سؤال من صديقتي فاطمة
سؤال منصور :
برأيك بزماننا سهل الواحد يعيش تجربته الروحية؟
نعم، فاطمة، يمكنه ذلك، وهو منغمس في حياته اليومية.
اذا اتخذ الإنسان نهجاً مستنداً إلى وعي بكينونته، فحسن التعامل الرفيع مع الزملاء، التعاون مع الشركاء في العمل والتجارة، التنازل عن ردة فعلك تجاه العدوانية والهمجية التي تظهر في سلوك الآخرين،
الحب لمن يفتقد الحب وينفر منه غالب من يحتك به، وحمل النفس وتهذيبها وترويضها على ذلك، هو تجربة روحية، نحن نبالغ او نخدع أنفسنا إن ربطناها بالمتعة التي نظن اننا نستحقها فوراً كمكافأة لنا بسبب تنازلنا واقتحامنا مالا نحبه ونتجرعه كالعلقم.
حسنا إذا كان هذا مشوباً برواقية تمنحك الصبر والامتنان والتكيف الى حد ما مرضي ومفيد لك مع بعض قيم وأفكار الفلسفة العملية الكونفوشيوسية تجاه الحياة فأنت بالتأكيد قد بدأت تخطو نحو غايتك بشكل جيد ومقبول بشرط عدم الانتكاس او التقهقر في بدايات الطريق.
فبالتأكيد ستكونين قد انغمست في تجربة روحية ذات بعد نفسي واخلاقي عميق ومتجذر.
وهي تجربة مر بها شخص أعرفه، يقول لي : هذا إلى حد ما افعله وانهجه في علاقتي مع زوجتي، هي حبيبتي وصديقتي الأقرب، فانجح واخفق. أحياناً تتأذى هي، واحيانا أؤذي نفسي أنا، في البداية تكون الموجة الجارفة قاسية وممضة، لكنها تفضي بي الى كوة من الجمال والروعة والدهشة تجعلني أشعر بعض المرات بأن لي جناحين اطير بهما.
جربي واصبري على نفسك وراقبيها وكوني رحيمة بها، لاتستعجلي الثمرة.
ستصلين إلى أرض الاحلام ، و تذكري :
هي لاتدوم كشعور واحساس مباشر مستدام، لكنك ستكونين في حضنها محفوفة محفوظة تتقلبين في حنان هذه التجربة وتجليها الساحر وهالتها المذهلة.
قد تتفلت من بين أصابعك ولكنكِ قادرة على القبض عليها مرة أخرى واستعادتها.
بعدها يمكن القول: أنتِ الآن تمتلكين تجربة روضتي نفسك من اجلها وأثناءها.
لهذا عودتك الى حماها حين تشطح بك رحالك وتنأى بك عن النبع، وتسقطين هي اسهل من غيرك ممن لايزال بعيداً في صحرائه الجافة.
لكلٍ تجربته الروحية، فهذه ليست وصفة، هذه تجربة ومحاولات أخفقت كثيراً، ونجحت في بعض أجزائها، وتحققت كومضة العين ولمح بالبصر، أشرت إلى عدتها وعتادها، وأناتحدخواطثت عنها كتجربة ورياضة نفسية تمظهرت في السلوك والأخلاق، ولكن جذرها في أعماقها روحي.
هي نابعة من قهر للذات والنفس، ومنها إذا توفق الإنسان سينداح في مسار السعادة، وفي نهايته تلك الواحة الفيحاء والفردوس، حيث تنبجس اثنتا عشرة عيناً من الافراح والبهجة والرضى….. واللامبالاة،
ووعيك بكينونتك في هذا الكون هو العتبة الأولى والمفتاح والأس لكل مابني عليه.
الرياض
22 اكتوبر 2025

كتاب أقترحه للأصدقاء. لفت انتباهي آليه ابني يوسف صيف عام 2024