في الأسواق، أو في التفريط بالسنن، والمستحبات، كالرواتب بعد الصلوات ،أو صيام الاثنين والخميس، يعني الاكتفاء بفرائض الدين .
الفتور كثر الحديث عنه في الدروس والمحاضرات بعد أن لاحظ الجميع أن التدين الصحوي قد أصابه الانحسار، عقيب حرب الخليج الثانية بسنة أو سنتين، واعتقال المشايخ سلمان العودة، وسفر الحوالي، وناصر العمر، وانكفاء الآخرين ممن يأتون في الصف الثاني، خلف فراغاً هائلاً، مكن البعض من التسلل بصمت، والعودة إلى حياته السالفة ليعيش كالناس حياة محافظة.
كنت قد ألمحت مازحاً في إجابة سابقة لسؤال الأخ العزيز المفترس، إلى أن ماتسميه زيغاً مذموماً شرعاً هو تحول طبيعي.وبما أنه سماه زيغاً فقد أجبته من هذا المنظور.
أعتقد أن التقدير والاحترام، الذي يناله المطوع في المجتمع المتدين كمجتمعنا، من أهم الأسباب التي تدعو الجميع إلى الانضمام إلى هذه الشريحة، وفي حرب الخليج الثانية، كانت المظاهرة النسائية، مناسبة لإثارة الحس الديني، والتركيز على الوعظ، وكانت فرصة سانحة استثمرها التيار الصحوي بذكاء بالغ، وفُتح الباب على مصراعيه، تجاه ملفات مغلقة، وقضايا مسكوت عنها، لم يسمح الاستقرار الداخلي، واستتباب الأوضاع قبل احتلال الكويت بطرحها، فطرحت قضية الفساد/مظاهر المخالفات الشرعية في الإعلام الرسمي، وكلنا يذكر قصيدة العشماوي” يا وزير الإعلام طال الطريق….إلخ.
كما أنها كانت فرصة سانحة لجعل بعض مواد الدستور على طاولة النقاش، وتسليط النقد الديني عليها. إلى موضوع الفساد في السفارات الخارجية، وتواجد القوات الأمريكية في البلد، وقضايا كثيرة.
أصاب الجميع عصاب جماعي، قاد نحو التدين، والطواعة، ومجتمعنا متدين محافظ، وتحول الواحد منا إلى الطواعة لايحتاج إلا إلى جلسة ويفتح الله عليه، كما نراه يحصل كثيرا مع أهل الدعوة والتبليغ.ف(الدميجة هي هيا).مهما اختلفت الأشكال والأزياء.والشعور.
في حرب الخليج الثانية انشطر مجتمعنا شطرين: علمانيين، وإسلاميين.فقط لاغير.امتطى البعض هذه المطية حيناً من الدهر. وعادوا أدراجهم بعد حين.
المجرمون الذين جعلوا مجتمعنا أحزاباً وشيعاً صامتون اليوم….لابد من حملهم اليوم قهراً ، وإزعاجهم وإثارتهم، وإحراجهم بالأسئلة، وأطرهم أطراً ليعتذروا إلى الضحايا التي مازالت حتى اليوم تعاني من ذلك الظلم والإجحاف الذي حاق بها .
((….اللهم إنني أعتذر لكل من آذيته، أو ناله مني أذى. من رجل أو امرأة. ربنا لاتؤاخذنا عن نسينا أو أخطأنا. غفرانك. ))
الذين يذكرون تلك المرحلة في بريدة يذكرون كيف أنه كان يقام عند مسجد الشيخ إبراهيم الدبيان، بحي الرفيعة بعد صلاة العشاء مأدبة لإحراق أجهزة التليفزيون. أحياناً يكون الضحية جهازاً واحداً وأحياناً يضحى بمجموعة منها. وأذكر أن شابة مسكينة، استمعت إلى كلمة ألقاها الشيخ يحيى العبد العزيز اليحيى، بعد محاضرة العودة ” لسنا أغبياء بدرجة كافية”، بكى فيها اليحيى وأبكى وهو يعظ الناس، ويحذرهم من أن يدخلوا بيوتهم جهاز التليفزيون.الشريط كان بحق مؤثراً، أذكر أنني استمعت إليه فوقف شعر رأسي. ومع صدمة التأثير العاطفي رفضت البنية أن تنام تلك الليلة في الدور العلوي الذي يوجد فيه التليفزيون.وفضلت أن تنام عند المدخل تحت الدرج.
*كما أن بحث الشاب عن دور أو لنقل عن تحقيق الذات عبر التدين، ونيل الوجاهة هو سبب رئيس، فبإمكان المتدين أن يقوم في حفل عرس، ويحوله إلى مأتم، بمواعظه عن القبر، أو تحذيره من الأعور الدجال ، وتخويفه الناس من سكرات الموت، وديدان القبور…إلخ. ومن يستطيع منعه؟.
قبل سنتين زرت شيخاً معروفاً وحوله جموع ، رأيت منهم أشخاصاً كنت أراهم عبر سنوات مضت كلما سنحت الفرصة لزيارته. كنت أسأل عن دورهم. وعن سر سرمديتهم.،وبقائهم الأزلي ، فقال لي أحدهم:”هؤلاء يستمدون وجودهم من الشيخ. ولو ذهب.لرأيتهم بسجائرهم، في الأسواق“.
بعد الإفراج عن المشايخ عام 99 أثار استغرابي شاب كان يأتي كل يوم من عنيزة ليقف في الطوابير مع الناس للسلام على أحدهم. كان هناك آخرون يجلسون على المقاعد، وأما من يزورون الشيخ لأول مرة. فكانوا ينتظرون حتى يأتي دورهم. أما صاحبنا فكان يكرر الأمر كل يوم….أليس هذا ضحية يؤسف لها؟
* باختصار أيها العزيز فلوبير: أسباب تحول الواحد منا كثيرة.وكنت قد ذكرت بعضها في إجابتي على أسئلة أسعد. ذكرت منها: أن يكون الإنسان ذا حس عال للتأثر بالمتغيرات من حوله، سواء الاجتماعية العامة، أو الثقافية، أو المؤثرات المحيطة به. ومنها أن يكون ذا عقلية متسائلة دائماً، ومنها عمق التجربة الدينية التي تقوم على التسليم فقط، مع إحساس الإنسان في الوقت نفسه بإحساس جارف بالإثم من التفكير بقضايا تتعلق بحقيقة الدين، قد تكون وجودية وقد تكون مما دونها،مما يسبب انشطاراً في كيانه، قد يفضي إلى الانسلاخ من تلك التجربة.هوقد يصل إلى إجابة، وقد يركنها على الرف، وقد يخبو الحس الديني،فتغدو لديه غير ذات بال.
*ومنها أن يرى المتدين نماذج من المطاوعة- وهم بالتأكيد لا يسيئون إلا إلى أنفسهم – تسيء إلى الدين، وتشوه صورة الصالحين، بانحراف سلوكي مثلاً. أو زعارة في الأخلاق. أو فساد في التعاملات المالية، أو يصطدم يوماً بفكرة متطرفة يلقيها أحدهم على مسمعه فتجرحه حتى العمق، وتحمله على أن يرى أن دين أبيه وأمه، وتدين “العوام” خير من تدين يفضي به إلى تلك المناطق المخيفة.
*ومنها خيبة الأمل التي تصيب الشاب حينما يجد أن الأبواب مسدودة، وأن الإجابات معدومة….. بحيث يكون لديه مسائل كثيرة. وإشكاليات كبرى لم تجد من يساعده على فهمها، واستيعابها، داخل المحيط الصحوي ، الذي يمتاز وبجدارة بضحالة، وثقافة متدنية، وعلم شرعي مهلهل. قد تكون تلك الأزمة دهليزاً إلى الانفراج، والخروج من ذلك العماء.وتنفس الهواء الطلق في فضاء الله الرحب.وهذا ما سمعته من عدد ممن خلف الصحوة وايامها وراءه.
*ومنها أن يكون الإنسان قارئاً مفتوحاً على شتى الثقافات، والتوجهات، ومع أن التيار التربوي الصحوي، يحاربهذا التوجه داخل أتباعه، ولا يريد منهم إلا القراءة للكتاب الإسلامي، وأحيانا لأسماء محددة. ولكن قد يشذ آخرون، ويقرؤون سراً مالايريده الأساتذة”المربون“.
وأنا الآن إذا نظرت إلى مثال واحد وهو الأستاذ صالح الدبيبي، أحد وجهاء الشباب في بريدة، وممن مر على هذه التجربة الصحوية وتربى في محاضنها سنين عديدة .إذا قارنت الآن بين ماضيه وحاضره، وكيف أصبح اليوم علماً يشار إليه، ونموذجاً للتسامح والاعتدال، وملتقى وحلقة وصل بين توجهات متنافرة، وشخصيات متباعدة في الفكر والرؤى، يحظى باحترام واسع لدى الجميع…كلما رأيت هذا المثال قائماً أمامي تصيبني الدهشة: كيف أن العقل حينما يزيل غشاوة التبعية، وظلماء الانغلاق، يغدو بمثل هذا المستوى الإنساني الرفيع؟
هذه بعض الأسباب التي قد تبدو لي مقنعة لفهم البواعث الحقيقية لتحول الشاب في مجتمعنا.
أما تجربة التائه مع المطاوعة التي كتبها في طوى، فكل شيء محتمل. المشكلة أن هذا النوع من الاعترافات، والشهادات لاقيمة له، مالم يكتبها صاحبها باسمه الحقيقي، ليكون مسؤولاً عن كل كلمة، أما أن أكتب بأن سليمان الخراشي أراد مني أن أغتال فلان وفلان،أو أن “….” قد مارس الفاحشة بغلامين، فهو من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا من غير برهان، أو بينة شرعية أو قانونية…. سبحانك هذا بهتان عظيم.
16-التميمي يسأل مرة أخرى:
أستاذ منصور النقيدان حفظه الله
يبدوا أنني كعادتي لم أستطع أيصال مرادي إليك
في مجتمع مثل مجتمعنا (وبغض النظر عن وجود أعداد محدودة من ذوي الاستقلال الفكري ) فالسمة العامة للمجتمع يمكن وصفها أو وصف المجتمع من خلالها بأنه شخص معنوي واحد يستلهم توجيهه تلقيناً وتلقيماً من قبل رموز دينية سيطرت عاطفياً على أفراد المجتمع تسيره كالمنوم مغناطيسياً
هل تعتقد أن جهود الشريحة المثقفة والتي تمثل أقلية يمكن إهمالها بالمقياس العددي يمكن أن تؤثر في إعادة صياغة الفكر الفردي والجمعي ليعم شريحة واسعة يكون لها تأثير وفعالية في رسم حاضر ومستقبل البلد 000أم أننا بحاجة لصدمة أو صدمات عنيفة كأحداث الحادي عشر من سبتمبر ؟؟؟
التميمي
12-
شكراً لأخي العزيز التميمي على توضيحه لماسبق من أسئلته التي اعتقدت أنني فهمتها وأجبت عليها فيما سبق.
