أعتقد أن مانعيشه اليوم من تغيرات جذرية، يمثل فرصة تاريخية لاتزال مفتوحة وممتدة أمام جهود التغيير والتجديد
قبل قيام (حرب تحرير العراق) بأيام نشرت وسائل الإعلام العربية وغيرها تصريحات لمسؤولين عراقيين وصوراً لبعض العرب الذين تطوعوا للقتال في العراق ضد القوات (الغازية) جنباً إلى جنب مع فدائيي حزب البعث: فدائيي صدام. لم تكن مفاجأة أن غالبهم من (الملتحين) من أفغان عرب سابقين، أو منخرطين للتو في الفكر الجهادي.
حزب البعث كما يعتقد الإسلاميون عن بكرة أبيهم من جهاديين وغيرهم هو نظام كافر مرتد عن الإسلام،ومعتنقو الفكر الجهادي يؤمنون أن الحكومات العربية بلا استثناء حكومات طاغوتية مرتدة، وبيان ابن لادن عقيب الحادي عشر من سبتمبر، وخطبته يوم عيد الأضحى الأخير، وكتب الجهاديين ومنشوراتهم وفتاوى شيوخهم تكشف بجلاء موقفهم من سائر الحكومات والأنظمة؛ لهذا أعلنت جماعات الجهاد الحرب على حكوماتها في مصر والجزائر وليبيا، .حدث هذا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بسنوات طويلة، وقبل تواجد القوات الأمريكية على أراضي عدد من الدول العربية، ويأتي حزب البعث وحكومته على رأس قائمة الحكومات الكافرة، وحسب رؤية هذه الجماعات التي تعتمد على تراث فقهي تقليدي واجتهادات محدثة أن الكفر ملة واحدة، لافرق فيه بين كفر أميركا وكفر صدام ونظامه،، غير أن ماهو أدهى من ذلك هو أنهم يعتقدون أن الكافر المرتد أشد خطراً وأغلظ كفراً وأعظم فتنة، وأن قتاله أولى من قتال غيره، فهو عدو داخلي وشره مستطير، وهذا مايفسر نشوء الجماعات المقاتلة بداية الثمانينات، وانحسارها فيما بعد، فكيف سوغوا لأنفسهم الانخراط في هذا النظام، وأين كان المفتون بفرضية الجهاد أو أفضليته مع حكم البعث عن مظالم النظام ومخالفته الصريحة وارتكابه لنواقض الإسلام؟
لربما ادعى البعض كما سمعنا مؤخراً أن حكم البعث وصدام قد عاد إلى الإسلام للشعارات التي بدأ يرددها مؤخراً، ولكننا نعلم أنهم لايعترفون بشرعية حكومات كانت ولم تزل أكثر إسلاماً وتطبيقاً لأحكام الشريعة من نظام البعث.
أحدهم كان حتى عام 1992مؤمناً أن نظام الترابي هو النموذج الأمثل للإسلام، في الوقت الذي كان فيه يتحاشى أي حديث عن شرعية حكومة بلده، بل كان يتلافى ذكرها باسمها، ولمن يشككون في ذلك أن يعودوا إلى أشرطته، ولن يجدوا سوى الحديث عن (جزيرة الإسلام)، وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم أقرأ له أو أسمع منه مايثبت خلاف ذلك.
لم يمض أسبوع على الاحتفاء في الصحف والفضائيات بأحدهم، لموقفه المتحفظ من المشاركة في القتال مع نظام صدام، والذي اعتبره المتابعون مؤشراً على نضج ووعي طال انتظاره، حتى فاجأهم بمقاله في احدى الصحف الذي دعا فيه شباب بلده إلى الجهاد في العراق، وحث الشعب العراقي على إحسان ضيافتهم.
ابن لادن – الذي لم تتم إدانته بعد من أي من الإسلاميين أو مثقفي البيانات – شاهد آخر، فقد كان على وئام مع حكومة الترابي؛ في الوقت الذي كان فيه يعتقد عدم شرعية حكومات كانت ولم تزل أكثر تطبيقاً للشريعة من أي بلد آخر، فكيف لنا أن نفهم أن منطلقات هؤلاء هي منطلقات دينية خالصة؟
ما أود الإشارة إليه أن الحركات الجهادية تقوم على فكرة مركزية هي (تكفير الأنظمة والحكام في البلاد الإسلامية) ماعدا حكومة الطالبان، وهذه الفكرة الجوهرية أفصح ابن لادن عنها العام الماضي، وكان أكثر صراحة في خطبة عيد الأضحى الأخير، وبالتالي فهي لاترى حرمة دماء كل من يمثل هذه الأنظمة، من رؤساء دول، أو وزراء،أو موظفي دولة كبار، أوقيادات عسكرية، أوضباط وأفراد، كما أنها تؤمن أن كل من يواجه إرهابها، أو يقف ضدها أو يعين على ذلك ولو ببلاغ أو تعاطف فهو كافر مرتد عن الإسلام حلال الدم والمال، ولهذا كان منهم من يفتي بمقاومة أجهزة الأمن بالسلاح، وهذه الفتوى اليوم هي المعمول بها، وهذا مايفسر ازدياد حالات إطلاق النار على الأجهزة الأمنية مؤخرا، كما أن لها فهمها الخاص بها تجاه المسلمين الذين يعيشون في أمريكا والدول التي تسير في فلكها، فهم يعتقدون أن كل مسلم مقيم في هذه الدول فهو محارب للإسلام، مادام أنه من دافعي الضرائب.
الغالبية العظمى لاتعرف عن هذا التيار الذي يلقى تعاطفاً واسعاً جداً، إلا شعاره : (إخراج القوات الأمريكية والغربية من المنطقة).هذا هو المعلن، ولكن ماهو أدهى من ذلك أن لهذا التيار الجهادي تفسيره الخاص لنظام الحكم، وله آراء أخرى مخيفة فيما لو تمكن من حكم مجتمع من المجتمعات الإسلامية التي تمنحه التعاطف والتأييد، وتمكن من ترجمة تلك الآراء إلى سياسة مطبقة.حينها سيعلم الجميع أنها أكثر وحشية وظلامية من نظام طالبان الذي كان محتجاً على عدم اعتراف المجتمع الدولي به، وحريصاً على أن يكون عضواً في الأمم المتحدة، في حين أن ابن لادن يرى أن كل ذلك ليس إلا كفراً بواحاً.
لم أتفاجأ حينما علمت أن من هؤلاء الذين يكثرون من الحديث عن (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) من يقول إنه لاينبغي الحديث الآن عن مساوئ النظام العراقي، لأننا : (أمام عدو أجنبي محتل، والإسلام يعتبر المصالح والمفاسد) ولكنهم أنفسهم لم يترددوا في النيابة عن الله سبحانه وتعالى بتحريم وتحليل أمور مما نعلم أنها من (العفو) الذي تجاوز الله عنه،إلى فتاوى وآراء غريبة أحرجت حكوماتهم.
ماقصدته مما سبق هو التنبيه على أمرين: أولاً: انتهازية هؤلاء الذين راهنوا على طول أمد الحرب، واعتقادهم أن بإمكانهم أن يستعيدوا غابر عهدهم ونجوميتهم ومصداقيتهم التي اختطفها منهم مشايخ الجهاد بعد الحادي عشر من سبتمبر، والانكماش الذي نالهم بعد بيانهم الذي ناقشوا فيه عدداً من المثقفين الأمريكيين العام الماضي إثر الضربات الموجعة التي وجهها إليهم بعض مخالفيهم من إسلاميي الداخل.