جهود الشريحة المثقفة يمكن أن تؤثر في إعادة صياغة الفكر الفردي والجمعي، وإن كانت تمثل أقلية.وسواء كان ذلك التأثير كبيراً أم متواضعاً ولو داخل شرائح معينة، فالتأثير في المحصلة قد وقع، ويقع وسيقع، بيد أن سيرورة التغير الفكري، لاتظهر آثارها إلا بعد فترة تسمح لها بالنمو والتنفس، لتشكل ظاهرة، لايخطئها المتابع. ووجود صوت عال مدو، لايعني بالضرورة أن هناك تياراً تشكل أو يتشكل، وله حضور يسمح له بأن يحسب لوناً جديداً.
المتغيرات والرياح التي تعصف بالمنطقة قد تسرع الأمر وتحرق المراحل، والتوقيت أحياناً قد يرفعك في الذرى، وقد يقصم ظهرك.
يبقى أن إفساح المجال أمام هذا التوجه الإصلاحي التنويري/الليبرالي/العقلاني/ أياً كان تصنيفه، يحتاج في البداية تعريفاً به، وإفساحاً للمجال أمامه. وهو أمر يعتمد على عدة عوامل منها الذاتي، ومنها عوامل خارجية أخرى قد تكون بإزالة الموانع، والعقبات التي تحول دون الجمهور ودون الوصول إلى هذا الطرح المستنير. وأهمها مساواة هذه الشريحة بغيرها بتمكينها عبر المنابر والوسائل الإعلامية، والثقافية، للتعبير عن آرائها وأفكارها. وهذا كماترى مرتبط بأصحاب القرار الذين يمسكون بزمام الأمور في البلد.ولا أعتقد أنهم -حسب متابعتي- تعنيهم هذه الشريحة المثقفة التي أقصد الحديث عنها الآن. هم الآن مهتمون في المقام الأول بمحاولة إصلاح الأوضاع مع رموز التيار الصحوي الذين تم إيقافهم في السابق، ويرى من بيدهم مقاليد الأمور الداخلية، أنهم اليوم يشكلون إسلاماً معتدلاً،قد يساهم في تحجيم لحضور المتنامي والطاغي للتيار الجهادي في الداخل وهذا التنامي أمر مقلق للسلطة ولنا جميعاً، وأنا شخصياً أبارك هذه الخطوة وأشجع عليها، إذا كان عند مشايخنا الفضلاء مايقدمونه بهذا الصدد.
حول ضرورة إفساح المجال أمام هذه الشريحة دعني أذكر لك أمثلة من واقع التجربة:
أثارت صحيفة الوطن السعودية بداية صدورها قضية الحجاب، وكان من المشاركات التي نشرت في بريد القراء مشاركة باسم لطيفة السديري وكانت تعرف نفسها ب”ماجستير في الفقه الإسلامي من جدة“.
بعد مشاركتين تم نشرهما لها جاء اتصال من أحد المسؤولين الذين يمسكون بزمام الصحافة في هذا البلد، يسأل عن هذه اللطيفة، ومن أي “السدار” هي ؟ لم ينشر لها شيء بعد ذلك. ولاحقاً تم إيقاف النقاش حول هذه القضية.
كتب مرة الأستاذ صالح الشبعان بحثاً حول ( الإسلاميون في السعودية ومؤسسات المجتمع المدني)، نشرت منه الوطن حلقتين، كان المقال سابقة في تاريخ الصحافة السعودية، فللمرة الأولى يتم تناول الصحوة بمثل تلك الطريقة التي كتب بها الشبعان، المقصود أن وزير الإعلام شخصياً اتصل لإيقاف باقي حلقات المقال. وعدم النشر فيما بعد لهذا الكاتب، مع طلب سيرة ذاتية للكاتب أعددتها على عجل، وتم إرسالها إلى الوزير. في أقل من ساعة.
وكلنا نعلم أن النوادي الأدبية، والصوالين، والملتقيات التي يقيمها بعض الوجهاء، والمثقفين ، يستحيل أن تستضيف شخصاً مثيراً أو مزعجاً، أو غير مرغوب من قبل بعض أصحاب القرار في البلد، أو من قبل المؤسسة الدينية، وليس سراً أن الشيخ حسن المالكي، وهو الذي كان شخصاً دائم التواجد في أحدية راشد المبارك في الرياض، لم نعد نراه اليوم في الحضور، لأن هناك من مارس ضغوطاً على صاحب الملتقى لمنع المالكي من أي تعليق على أي كلمة أو محاضرة.
بعد أن كتبت مقالي الأخير (قصة بيان المثقفين السعوديين.مناخ متقلب.ومعارك. وتراجعات جماعية.ورسالة جوابية تنكؤ الجراح) أخذت شهراُ كاملاً أطوف به على صحف المنطقة المحلية والدولية السعودية والخليجية. وأخيراً رأيت أن أفضل خيار لي أن أنشره في جريدة الأستاذ عثمان العمير http://www.elaph.com/ ، والذي لم يخذلني بل كما عودني دائماً مع مقالاتي ،حيث تم نشر المقال باحتفاء خاص، وإخراج يليق به.
كما أن هناك صفات ذاتية لابد من توافرها في هذه الشريحة منها إدراك المسؤولية، وعدم التذبذب، أو التناقض واختلاف المواقف يوماً بعد آخر، فالقضية ليست “حب اخشوم” أو ” أخذاً بخواطر فلان وعلان وفهمان”، فهذا مهم للغاية ، وهو يعطي انطباعاً صادقاً، ويولد قناعة متجذرة لدى المتلقي أن هؤلاء لديهم شيء يقولونه، هم ممتلئون قناعة به
.أحس أحياناً أنني قد أضعف أمام بعض المؤثرات والضغوط، التي ربما تحملني على الرجوع خطوة أو خطوتين أو المناورة. المهم أن تكون تلك الخطوة تكتيكاً عند الحاجة إليها. لارؤية متذبذبة، وأنا قد عانيت كثيراً من أشخاص أصبحوا عبئاً، يحسبون عليك، أو أنت تحسب عليهم، وهم في المقابل من أسباب عذابك. ليست المشكلة تردداً أو عدم وضوح، بل ازدواجية مواقف، ونفاقاً. وهذا أكثر مايفت في عضدي ويصيبني بالوهن. أولم يقل أحد السلف: “ياأهل السنة أنتم أقل الناس فارفقوا ببعضكم” نحن نحتاج فيما بيننا إلى هذه الروح .
نعم أيها التميمي بإمكان هذه الشريحة أن تؤثر في إعادة صياغة الفكر الفردي والجمعي ليعم شريحة واسعة يكون لها تأثير وفعالية في رسم حاضر ومستقبل البلد، متى ما عرفت طريقها جيداً، وأحسنت عرض أفكارها، وخطت خطواتها الأولى جريئة، واضحة غير مشوبة أو مترددة، فالأمر كما يقال عندنا “على أول ركزة”، ومن بعدها بإمكانك أن تناور داخل الإطار الذي حددته.
كما أن على هؤلاء الأخوة أن يعلموا أن بإمكانهم أن يشقوا طريقهم، من دون الرهان على أسماء قد تنقلب من عون وسند إلى عبء وعثرة كبرى، ولنا في الأنبياء والمصلحين والغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس أسوة حسنة. فمثل هذا النوع من الأفكار والتحولات الثورية، لن تشكل شيئاً ذا بال مالم تكن نقية واضحة كفلق الصبح وحينما تكون خطىً مترددة، فقدرها أن تموت في مهدها.
أما سؤالك الكريم :” أم أننا بحاجة لصدمة أو صدمات عنيفة كأحداث الحادي عشر من سبتمبر ؟“.
فأحداث سبتمبر كان يمكنها أن تكون ذات أثر عميق ينعكس على فهمنا للدين، لولا الانكفاء الذي حصل بعدها والتقهقر، واللجاج وإنكار الحقيقة، وتلكؤ الحكومات عن الاعتراف بدور الدين او” فهمنا للدين” فيما حصل ، إلى ماحصل من جموع غفيرة لايستهان بها من كتاب ومثقفين ومفكرين، من تبرئة للذات واتهام للغرب، كفلسفة معاوية حينما قال: “من قتل عماراً هو من أتى به إلى أرض المعركة”! إلى تلك الآراء/الفتاوى الغريبة التي تعتبر أسامة بن لادن، ومافعله المجاهدون في أمريكا وبقاع أخرى من العالم من سفك للدماء وقتل للأبرياء، اجتهاداً يسوغه الشرع، وصاحبه بين الأجر والأجرين، ، وفي المقابل ترى تلك العقول المنتنة أن القرضاوي في إباحة الغناء، ضال مضل، ينشر الفساد والرذيلة!.
الحادي عشر من سبتمبر كان لنا كالكَسَّاح الذي أخرج آخر مافي الناطوس من قذارة، ونتن وعفن، وكلما ازددت حفراً -منذ يوم الثلاثاء المبارك- تقيأت لك أرضنا مالا يخطر لك ببال.
قد أكون حاولت تلمس إجابة فيما تلا إجابتك السابقة.واعذرني على عدم الفهم مرة أخرى إن كنت قد أبعدت النجعة.
17-سؤال فرهود الأثري:
الاستاذ منصور النقيدان …
يلحظ على بعض من صار عندهم تحولات فكرية – مثلك – انهم يركزون في خطابهم المعرفي على ان الحقيقة الغائبة التي اكتشفوا انهم قد وقعوا عليها انهم صاروا اسرى لمذهب او لحقيقة واحدة وانها هي الدين .. وان من ندَ عنها فهو واقع لا محالة في الضلال اذ ان الحقيقة نسبية ، وان المفترض ان نعامل الناس بناء على هذه النظرة الى الحقيقة .. وتوسيع جانب الاختلاف من دون حدود ولا سدود ولا قيود وترك المحددات الفكرية المذهبية سواء كانت سنية او بدعية .. اذ لا يسلم هذا من اختلاط السياسي بالديني والاجتماعي بالديني .. وهكذا ..
وهذا الامر وان كان فيه نوع من التعميم وردة الفعل الغير متوازنة الا ان الملحوظ على هذا التيار انه يقع في نفس ما يفر منه .. بل باشد عنفا من الصورة الماضية .. فهو يعرض هذه الصورة الجديدة وكأنها هي الحقيقة المطلقة ، ولذا فهو يدفع الناس الى ان يقرأوا كما قرأ .. ويعرفوا كما عرف ، ويتحرروا كما تحرر ..لم ؟ حتى يصلوا الى الحق المطلق الذي وصله واكتشف من خلاله الضلال الكبير الذي كان عليه .. بل الذي عليه كل من سواه وتياره في المجتمع ، ولذا فهو يتوجه اليه بالنقد الشديد والتعنيف ، وتحميل المسئولية لأولئك الذين تولوا التربية في بداية الحياة العلمية !
ألا ترى أن هذا المفهوم يقتضي الدور ، وانك وقعت فيما تفر منه .. وهو امتلاك الحقيقة والوقوع عليها !
13-
شكراً لك، وشكراً لطرحك هذا السؤال
لا أذكر أنني قلت يوماً أن “من ندَّ عما أنا عليه فهو واقع لامحالة في الضلال”، ولم أقل يوماً- حسب ما أعرفه أنا من نفسي- أن” الحقيقة نسبية”، ولم أقل بـ”توسيع جانب الاختلاف من دون حدود ولا سدود ولا قيود وترك المحددات الفكرية المذهبية سواء كانت سنية أو بدعية”!، كما أنني لا أذكر أنني حملت المسئولية لأولئك الذين تولوا تربيتي في بداية الحياة العلمية .من أين أتيت بهذا ؟!.
لكن يبدو أنني فهمت ما ترمي إليه في سؤالك الكريم.
كما ترى أنني في إجابة سابقة أشرت إلى أنني لا أطالب بقمع فلان، أو سجنه، أو إيقافه ما لم يصل إلى حد التحريض بالقتل أوالاعتداء، وأنني “سأتجلد” قدر استطاعتي لتحمل أقسى الأوصاف التي تطلق علي ومنها الكفر، أو الزندقة، وما دونها، ولكنني في المقابل سأهب لقلمي كامل الحق في الرد، أو النقد، وبكل شراسة.
والذين يتحدثون عما يسمونه بـ”أدب الحوار“، مطالبين الخصوم والفرقاء في العقيدة أو الفكر أن تكون الروح التي تجلل حوارهم، وسجالهم، ناعمة لاتعرف الحدة، ولا تقارب المناطق الملتهبة، وأن يكون البرود القاتل هوالمناخ لهذا النوع من الصراع الفكري…. هم حالمون حقاً..
إن ميدان الخلاف هو الدين بكل حساسية مسائله، ومناطق التوتر فيه، ومواضع التأزم في مناحيه.وبما أن مجال هذا الخلاف مليء بالألغام، والمتقحم له عرضة للتكفير،أو التفسيق، أو التضليل، فمن المؤكد أنه سيتسم دائماً بالسخونة، والحدة، وتبادل الاتهام بالجهل، وعدم الفهم ، وضعف الرؤية، أو قلة العلم الشرعي، وهذا ليس بدعاً في عالم الفكر،ومجمل نتاج الأدب الإنساني.
ولم أطالب يوماً أن يكون خصمي معي ناعماً، ولكن علينا أن نجعل لهذا الخلاف حدوداً، لا تتلاشى فيها الإنسانية، وشهامة الرجال، وشيء من أخوة الدين، وأن نفرق بين أن نصف المخالف، بالتشدد، أو التنطع في الدين، أو التخلف، وبين أن نقول إن فلان خرج من الإسلام، أو أن فلان حلال الدم والمال، أو أن نجعل خلافنا معه مهما كان وسيلة للتضييق عليه في رزقه، أو لزوم عتبات “ولاة الأمر” مطالبين بسجن فلان، أو محاكمته وتطبيق حد الردة عليه، كما حصل مع الدكتور تركي الحمد. إن ثمة فرقاً بين الأمرين أيها الفرهود لا أعتقد أنك تختلف معي فيه ؟
أما كون الواحد منا كان يوماً على هذه الطريقة، وكان متبنياً لها بكل حماسة، واستماتة الأبطال، ثم انقلب ضدها بعد تأمل، وتحول مبني على الرصد، والقراءة، والقناعة التي بدأت بصيصاً من نور ومازالت تتعاظم حتى امتلأ بها العقل وأشرق بها القلب، فهو أمر معهود معروف، إذ إن الأمر هو كبد، وعذاب ومعاناة للبحث عن الحقيقة وتلمسها، والإمساك بشيء من أهدابها، وتنقل العبد المسكين داخل هذه الدوامة هو قدر البشرية التائهة جمعاء. والله يقول في كتابه” وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً“، ولهذا كان الرسول يدعو في استفتاح قيام الليل..”.اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك“.
أنتم تقرؤون في كتب العقائد عندكم أن الأشعري انقلب على مذهب كان يدافع عنه أربعين سنة، ثم كتب ضده، ورد أدلته، فلم يعتبر أئمتكم هذا مدحاً ورجوعاً إلى الحق، وإنابة إلى الله، ومن يكون في المقابل يوصف بالتذبذب، والضياع والتيه ،والتخبط في الظلمات ؟ أليس هذا إجحافاً؟
وعندكم سيد قطب ، فكثير من الإسلاميين يذكرون سيرته وحياته الأولى، ثم انقلابه من بعد ذلك وانضمامه إلى صفوف الإخوان المسلمين، ولم يلمزه أحد منهم بما يصفني البعض به اليوم. وقصص الذين تحولوا، من مذهب إلى آخر، ومن فكر إلى مقابل له،هي كثيرة مستفيضة في السير والتراجم وكتب تاريخ الفكر، وظل أصحاب كل دين، أو نحلة أو طريقة،يصفون من أتاهم بالمهتدي الذي أراد الله به خيراً، فانتشله من الظلمات، ومن يغادرهم يصفونه بالضلال والضياع. وقصة ابن سلام الحبر اليهودي حينما أثنى عليه اليهود، بين يدي الرسول”ص”، ثم لما أعلن لهم إسلامه طفقوا فيه ذماً، قصة معروفة.
لي صديق قريب إلى نفسي. ما تقابلنا وجمعنا سقف، إلا وارتفعت أصواتنا، هو يضللني، ويفسقني حتى أصبح وصفي بـ”الفويسقة” مسألة إجرائية، وأنا بالتالي إذا أثارني، أبين له مدى الجهل المطبق الذي يعشعش في دماغه، وفي آخر مجلسنا بعد أن يقيم مايسميه بالحجة وبعد أن يبريء ذمته، نعطف على حديث القلب، وبوح الروح، نتذاكر فراق الأحبة، ومرارة الغربة، وخذلان الأقربين. نسترجع سويعات قضيناها عند الكعبة، وفي طريق مكة، نبكي أيام أنس ماضية، ونشكو تغاير الأيام، نتهامس عتابا، ونتبادل مشاريهنا على أخوان صفا باعدونا، ولم يعودوا يحفلون بذكرانا.
وذات يوم أصابني الرعب بعد أن هددني أحد الغلاة، فاتصلت عليه أشكو له الحال، وضعف الناصر وقلة المعين فقال لي:” لن يصلوا إليك يا أبا عبد الله… فما جعلك الله في دار مهانة ولامضيعة””هذا على تباعد مابيننا من الرؤية.
ولي كبد مقروحة من يعيرني**** بها كبداً ليست بذات قروح
نحن نريد أن تسمو خلافاتنا عن أن تجعل منا وحوشاً تفتقد أجمل مايتصف به الإنسان وهو الصدق،والرحمة بالخلق، فلايبلغ الأمر بنا أن نتذرع بأحط الوسائل، وأقذرها للإضرار بمخالفينا، وقبل سنوات أفتى علي الخضير، بأن الكذب على الشيعة الذين يعملون في مهنة التدريس، وكتابة التقارير المختلقة عنهم، وسيلة مشروعة، إذا كان القصد منها حماية جناب التوحيد، والعقيدة وإرجاف الخصوم!
هل ترى عزيزي فرهود في سيرة نبيك شيئاً من هذا ؟ أقرأت حتى عن السابقين الأولين من كان يجيز مثل هذا مع ابن أبي بن سلول ومع كعب بن الأشرف، ومع الجد بن قيس رؤوس النفاق وأعلام الكفر؟
شكراً على سؤالك.
18-سؤال جميل جمال :
الاستاذ منصور النقيدان :
أرأيت لو كان عندك تلاميذ مندفعون , وقد الزموك ان تفتيهم بما يتراه حقا ويرونه كذلك , وقد كنت تخاف من السلطان , وكان هؤلاء التلاميذ مقدمون على عملهم لا محاله لكنهم ارادوها على ظهرك , ثم بعد القبض عليهم فضحوك وجاءوا بأشياء لا يعرفها الا هم وأنت , وحينما اودعت السجن وجدت هؤلاء التلاميذ قالوا كل شيء .. حتى ان بعض تلاميذك يحفظ عنك اشياء لا يعرفها الا انت واياه فقط , فلما احظرت للتحقيق وجدت هذا التليمذ قال كل شيء .
ما رأيك .. خاصة انك لا تملك الخبرة في طريقة سحب الاعترافات .. وقد خادعوك واسمعوك بالتسجيل اعترافات تلاميذك عليك .. فما انت قائل .. وما نصيحتك لهؤلاء الشباب .. أشكرك على صراحتك.
14-
أشكر العزيز جميل جمال على سؤاله.
الشيخ حينما يتحدث في مجلسه العام،عن قضايا حساسة للغاية، ويطلقها فتاوى للصغير والكبير، للمراهق والكهل، أمام من يعرفه ومن لايعرفه، فهو حين يقع تحت طائلة المساءلة، وينكر ما أفتى به، ويبلغ الحال أن ينكر أن يكون قد أذن باستخدام ختمه للتوقيع على فتيا أصدرها، لم تخرج أساساً إلا من خيمته، وعن علم منه، ليرمي بها بريئاً من تلاميذه المساكين، وأنه استخدم ختمه دون علم منه، فهو بلاشك مطالب بتحمل مسئوليته كاملة، ولا يستحق أن يكون قدوة.
وفي إجابتي الأولى عزيزي جميل، ذكرت مثالين أحدهما المثال السابق، والثاني هو لعالم أفتى تحت ضغوط من المستفتين، وإلحاحهم عليه أن يبين موقفه الشرعي من قضية ما- وهذا والحمد لله لم يأت له ذكر أبداً في التحقيق،والشيخ المقصود لم يُساءلْ بهذا الخصوص – وإنما أوردتها لتبيان أن البعض منا قد يشنعون على مجموعة من الشباب إقدامهم على أمر ما، ويصفونهم بالتشدد، أو الغلو، أو الجهل بمصالح الشريعة…إلخ، ومن ينكرون عليهم في الأساس، لم يخطوا خطوة إلا بفتوى من يعتمد أولئك المنكرون المشنعون فتاواه، ويتخذونه مرجعاً لهم.
صحيح أن الفتوى قد تصدر من شيخ ما بحذر، ولشخص أو شخصين، وخفية من دون علم أحد بها، ولكنها في النهاية تعبر عن وجهة نظر الشيخ، وموقفه الشرعي ، وإن كان لدواع أمنية، أو مصلحة مقدرة، لايفتي بها لكل من سأله.
19-سؤال المستمع.
مرحباً بالأستاذ / منصور النقيدان …
السؤال الأول : أشرت إلى إعجابك وتقديرك للدكتور : تركي الحمد ، فهلا بسطت القول عن رأيك فيه سيما وقد ذكرت أنك تشرفت بلقائه واكتحلت عيناك برؤيته ، فحدثنا عنه رعاك الله من قريب .
السؤال الثاني : رموز الصحوة – في نظري – ليسوا إلا نقلة للعلم والمنهج من كبار العلماء إلى عامة الناس ، وكثير منهم لا يحمل فكراً خاصاً بل ينقل منهجاً عاماً لعلماء البلاد .
وأحسب أن الشيخين ابن باز وابن رحمهما الله هما أعظم شخصيتين تمثلان ما يسمى بالفكر الوهابي في هذا العصر ، وهما – على لينهما في الخطاب و بعدهما غالباً عن الشدة على المخالف – غير قابلين للتغير ولا لمهادنة المخالف خاصة في مسائل الاعتقاد ، فهل لنا أن نناقش أولئك المنظرين لا سيما ونحن نرى قطاعاً واسعاً ينتمي إليهما ويؤمن تمام الإيمان بكل أقوالهما ؟.
السؤال الثالث : ما حظ الأستاذ منصور من اللغات الأخرى ؟ هل يجيد شيئاً منها أو ينوي تعلمها ؟
تحياتي لك …
15-
شكراً للأخ العزيز مستمع على أسئلته .
بخصوص الحديث عن الدكتور تركي الحمد فلا اعتقد أن الاستفاضة في الحديث عنه ضمن هذا لحوار، هو أمر مناسب.
دعني أهمس في أذنك كلمة.لا أكتمك أنني لم أكن احسب تركي بمثل تلك الشفافية التي رأيته يتمتع بها عند زيارتي له في منزله، تحدث الجميع أكثر من ساعتين، فإذا تكلم أحدنا أنصت، وإذا سألناه أجاب، تحس من أول جلسة معه، أنك تقترب منه مع كل ثانية تنقضي، وأنك تكشف سجفه، حتى تكاد تشفُ لك خارطةَ قلبه.
دعني أسألك عزيزي مستمع : ألا تلتقي أوقاتاً بأناس تشعر من حين تراهم أنك التقيت بهم منذ الأزل في عالم المثال، أو منذ لحظة البدء، أو أنهم قد يكونون من الأرواح التي تعرفت عليها نفسك المنفوسة وأنت في صلب أبيك؟. هكذا أبو طارق.
*مناقشة أفكار ابن باز وابن عثيمين، قد تجد من يتفرغ لها. أتفق معك أن لهما تأثيراً واسعاً في قطاع واسع من شباب الصحوة ومن العامة.هما كما ذكرت أكبر شخصيتين وهابيتين معاصرتين. أما اللين في الخطاب الديني، فلا أعتقد أنهما يتصفان به، الخطاب كان لديهما دوغمائيا ًقطعياً، وثوقياً متشدداً. وهذا غير حسن الخطاب وطيب الحديث ورقة القلب،و خفض الجناح والتواضع ورقة الحاشية، التي اتصف بها ابن باز رحمه الله.عرف ابن باز بالبساطة، والوضوح . وهو في السنة والعلم بالحديث والأثر أمكن وأعلم، وشيخ الثاني. له فتاوى منكرة، أقحم نفسه في قضايا كونية، ودخل في سجال مع الصواف، حول دوران الأرض، والصعود إلى القمر، أضحكت عقلاء علماء المسلمين قبل غيرهم، وترك الدنيا وما على ظهرها من يقاربه صدقاً وإخلاصاً، وعبادة،ونصحاً.
ماعدا ذلك من علوم شرعية، فلابن عثيمين رحمه الله القدح المعلى، لم يسبقه من علماء الوهابية من اجتمع له ماجتمع له من إحاطة، واقتدار، وامتلاك لناصية الفقه والعلم بكتاب الله.امتاز الشيخ محمد بقوة الاستنباط، والسبر والتقسيم، الذي يتجلى في إجاباته، وفتاواه، وشروحه . حاول البعض تقفر خطاه ومحاكاته فغدو مسوخاً. أفتى بأنه يجب على العالم المسلم، أن يبتغي رضى الله بطاعة ولي الأمر إذا منعه من التحديث، والفتيا، وتعليم الناس.لم يقل فليصبر وليحتسب على البلاء، وله أن يأخذ بالعزيمة فيكون كأبي ذر، أو أحمد بن نصر الخزاعي، وأبى مسهر الدمشقي، وابن تيمية، بل أوجب على العالم شرعاً أن ينصاع طالباً رضى الله بالانبطاح للحاكم، وقال بقول لم يسبق إليه أحد من علماء الأمة المجاهدين الصادقين .
منع لبس القيطاني للمرأة، والبنطلون عند زوجها، أباح التصفيق -الذي يحرمه- بحضور ولي الأمر في الحفلات، والمهرجانات التي كان يحضرها، أنكر حديث الجساسة ،وهو في صحيح مسلم، وكان له قول مشهور عن المعية الإلهية جر عليه أذى كثيراً، وسفهاً من البعض، كان هو أسعدهم بالصواب، ولكن الضجيج كان عالياً، أرغمه على التراجع . كان له مواقف في حياته مع مشايخ الصحوة، أحرجتهم كثيراً، وكانت سبباً في وهنهم، اتخذوه وابن باز جنة يتقون بفتاواهما، وأقوالهما، وتزكياتهما، سهام المخالفين، ويدرآن بهما في نحور خصومهم، فانقلبا وبالاً، وتحولا عبئاً، ومضيا إلى الآخرة، بعد أن كانا ملء سمع الدنيا وبصرها.
كان ساكن (البطين) لا يرى ابن عثيمين أهلاً لوصف العالم، كان يشتمه ونحن نصفق له، في الوقت الذي كان من تلاميذ ابن عثيمين من يبزه علماً، وفهماً، و…….،وأموراً أخرى.
*مع الأسف. أنا لا أجيد لغة أخرى غير العربية،وأنا جاد في تعلمها.نقول إنشاء الله.
20-سؤال عبدالقاهر:
الأخ الكريم: منصور
س1/ ماحدود الحرية الدينية في نظرك؟
س2/هل في الدين الإسلامي ثوابت ومتغيرات في نظرك؟
س3/هل تعتبر ( مذهب أهل السنة والجماعة) على الجادة أم لا؟بمعنى هل يملكون الحقيقة المطلقة؟.
س4/مار أيك في الرافضة من الناحية العقائدية؟ وماذا تعد الخميني في نظرك؟
س5/ماهي الكتب التي أثرت في حياتك غير كتب الجابري؟
س6/ماذا تعني لك هذه الكلمات ،والاسماء:
الحرية:-
الوطن:
العقل:
الشيخ ابن باز:
الشيخ سلمان العودة:
محمد عابد الجابري:
الشيخ عبدالله الدويش:
16-
شكراً للأخ المكرم عبدالقاهر .
*حدود الحرية الدينية عندي هي الحدود التي منحت عبدالله بن أبي بن سلول أن يقول :”لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل“. يقصد أنه هو الأعز ،والرسول”ص” الأذل!، ولم يقتله رسول الله..
تقولون خشية أن يقال إن محمداً يقتل أصحابه، أقول: لم تكن هناك حملات توعية، تمهد للقضاء عليه، لم تعقد له الجلسات، لم تكن خطب الجمعة عنه،لم يقم أبو هريرة بنشر مطويات تحذر منه،وتوضح عظم خطره على الإسلام، ولم يتناوله الرسول بالحديث عن نفاقه علناً. ولم تنزل سورة تفضحه باسمه كما فعل مع أبي لهب، وزوجته البائسة أم جميل. كان يقوم بين يدي الرسول”ص” يوم الجمعة عقب الصلاة، ويعظ الناس. لم ينقل عن الرسول أنه قاطعه أو أسكته، أو أهانه في مجلس،أو كسر خاطره علناً. كان يرغم فتياته على البغاء”تجارة الرقيق الأبيض”، وهو بين ظهراني المسلمين في المدينة، فنزلت فيه آية “النور”، بعتاب لطيف، “ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم”، لم ينقل أنه امتنع من ذلك الفسق ولم تتم مداهمته بأحد جموس الهيئة، أو على الأباعر بقيادة عباد بن بشر، أو عبدالله بن أنيس ، مات فكان محل التقدير والاحترام،ألبسه الرسول جبته،ونزل معه في قبره، ونزلت آية التوبة تنهى الرسول عن الصلاة عليه، وانه لو استغفر له سبعين مرة، فلن يغفر الله له، وقال الرسول:” لوعلمت أنني إن زدت غفرله لفعلت ذلك”. هذه هي الحرية التي كانت في المدينة على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أماحدود الحرية السلوكية والأخلاقية، فهي التي تسمح لمثل مغيث أن يتبع بريرة،في الأسواق، والناس جيئة وذهاباً، وهي ليست على ذمته، ودموعه- ياعيني عليه-تسيل على خديه وقد ذاب قلبه عليها حباً وعشقاً، والرسول ينظر إليه ويعجب، ثم يلتفت إلى العباس ويقول: ألا تعجب من حب مغيث لبريرة؟ ومن بغض بريرة له؟.
ومنها حدود حرية المسلك والاجتهاد الفقهي، حيث كان من المشهور أن أبا طلحة الأنصاري كان يأكل البرد في رمضان، وهو صائم ويقول:”إنه ليس بطعام ولا شراب”! ولم يتعرض له أحد بأذى أو تضييق، وهي الحرية التي تسمح لعائشة أن تكذِّبَ أحاديث يحدث بها بعض الصحابة، وترد عليهم بناء على رؤيتها الشخصية.
*نعم الإسلام له ثوابت ومتغيرات.
*أهل السنة والجماعة كغيرهم، لديهم صواب وخطأ.أما الحقيقة المطلقة. فلا أدري ما تقصد بها؟
*أما الشيعة فهم إخواني.وأما الخميني، فلم اقرأ له شيئاً.
*من الكتب التي أثرت في تفكيري، كتاب” المحنة…جدلية الديني والسياسي في الإسلام“. لفهمي جدعان.
*الحرية هي الإكسير لإبداع الإنسان.
أما الوطن…….. فلو شغلت في الخلد عنه.*.نازعتني إليه في الخلد نفسي.
*إن كنت تنعم بعقل.. فهاجر قبل أن يطير منك.
*ابن باز :أجبت عنه سابقاً.
* سلمان العودة: لاأعلم إن كان قد درج على أرض هذه البقعة منذ مائتي سنة أو أكثر من هو في مثل عقله وفصاحته، وحسن بيانه. كنت إذا جلست إليه ارتبكت في الحديث، ولم أستطع جمع كلمتين ، جلست معه بعد أن أفرج عنه بشهر ونصف، وتحادثنا أربع ساعات متوالية. في تلك الجلسة تغلبت على تلك العقدة. رأيت فيه عقلاً كبيراً، وشيخاً مستنيراً، اعتقله ماضيه، وقيده مريدوه، وكبلته مئات الأشرطة والمحاضرات التي تلتف حول عنقه، وتطالبه بالوفاء. هو يتململ، ويرقب، ويتربص الفرصة السانحة. قيادي من الطراز الأول،ورجل دين بارز، خطيب لايجارى،وسياسي يحسب لكل شيء حسابه، وقع بيان المثقفين، فكتب الآخرون نقداً. ووافق توقيعه مني هوىً فلزمت الصمت، وطفقت أتفرج. تراجع عن البيان فخاب فيه ظني، نُشرتْ الرسالة الجوابية للمثقفين الأمريكان فقلت: سأكتب، ذكرتُ الجميع باسمائهم، وهزمني حبه فلم أفصح عن اسمه…..تعوذوا بالله من الهوى….
.لا… ليس حباً .إنه ذماء حب ماض . وقفتُ على أطلاله وقلت :إن للأموات لحرمة.
قال لي أحدهم: هو يراك ممن زاغوا عن الطريق القويم… أبعدت القذاة عن عيني… وظللت أعزف أغنيتي.
*الجابري، قرأت له كتباً..هو أكبر من أن تسألني عنه.
21-سؤال ابن رشد:
التحولات متنوعة .. أهمها التحول عن الرأي ..!!
بسم الله ..
اللهم بك أستعين على محاورة الضيف الكريم ..
بعد تردد ، وتأمل ماكتب هنا أحاول أن أطرح حواراً يليق باختلافه .. !!
أستاذ / نقيدان :
تحياتي . تقديري البالغ لشخصك الكريم ؛ لرأيك ؛ لتحررك ؛ لكل ماهو مختلف عندك .
لاحظ أن السطر السابق ، بصراحة ، يوحي لك أنك ستواجه من سيضع لك بعض الألغام ، فاحذر ..
لكن شجعتني اجاباتك الجريئة فأردت أن أحاورك حواراً بمستوى جراءتك . يكفيك شجاعةً أنك تكتب باسمك الصريح ؛ وتتحمل تبعات ما تقول . هنا نقطة تميزك ، لا شك أنك تدرك أن أراءك الحالية لست سابقـًا إليها ، تعلم أن كثيرًا مما ترتأي هو فكر موجود منتشر ، بصمت ، لدى كثير من المتعلمين الذين لم يدرسوا دراسات دينية . تعلم أن كثيرًا منهم لم يأخذوا مأخذ الجد التفسيرات التقليدية السائدة للدين الإسلامي ، فنشأوا على قراءات أخرى إما في مجال الثقافة العامة و الفكر العربي الحديث ، أو الدراسات العلمية الطبيعية المعاصرة . لكنهم غير راغبين ، أو غير قادرين على المواجهة أو الرفض لما ترفض الأن .. بل إني أذهب إلى أن الذين ليس لهم اهتمامات علمية و ثقافية من الذين هم أقل تعليمـًا من المنشغلين بهموم معاشهم أو طموحاتهم المالية أو التجارية أو أوضاعهم العائلية لم يكونوا يُـسَـلمون بالتفسير الديني السائد ، وإن وصفوا بأنهم عوام . لكنهم يرون أن حالهم حال غيرهم .
غايتي أن أقول أن الأهمية ليس في ما تقول ، بل في أنك أنت الذي يقول ، لأنك خرجت من صميم مدرسة متشددة ترى رأيـًا واحداً . وهنا دورك و أهمية قراءتك الجديدة للدين الاسلامي ..
قرأت مقالاتك التي نشرتها في المجلة ؛ أظنني قرأتها جيدا كلها ، أدهشتني ، لم أكن أتصور أن التيار السلفي التقليدي يمكن أن يُخرج شخصـًا مثلك . كنت أتابعها أيام ازدهارها أثناء فترة عبد العزيز الخميس . هل نقول أنك اللعنة التي حلت به وليس قصة ابنة الأخ العقيد هي التي أودت به ، والدليل أنه لم يظهر في قناة الـANN بعد أن استضافك هاتفيـًا . هل من خبر عنه ، وعن علاقتك به ..؟هل تتبع مركزه المعني بحقوق الانسان ؟ أو تنوي اللحاق به ..؟ [ 2 ] :
بما أنك درست الشرع . ثم انتقلت إلى القراءات الحديثة ، فإني أسأل ، أو قد ترى أني أستفتيك في ثلاث فقرات :
( أ ) : ما قولك في قراءة مثل كتب نصر حامد أبو زيد ، وهو الذي يقول في كتابه ” مفهوم النص ” عن نزول القرآن الكريم : ” .. . أن هذا الرأي يتصور للنص وجوداً خطيـًا سابقـًا في اللوح المحفوظ ..” لاحظ الفعل [ يتصور ] ..! من صفحة 42 .. وخاصة بالنسبة للذين لم يدرسوا دراسات دينية ..؟
( ب ) : هل يطعن في دين الرجل أن لا يرى أن الجن يؤثر على حياة الانسان بضر أو نفع ..؟ أو أن لا يقبل أن الجن يتلبس الانسان ..؟ أو لا يرى أن [ العين ] إلا أسطورة من أساطير القرون الوسطى ,,؟
( جـ ) : هل وجدت بعد دراساتك الدينية المعمقة أن الاسلام لا يمانع أن يكون نظام الدولة و المجتمع علمانيـًا ..؟ أو على الأقل هل ترى أنه لا بأس أن يكون المسلم علمانيـًا أو ليبراليـًا ..؟
أي أنه يمكن أن يكون صحيح الاسلام وهو علماني أو ليبرالي ..ما رأيك ..؟
هل وصلت إلى القناعة و الشجاعة أن تقول أن الاسلام ليس ضد العلمانية .. ؟ أم أنت تجزم أنه دينٌ شامل لا يقبل العلمانية ..!!
اتضح لي أن المشروع الفكري لمحمد عابد الجابري ؛ قد أنشـأَ عندك أساسـًا تعتمد عليه ، هل أنت ثابتٌ عليه أم تجاوزته إلى نقده و هدمه كما عند جورج طرابيشي ، في مشروعه ( نقد نقد العقل العربي ) ، خاصةً أن الأول لا يقف موقفـًا واضحـًا من العلمانية ، بل هو اقرب إلى رفضها ..؟ [ 4 ] :
ألاحظ أنك تشير إلى بعض الشخصيات الدينية ذات السمعة الشعبية . مثل سلمان عودة
؛ فهل تتوقع منهم نقداً ذاتيـًا في الأمد القريب ..؟ هل تفسر نشاطهم الحالي أنهم يحبون الضوء ..؟
هل لديك معلومات أنهم يعون دورهم الذي أثروا به على عموم الشباب بالانفعال ووضع البلد في حالة تحفز منذ أكثر من عشر سنوات ..؟ هل أنت مطلع على أنهم يعون مدى دورهم في تكوين النظرة السلبية نحو ممن ليسوا من المطاوعة أو دعني أقول هل توافق على أنهم أنشأوا انقسامـا ثقافيـًا بتركيزهم على فصل من يُسمون شباب الصحوة عن غيرهم ممن لا ينطبق عليهم الوصف ..؟ [ 5 ] :
طبقـًا لكلامك السابق في هذا اللقاء ، هل تقترح أن ننتزع مصطلح (( الــصــحـوة )) من أصحابه ، بأن لا نستخدمه ..؟ لأن في استخدامه انسياقـًا وراء مصطلح يمزق ، يحدد . أو رضوخـًا لتيار أثبت أنه على الأقل ليس محل اتفاق .. ..؟ [ 6 ] :
( أ ) : بنــاءً على ما أوردت من قصص عن جامعة الامام ، هل تعتقد أنه من مصلحة بلادنا أن تقلص الحكومة حجمها تدريجيـًا ، وتقلل أعداد الطلاب في السنوات القادمة ..؟ هل يبدو لك أن الغاء معاهدها العلمية خطوة مفيدة للبلد ، و هل هي ممكنة ..؟ ..! ..!!
( ب ) : هل تعتقد أن جامعة الامام و من ورائها الحكومة هي السبب الأساسي في أن تصبح بلدك بلد التشدد و التطرف [ المقصود بريدة تحديدا أو القصيم عمومـًا ] ..؟ أليست الحكومة قد شجعت ، ودعمت سابقـًا الدراسات الدينية التقليدية غير النظامية ، لدى كبار الفاعلين الدينيين مثل ابن عثيمين و غيره ..؟
( ج ) : هل تؤيد تدريس الفلسفة ..؟ أم أنك ترى أن الإسلام يحضرها ..؟ هل تجد أن فهمك للشرع يمنعك من دراستها أو القراءة فيها …؟ أم هل قرأت عن فولتير ، روسو ، ديكارت ، كانط ، هابرماس ، ميشيل فوكو .. وغيرهم ..؟ هل تجد أن في الفلسفة مايفيد و يفتح العقل و الفكر ,,؟ [ 7 ] :
( أ ) : هل تعتقد أنه يمكن بارادة الحكومة تقليص الحدة الفكرية ، والتشدد الديني في البلد بعد أن تغلغل إلى دور الحضانة و رياض الأطفال ..؟
( ب ) : ألا تظن أن المجتمع خاصة في نجد يزداد اندفاعـًا نحو التشدد كرد فعل شرعي طبيعي ضد التدخل الأمريكي في المناهج و سلوك المجتمع و أخلاقياته ..؟ [ 8 ] :
ما قولك في الموقف الأمريكي المتعسف في تأييده لإسرائيل ، أليس سببـًا كافيـًا في كراهية العرب و المسلمين للغرب الاستعماري الذي يدعم المذابح الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني .. ؟ بوضوح أو بطريقة أخرى أسأل : ألا توافق أن المشكل ليس في المناهج و لا في التربية و لا في الوهابية ، بل في معاناة الشعوب العربية اليومية و هي تقف عاجزة أمام الإبادة المستمرة لشعب أعزل ضعيف ، تطرده السياسة الأمريكية الاسرائيلية من وطنه ، وتقتل نساءه و تجوع أطفاله ..؟
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اقتراح :
بما أنك سردت التحول الفكري الذي طرأ عليك ، فأقترح عليك أن تكتب رواية ، ولعلك تجد في كتاب علي حرب الموسوم : [ خــطاب الــهويــة : سيرة فكرية ] ، ففي هذه الرواية يسرد ما طرأ على تربيته ، وتعليمه و ثقافته و فكره من تغيرات عميقة ، أرى أن لديك الخام أو المادة التي تصلح لمثلها . قد يكون الوقت مبكراً، فلا زلت صغيراً ، لكن أقترح أن تبدأ الأن ، لتنشرها عندما تقارب الخمسين إن شاء الله .
طلب :
إن تكرمت ، أن تضع رابطـًا يدل على مقالتك التي تطرقت لها ( هذا ما تعلمت في المسجد ) . لا أريد أن أزعجك بوضعها هنا إن لم يسبق لك أن نشرتها في الشبكة ، لكني حريص أن أقرأها . مع جزيل الشكر مقدمــًأ .. ..
رجــاء :
أستميحك المعذرة على أني أطلت ، بصراحة ، حاولت أن أختصر ، أو أقتصر على بعض الأسئلة دون بعض لكني فشلت . لعل السبب يكمن جزئيـًا في تدفقك المدهش الذي ربما وجد هوى في نفسي ، أو ميلاً
لــ[ بــعض ] ما تقول ، فالاتفاق التام متعذر ..
ختــامــاً : تقبل تحياتي الفائقة ، تحيات تشبهك و لا تشبهك ، ،
لك تقديري البالغ المفعم بكل ماهو مختلف …. ..
17-
شكراً لك عزيزي ابن رشد ابن على مشاعرك النبيلة الصادقة، ولك الشكر ثانية لما طرحته من أسئلة هامة للغاية.
*قضية الأستاذ عبد العزيز الخميس مع الشركة السعودية، كتب هو نفسه عنها،..لا أذكر أين قرأت ذلك..ربما في منتدى طوى.نعم قرأته قبل شهر.
أما خلافه مع الـ ANN فليس بسببي، بل لأن البرنامج موجه في الأساس إلى السعوديين، والقضايا التي كان يتطرق لها كانت حساسة سببت إحراجاً للقائمين على القناة.أما مركزه عن حقوق الإنسان فليس لي علاقة به. كما لا أنوي ألبتة أن ألحق به.لم ألحق به؟.وهل كل من أصبح معارضاً لزمنا غرزه؟.هو له رؤيته وتصوره، وأنا لي رؤيتي، أنا هنا لدي هم وقضية محددة، ولست أعاني من كبت يستحيل معه أن أكتب أو أعبر عن رأيي. اهتمامي منصب على مسائل الفكر الديني، وهذا مجالي الذي ربما أحسن فيه، وإن مد الله في عمري عكفت على التأليف .الآن لدي رغبة عارمة بالتفرغ للقراءة فقد تقادم عهدي بالكتاب. الإحباط، والمناخ العام القاتم، وسهام تنحت آثارها في فؤادك، وحب جريح، وجموح النفس عن الاستقرار في الآونة الأخيرة..وكأنما أنا كما يصف المتنبي نفسه …”على قلق كأن الريح تحتي”…هي عوامل كثيرة متشابكة تأخذ بي بعيداً أحياناً، وتشلني عن الحراك، والتفكير.
ومع ضيق في نفسي حيث ضاع علي فرص للعمل كثيرة خارج السعودية، بسبب منعي من السفر حتى ساعتي هذه، ومع أنني ساخط من الأوضاع، ولكنني لن أكون يوماً موجهاً سهامي لبلدي من بلد آخر. قد أشارك في برنامج حواري في فضائية خارج الحدود. قد أنشر مقالاً في صحيفة أجنبية. ولكنني سأنطلق من هنا.. سأبقى إن كان لي كلمة أقولها هنا..في بلدي.
الإيقاع رتيب، والإصلاح يخطو متثاقلاً، والعالم من حولنا يقفز قفز الأرانب. أن أسمع هنا توجع الأخيار والمصلحين، ونظرات الخائفين المتسائلة من القادم المجهول، وحشرجات العجائز والشيوخ الوجلين، خير لي ألف مرة من أن أرى الشماتة في عيون الحاقدين.
هناك صعوبة في الوصول إلى أصحاب القرار.هناك تجاهل مقصود. هناك سياسات غير مفهومة. ولكن يبقى أن لنا واجباً والتزاماً تجاه تراب هذه البقعة، وتجاه بلدنا،وشعبنا.أما أن يكون هناك توافق في الرؤية بيني وبين بعض ذوي الهم الإصلاحي والسياسي، وتطابق في قضايا معينة محددة. يمكنني أن أسهم في دعمها، فلن أتردد. يبقى أن هناك محاذير، وحسابات، يجب على الواحد منا أن يضعها في الحسبان، والعبد الضعيف من قبل ومن بعد يجتهد ويقلب الأمور على وجوهها، ثم يمضي.
..هاأنت تراني أعيش حياتي كالآخرين، وأكتب كما هم يكتبون، لي أهداف في الحياة. وأكابد الحياة كالناس. منا من يبتلى في أهله، ومنا من يبتلى في ماله، ومنا من يبتلى في نفسه. ومنا الذين يرون الكتابة هماً.
.. ومع كل عاصفة أمني نفسي..وأكذبها الحديث …إن صدق النفس يزري بالأمل.
قبل وفاة العبد الصالح محمد المحمود زرته مع أحد الأصدقاء.كانت زيارتي له قبل وفاته بأيام قليلة جداً. خرج صديقي من الغرفة ولم يكتم أحزانه، لزم زاوية في الممر وانهال يبكي. وأما أنا فجللني الوجوم، كانت من محمد وهو يودع حياتنا كلمات ليست كالكلمات..وحديثاً ليس من هذه الدنيا..بين كل جملتين كانت تضوع رائحة العالم الآخر، وأدركت ساعتها أنني على تخوم الحقيقة..على مشارفها..كنت أتحسسها..داهمني لحظتها شعور جارف بأنني لو خطوت نحو سريره خطوة أخرى لربما ابتلعني العالم الآخر…مات الطاهر محمد وفاضت روحه..وبقيت أنا..
.الإنسان يابن رشد….لايحيا مرتين.
أما سؤالك عن قراءة مثل كتب نصر حامد أبو زيد ، وهو الذي يقول في كتابه ” مفهوم النص ” عن نزول القرآن الكريم : ” .. . أن هذا الرأي يتصور للنص وجوداً خطيـًا سابقـًا في اللوح المحفوظ ..” لاحظ الفعل [ يتصور ] ..! من صفحة 42 .. وخاصة بالنسبة للذين لم يدرسوا دراسات دينية ..؟ أنت تريد مني فتوى،وليس رأياً!.
لم أقرأ لنصر أبو زيد إلا مقابلته الرائعة التي أجراها معه محمد الأتاسي، ونشرتها النهار اللبنانية.أما القراءة، فاقرأ ما شئت. وليس بالضرورة أن يعتنق الواحد منا كل ما يقرؤه.أو يتفق معه، وإلا لاجتماع فيه متناقضات الفكر. ..أتعتقد أن من لديهم حصانة من العلم الشرعي، مستثنون؟ أبداً يا سيدي. في مجتمعنا وعند بعض الفضلاء من مشايخنا لافرق بين مبتدئ، وطالب علم، بين الشيخ، وبين غيره.دعك من “أبو زيد”. إذا كان كتاب “الحلال والحرام في الإسلام” للشيخ القرضاوي قد حاول بعض العلماء قديماً منعه من التوزيع، ولولا شفاعة ابن باز في الموضوع، بعد حديث مع الشيخ القرضاوي، لما فسح المجال له، وفي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، تحدث أستاذ أصول الفقه إلى طلابه يحذرهم من أن قناة الجزيرة التي تبث فتاوى القرضاوي، أعظم ضرراً وإثماً من قنوات الـ SEX !.
على كل هي باقعة متفهم صدورها من عقلية ترى أن” أصحابنا إذا قعدت بهم أعمالهم(فجروا شربوا الخمر،أكلوا المال الحرام)، رفعتهم عقائدهم.وهذا المفهوم المشوه لحقيقة الدين، والتقوى مبني على رؤية فلسفية للإيمان قد يأتي الحديث عنها، إن سمح لنا الوقت بذلك، ولهذا عليك أن لاتصاب بالصدمة، إذا علمت أن كتاب” تحرير المرأة في عصر الرسالة”-لعبد الحليم أبو شقة رحمه الله.وقد اعتمد فقط نصوص القرآن وأحاديث الصحيحين، مع شروح العلماء وقدم له القرضاوي- ممنوع في الأسواق، في الوقت الذي تعج محلات البيع بمئات المجلات النسائية التي تتاجر بالغرائز،في بلد الشريعة.
هناك هلع فوق ماتتصور من الرأي الفقهي المخالف. فقد تلقيت فترة عملي في صحيفة الوطن خطاباً يتضمن توصية سماحة المفتي بأن لا ينشر في الصحافة ، فتوى لغير المخولين بالإفتاء من علماء السعودية. كان هناك امتعاض من نشر فتاوى، ومذكرات القرضاوي التي نشرتها الوطن في شهر رمضان عام 1422هـ .
وكان الأستاذ مشاري الذايدي قد أجرى لقاء مع سماحة المفتي نشرته الوطن في عددها الثاني، حرصنا فيه على أن يوجه إليه سؤال عن فتاوى العلماء من البلدان الإسلامية الأخرى.فكان جوابه رائعاً يعكس روح التسامح والاعتدال، والتقدير لعلماء المسلمين!.ولكن أين ما يصدق ذلك من الواقع؟ لن تجد شيئاً.
أنا لم أكتب أكثر من اثنين وثلاثين مقالاً، ولم أذكر أنني استشهدت يوماً برأي لنصر أبو زيد، أو للجابري، أو أركون. أبداً.كان معظمها استدلالاَ بالنصوص، واستشهادا بكلام الفقهاء والعلماء المسلمين. ولما نشرت مجلة المجلة بحثي حول البطاقة الشخصية، راق البحث لبعض كبار العلماء، وأعجبهم، وقد قرأ أحدهم المقال على سماحة المفتي آل الشيخ يستأذنه بكتابة رد على بحثي فقال له الشيخ: أكتب، وارفق به، وكن ليناً. ومع كل ذلك كان ما علمتموه من الردود والنشرات التي لم يبق لي بعضهم فيها حتى حق الإسلام.
أنا أطمح فقط إلى أن يكون لدينا حس نقدي عالِ تجاه ما يلقمونه إيانا، وما يستقر في أذهاننا منذ نعومة أظفارنا، وما يقوله الخطيب، والشيخ ،ومدرس الدين، وإذا كنت أنا قد قرأت لحامد أبو زيد مثلاً، أو لغيره، فلايعني أن أدعو الناس زرافات ووحداناً إلى قراءتها. هم لم يطيقوا خلافات فقهية لعلماء المالكية في الشرقية،ولا لعلماء الشافعية في الجنوب، أتراهم يملكون من رحابة الصدر مايجعلهم يتجلدون لمجرد ذكر مثل هذه الأسماء فضلاً عن كتبها؟
إذا كان د.محمد الدريعي الأستاذ بكلية الشرعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، سئل العام الماضي في برنامج فتاوى على الهواء في راديو MBC-FM عن كلمة وردت في رواية تركي الحمد “أطياف الأزقة المهجورة” لم يكن السائل ولا المسئول يعلم أين هي.ولاأين قيلت؟ ولا أين ذكرت ،وهل هي أطلقت في مجلس خاص؟ أم في محاضرة أو درس؟ هل قالها وهو نائم، في مناظرة مع الشيطان فالتقطها أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف وطاربها؟ فكان جوابه.: ” نعم صحيح .هذه الكلمة يقال أنه ذكرها في مجلس مع بعض أصدقائه ! ونحن سنقوم بالواجب وعرض الموضوع على هيئة كبار العلماء ثم رفعه إلى (ولي الأمر).! سمعتها أذناي ووعاها قلبي.
أيها الفيلسوف. اقرأ ماشئت، ودع الناس يقرأون، لقد ذكر الله أن في القرآن محكماً ومتشابهاً، وذكر أن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ماتشابه منه، فكيف هو الحال لو وقف أحدهم عند بعض الآيات، وبدأ الشك يتعاظم فيه،حتى انسلخ. أيقال للناس: لاتقرأوا القرآن!. أو نكلف بعض الأخوة بإعداد مطويات تحمل اسم” آيات مختارة من القرآن الكريم”، تزال منها الآيات المتشابهة!.
من يقول إن القراءة في الكتاب المطبوع تسبب الانحراف والزيغ، فأمامه الكون كتاباً مفتوحاً وكم من شخص كان القدر، والحظوظ، والعدل الإلهي، وتفاوت الناس في الأرزاق، سبباً في شكه، وإلحاده.وأكثر الشك كما يرى صاحب كتاب “قصة الإيمان” جاء من قبل القدر.فضلاً عن الفتوحات العلمية، والكشوفات التي تزلزل القناعات السائدة ، وتحدث دوياً هائلاً، ألجأ البعض إلى إعادة تفسير النصوص المتعلقة بالكون،وحملهم على اللهاث خلف شروح توفيقية مستمرة…
هناك دائما عملية إعادة تفسير مستمرة لنصوص القرآن، غيرأن كونها تجري دائماً بعيداً عن الضوضاء، داخل مراكز دراسات ،تنشر بحوثها في دوريات ومطبوعات متخصصة، ، جنبها ردود أفعال تقضي عليها في مهدها ، ومكنها من أن تخطو خطوات .كما أن بحث الناس دائماً إثر كل اكتشاف علمي عن اليقين، والطمأنينة،أكسب تلك التأويلات المحدثة لنصوص الوحي، إطاراً تتحرك فيه، ومباركة من علماء الدين، فمادام أن ذلك يصب في صالح الإيمان- على خطورة هذا النهج والمقامرة والرهان على أن النص الإلهي لا يحتمل إلا هذا المعنى – فما المانع؟.
دعني وإياك نخوض تجربة على عجل. تعمق في قراءة سير بعض الصحابة. أقترح عليك حذيفة بن اليمان مثلاً. هل تتصور أن رب العالمين يمنح شخصاً كحذيفة سلطة معلوماتية خطيرة…. كل الملفات لديه. مركونة في الدرج… شخص بإمكانه أن يطلق في مجلس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أسر إليه أن فلان من المنافقين ، وتكون مأساةٌ بشرية.
مامصير الضحية؟ ماذنبه.؟
هل حذيفة يبلغ من العصمة ما يمنعه من أن يستغل هذه السلطة الرهيبة لابتزاز الآخرين؟ حتى إن عمر، وهو الذي بشر بالجنة، وأخبر النبي “ص” أنه محدث – وهو الذي يلقى الأمر في رُوْعِه فينطق به فيقع كما هو- يأتي ليسأله هل ذكره الرسول في المنافقين؟
ماكان الله ليؤتي بشراً من خلقه أمراً هو من الغيب الذي لا يعلم مفاتحه إلا هو. لقد طال الحديث يابن رشد.
أما سؤالك عن هل وجدت بعد دراساتك الدينية المعمقة أن الإسلام لا يمانع أن يكون نظام الدولة و المجتمع علمانيـًا ..؟ أو على الأقل هل أرى أنه لا بأس أن يكون المسلم علمانيـًا أو ليبراليـًا ..؟ أي أنه يمكن أن يكون صحيح الإسلام وهو علماني أو ليبرالي ..ما رأيك ..؟ وهل وصلت إلى القناعة و الشجاعة أن أقول أن الإسلام ليس ضد العلمانية .. ؟ أم أنني أجزم أنه دينٌ شامل لا يقبل العلمانية ..!
إن الإجابة بالنفي، أو الإثبات، لن تعطي تصوراً واضحاً، فلقد تعلمت في دروس العقائد، أن النفي أو الإثبات المطلق، قد يوهم معنى فاسداً. فالذي أعرفه أن العلمانية مذاهب شتى، وأن الدنيوية أو الليبرالية، قد تكون تعبيراً ملطفاً أو مناسباً.
كلنا نعلم أن أكبر القضايا الشائكة في هذا الملف، هي قضايا/ الحدود الشرعية /التعددية، /حرية التعبير=الحرية الدينية.
ومن كان منا متابعاً للقاءات والحوارات التي أجرتها عدد من الفضائيات والصحف مع الرموز الدينية لمسلمي أميركا-ومنهم بعض القائمين على المعهد العالمي للفكر الإسلامي الذي له إنتاج ضخم فيما يخص هذه القضايا- ، رأى كيف كان التردد، والإحجام، والخوف من أن يكون لهم آراء جريئة تسبب لهم صداعاً هم في غنىً عنه. وظهر ذلك واضحاً في موقفهم من الحملة الأمريكية على أفغانستان، وحكم التحاق الجنود المسلمين في الجيش الأمريكي بتلك الحملة.
أنت حينما تقرأ الشريعة، تدرك أن التشريع يشمل أحكام ما أمر الله به، وأحكام مانهى عنه، وما ندب إليه.من المعاملات والعبادات. وقد ذكرت سورة التوبة مصارف الزكاة الثمانية، منها المؤلفة قلوبهم، وكان الرسول يعطي منها رؤساء القبائل طمعاً في إسلامهم، وقد وجد الأنصار في نفوسهم بعد منصرفه عليه السلام من حنين، والحديث في الصحيحين، وكان قد كبر عليهم أن يُعطى الآخرون من الغنائم والسبي، كعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وهم يرجعون بالقليل، فلما حكم عمر أوقف سهم المؤلفة قلوبهم، وقال قد كان ذلك في وقت يحتاج فيه الإسلام إلى قوتهم، أما وقد عز فلا حاجة للإسلام بهم.
وهذا عثمان بن عفان قد خالف ماكان عليه الأمر من قبله منذ عهد الرسول”ص” حيث ألحق ضوال الإبل، بإبل الصدقة. وقد كانت السنة ” أن ضوال الإبل تملك قدرة على العيش والدفاع عن نفسها، فلا تُلتقطْ ، ولا يُتعرضْ لها، وقد قال الرسول لمن سأله عنها:” مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وترعى الكلأ”. ولكن عثمان فضل أن يلحقها بإبل الصدقة حتى يأتي صاحبها، فإن جاء دفع حق رعايتها. وإلا بقيت وماكان من نتاجها ألحق بالصدقة….
هو اجتهاد جريء من عثمان رأى فيه أن في إلحاقها بإبل الصدقة، منفعة للطرفين، فهي من جهة تحفظ الدابة لصاحبها وتصونها، وتغذوها حتى يأتي. وفي المقابل يكون نتاجها تابعا لإبل الصدقة، والذي يهمني من إيراد هذا المثال هو كيف أن عثمان لم يتردد فيقولَ :لمَ أبدِّلُ في أمر كان من العهد الأول، ومضى عليه خليفتان من قبلي؟ بل حكم المصلحة الراجحة،واتبعها.
وهناك قواعد، هي عناوبن عريضة، يدفع فيها بالراح، كمقولة:” الحدود توقيفية، ولا يجوز الاجتهاد، أو إعادة النظر فيها، أو استبدال عقوباتها المحددة بأخرى“.
لكنك حينما تتجاوز هذا التعميم إلى قراءة كل جزئية على حده، ستجد خلاف ذلك.
كان قد جرى حديث بيني وبين أحد هم في رمضان حول صلاة التراويح، كنت أقول له. إن كنتم تقولون إن خشية الرسول “ص” من فرض” إيجاب” قيام الليل/صلاة التراويح على المسلمين هي السبب في امتناعه عن استمرار الصلاة بهم بعد أن اجتمعوا وصلوا خلفه، ولهذا جمع عمر الناس في عهده، بعد أن زالت العلة، وهي خشية الرسول من فرضها على المسلمين…. فهل تقول إن كثيراً من الأحكام التي زالت علة تشريعها اليوم لا معنى لها، ككثير من أحاديث النهي عن التشبه بغير المسلمين في الزي أو الهيئة.! قال: ” لا. هذه سنة عمر وسنته، واجبة، ولو طردنا هذا الأصل في كل مسألة لما بقي لنا دين“!
كنت قد قرأت في جريدة الشرق الأوسط، تصريحاً لوكيل وزارة الشؤون الإسلامية، ذكر فيه أن الدعاء على الكفار في القنوت لايجوز.
ولكننا نعلم أنه قد صح في البخاري أن الرسول”ص” أنه كان في قنوته يلعن الكفار– جنس الكفار من حيث هم كفار- وهذا غير دعائه على قبائل، وأحياء من العرب بعينها، كرعل وذكوان.
لقد حسم القرآن هذه القضية حينما نزل قوله: “ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم، أو يعذبهم فإنهم ظالمون”.وكانت قد نزلت تنهى الرسول عن دعائه على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وقد أسلموا جميعهم.
وهذه الآية محكمة قاطعة فاصلة، فالأمر إلى الله، إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم، ولعنك ودعاؤك عليهم، لن يقدم شيئاً.
وهذا كما صدق في الثلاثة، يصدق على من عداهم بحيث ينتقل المنع من أفراد الشيء”صفوان.وسهيل..” إلى نوعه “كفار قريش” إلى جنسه” الكفار“.
أحد مصارف الزكاة الثمانية : “في سبيل الله” وهو لا ينصرف إلا إلى تجهيز المقاتلين لقتال غير المسلمين، والمرابطين منهم في الثغور. غير أن ابن تيمية، والشيخ عبدالرحمن بن سعدي، وسعا هذا المفهوم حتى خرج عن المراد منه في أصل التشريع، ليدخل فيه طلبة العلم الشرعي، وكتب الفقه وعلوم الشريعة.
وقد ذكر الفقهاء أن إقامة الحدود في أرض العدو، أثناء الجهاد، قد تلجيء المسلم إلى الفرار إلى صفوف الأعداء، وتأخير إقامته حتى العودة إلى “بلد الإسلام”، . و الرسول لم يقتل ابن أبي –وهو لايدخل في عداد المنافقين المستترين، بل كان من الزنادقة المعلنين لكفرهم في أكثر من مناسبة – ولم ينفه من المدينة لاعتبارات كثيرة.
وقد كان شارب الخمر يؤتى به إلى الرسول فيناله الناس بالضرب بالجريد، والنعال وبأيديهم، ولم يكن له عدد محدد من الجلدات، فحددها عمر بثمانين جلدة. وتلك العقلية العمرية التي لم تتهيب الزيادة في جنس العقوبة، أو تحديدها بعدد معين، لن تتهيب أن تلجأ إلى عقاب بديل رادع لحد من الحدود لو رأت في ذلك مصلحة ظاهرة راجحة.
هذه الروح في التعامل مع نصوص الشريعة وأحكامها، لو تم تفعيلها، بعملية مراجعة مستمرة، وإعادة تفسير متدفقة، مساوقة للتغير الهائل الذي طرأ على حياة المسلمين اليوم، في شتى مناحي الحياة- وقد ذكرنا سابقاً كيف نجحت عملية إعادة تفسير الآيات المتعلقة بالكون إثر كل اكتشاف علمي- فلربما تعطي بديلاً لنموذج علماني متعسف، ولكن إن استمر الحال على هذا الجمود، والتخاذل، والانكفاء مع امتلاء أهوج وتورم أرعن :”أننا نملك الحل لهذا العالم”،من دون أن نرى شيئا مقنعاً على أرض الواقع، فالمآل معروف للجميع.فالبديل معروف.
الذين يريدون تحقيق نموذج يُحتذي لحكومة إسلامية فعليهم أن يضعوا في الاعتبار فقه المصالح والمقاصد، منهجاً لها، وأن يدركوا أن مصالح البشر الحقيقية أهم وأكبر من دعاوى الحفاظ على الأصالة…
.
(( أولم يقل الرسول: إن سفك دم المؤمن أعظم عند الله من هدم الكعبة؟ فكيف الحال حينما يكون الأمر هلاك أمة ، والقضاء على مصالح شعوبها؟((
ذكرت فيما مضى أمثلة لعمر وغيره، واجتهادات لعلماء كبار.أصحابنا قالوا نقف على ما جاء فيها عن عمر والخلفاء الراشدين، ولا نقيس. ولن نجعل من تلك العقلية إماماً. وهم في الوقت نفسه يكثرون من ذكر حديث..”عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها…”
مايثير دهشتي هو التوقف عند تلك الأمثلة، من دون الأخذ بروحها التي أبدعتها وأنتجتها. قد يكون احتذاء هذه العقلية المقاصدية، التي تتجاوز آحاد تلك المسائل،إلى كلياتها.. إلى عقلية عُمَرية ، وتفعيل تلك الاجتهادات الجريئة، ،دافعاً إلى الإمام لإيجاد تنمية حقيقة …لبناء الإنسان..لإنشاء مجتمع صحي سليم.
أما سؤالك الكريم عن هل من الممكن أن يكون المسلم ليبرالياً ومسلماً في الوقت نفسه؟ فنعم.
وأما العلماني فهذا يعتمد على كيفية تصورك للعلمانية، ولحقيقة لإيمان وعلاقة الإنسان بربه، وهل الدين الذي ينجو به العبد ويدخل الجنة هو الفطرة الإيمان بوحدانية الله التي نجى بها النجاشي وكان بها مسلماً، وهو لم يركع لله ركعة واحدة، ولم يبدل من سياسة حكمه قيد أنملة وبقي على سنة من قبله في السياسة والحكم، وقد تأخرت وفاته إلى السنة السادسة من الهجرة، بعد نزول أكثر الأحكام التشريعية.مما يجعلنا نجزم أنه كان مطلعاً أول بأول على مستجدات التشريع.ومع ذلك صلى عليه الرسول صلاة الغائب.
أما إن كان تصورك لحقيقة الإيمان لايكون الإنسان مؤمناً إلا بالإقرار والإذعان لحكم الشريعة، فهنا يأتي الحديث عن العذر بالجهل، والتأويل، وبيان الحجة، وهو حديث يطول، وإذا كان ابن تيمية يقول لخصومه . أنا أعذركم، ولكنني لو اعتقدت ماتقولون به لكفرتُ، فأحسب أن الأمر أيسر مما نتوهم.
أما الجابري فقد ذكرت في إجابة سالفة أنني حينما قرأت “بنية العقل العربي” أعاد ترتيب كل ماقرأته في متون العقيدة، وأنني حينما قرأت “تكوين العقل العربي”، أحسست أنني أدخل طوراً جديداً لم أذكر أنني متبن لمشروعه، فضلاً عن أن أكون ثابتاً عليه الآن.مع الأسف لم اقرأ ماكتبه طرابيشي.
واما سؤالك عن رموز الصحوة،فأعتقد أنني أجبت على سؤالك الكريم مفرقاً في إجاباتي لفلوبير، و”أبو فهر“، وعبدالقاهر، والشطر الأخير سأضمنه إنشاء الله جوابي لسؤال العزيز مسامح.
وأما سؤالك: هل تقترح أن ننتزع مصطلح (( الــصــحـوة )) من أصحابه ، بأن لا نستخدمه ..؟ لأن في استخدامه انسياقـًا وراء مصطلح يمزق ، يحدد . أو رضوخـًا لتيار أثبت أنه على الأقل ليس محل اتفاق .. ..؟
لوكان هذا الانتزاع كافياً لعلاج هذه الظاهرة الممزقة، لقلت لك نعم. غير أن تقسيم فئات المجتمع المؤمن جاء في القرآن حيث ذكر السابقين بالخيرات، والمقتصدين، والظالمين لأنفسهم. أما فرز المجتمع إلى فئتين أو فئات، من التزم هيئة لباس وزي معين، أو أطلق من شعر لحيته مساحة معينة، فهو مسلم ملتزم كامل الإيمان. فهو بدعة محدثة، في الدين.
الأمر يتعلق بإشكالية إدراكنا لمفهوم”الإيمان” الشرعي، وهل هو قاصر على الظاهر والباطن، أم انه حقيقة مركبة من كلا الاثنين.ومتعلق أيضاً بأحكام مسميات الإيمان وأوصافه، وقد ذكرها العلماء تحت عناوين كثيرة، كتميز طائفة ما بلباس محدد معين، أو باسم يميزهم عن غيرهم من فئات المؤمنين الآخرين.
حينما تستقريء نصوص الشريعة، لن تجد مثل هذه المسميات في العهد الأول /ملتزم/ وفاسق/. كان الناس صنفين اثنين. مؤمناً، وكافراً. وكان في المؤمنين المسلمين من يتخلف عن صلاة الفجر كصفوان بن المعطل الذي جاءت زوجته تشتكيه لرسول الله، وفيهم من يأتي بعض الذنوب والموبقات ، وفيهم من لم يكن يعرف إلا الأركان الخمسة،فقال فيه الرسول “أفلح إن صدق”وهو في الصحيحين.
ونحن إذا نظرنا إلى الإيمان الشرعي وجدناه مراتب. كمال الإيمان المستحب”المحسنون، و”السابقون بالخيرات”، و كمال الإيمان الواجب.المؤمنون الذين يقومون بالواجبات ويجانبون المحرمات، “المقتصدون”، وإيمان من يلابسون المحرمات ويرتكبون الكبائر، وهم الذين سماهم الله، ب”الذين أسرفوا على أنفسهم” ،وسماهم أيضاً ظالمين لأنفسهم. كـ”حمار” الذي كان كثيراً مايؤتى به للرسول ليقيم عليه عقوبة شرب المسكر. وقد نهى الرسول عن لعنه، وأخبر أنه يحب الله ورسوله، ومع ذلك فهو وغيره من الصحابة الذين عرفوا بارتكاب المعاصي لم يطلق عليهم وصف المسرفين. ولم يقسم المجتمع المسلم إلى فئتين أو فئات.الصحوة مفهوم محدث راج عقيب الثورة الإيرانية، وتحول اليوم وصفاً واسماً يكتسي صفة الشرعية..وصفاً جعل المجتمع المسلم عضين.
أما سؤالك عن جامعة الإمام، والمجتمع النجدي، فأعتقد أن ما سبق من إجابات تضمن شيئاً مما تريده.
أما كتابة رواية فبعد لست مؤهلاً لها. أما سيرة ذاتية.فهل بقي شيء يكتب؟.
مقالي” هكذا تعلمت في المسجد” موجود في إرشيف إيلاف .http://www.elaph.com/ اكتب في الباحث “النقيدان” سيخرج لك عدد من المواضيع هو من بينها .إن لم تتمكن أرسل إلى إيملي alngidan@yahoo.com رسالة وأنا بدوري سأرسله لك.
أعتذر إليك من عدم إجابتي على سؤالك عن القضية الفلسطينية،وأمريكا. فليس لدي جديد أقوله. كما أرجو أن ترجع إلى إجابتي للسؤال الثاني للأخ التميمي.
كما أعتذ عن الإجابة على باقي الأسئلة لأسباب، واعتبارات كثيرة.قد تأتي الفرصة لاحقاً لبيانها. شاكراً من كل كل قلبي الأخوة المشرفين الذين لم يألو اجهدا في إخراج هذا الحوار بما يليق بهذا الموقع الرائع داعيا الله سبحانه للدكتور.محسن العواجي والأخوة وسطيون، وسائر الأخوة الذين لم يبخلوا بالسؤال أو التعقيب.
منصور إبراهيم النقيدان
alngidan@yahoo.com
الرياض-العليا.