الثاني: أن الترويج لخطاب الجهاد هو كاللعب بالنار، فاليوم بإمكانك أن توظف مفهوم الجهاد ضد عدوك الآخر الخارجي، أو المخالف الطائفي، وغداً سيرتد إليك لأن الجهاد وفق الرؤية الفقهية التقليدية لايستثني العدو الداخلي، والذين لهم إلمام بأحكام الجهاد وفقهه وأصناف من يجب أو يجوز قتالهم والخروج عليهم، وأحكام نواقض الإيمان، وتكفير المعين شروطه وموانعه، وفق الرؤية السلفية، يدركون جيداً أن من اليسير تنزيل بعض النصوص والفتاوى، وتوظيف نقول وآراء -ظن الكثيرون أنها استنفدت أغراضها – وبعثها كرة أخرى لتأجيج فتن واحتراب داخلي مجرد تصوره يثير الخوف والفزع، في ظل ظروف مناسبة ومتغيرات كبرى، وإحباط عام يغذي أفكار الغلو، وتراث ديني في متناول اليد يسبغ المشروعية، وليس سراً أنه تم مؤخراً إيقاف مجموعة من دعاة الفكر التكفيري حيث جرى التغاضي عنهم في السابق حتى تعاظم شرهم واستأثروا بعد تفجيرات سبتمبر بحصة لايستهان بها من الشباب الذين يتبنون اليوم أفكار القاعدة، ويحلمون بإقامة الجهاد هنا في بلدهم، ولم يترددوا في التوجه إلى العراق للجهاد؛ بتحريض وتشجيع مشايخ يحظون باحترام واسع عبر وسائل الإعلام المقرؤة والمرئية!
في صحيح مسلم أن عمرو بن عبسة جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في مكة مستخف بعد أن اشتد أذى قريش له ولأصحابه، فقال له: أنا معك على هذا الأمر، فقال له الرسول:ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى قومك حتى إذا سمعت بي فأتني، فلم يقدم عليه إلا بعد سنوات من الهجرة).هكذا تجلت شفقته على أصحابه والمؤمنين برسالته.
إن قسطاً كبيراً من المسؤولية يتحمله الخطباء والدعاة الذين يغرسون فكرة الجهاد في أذهان الشباب. أولئك المشايخ الذين لم تغبر أقدامهم في “سبيل الله”، بل استمروا في تهييج الشباب، وبقوا مع المخلفين، ومنعوا أبناءهم من الخروج، لأنهم يرون أن على الأبناء أن يعلموا أن “رضى الله في رضى الوالدين” وأنه لا يجوز أن يخرج الابن حتى يستأذن والديه، ليكون أبناء غيرهم الأغرار هم الوقود والضحايا والطريق لمجد يسعى إليه المتحدثون باسم الله.
أعتقد أن مانعيشه اليوم من تغيرات جذرية، يمثل فرصة تاريخية لاتزال مفتوحة وممتدة أمام جهود التغيير والتجديد ولإحداث حركة تصحيحية كبرى، وضخ دماء جديدة في مؤسسة الفتوى تمدها بالحيوية، والقدرة على التكيف مع المستجدات، للخروج من هذه الأزمة الخانقة والفقر في مستوى الخطاب الذي أصبح اليوم لايجد من يصغي إليه، هناك نوعان من التغيير احدهما ليس إلانزوة عابرة، و هذا لاينتج إلا العقم والفشل، والثاني يتمثل بإجراء مراجعة صارمة وموسعة، وانتهاج مسلك الإصلاح داخل الإطار والمؤسسة، وهذا التجديد لابد أن يكون مقترناً بتشجيع إرادة الإصلاح المتدرج الهادئ، لاسيما وأن الجوانب الإيجابية التي ينبغي الحفاظ عليها كثيرة ومتنوعة.
وبما أننا نعلم أن اجتهادات العلماء ومدارسهم وتفسيراتهم ومحاولاتهم لتطبيق فهمهم للإسلام عرضة للصواب والخطأ، فإننا بحاجة إلى إخضاع أفكارهم للنقد والمراجعة، وامتصاص بؤر التوتر فيها، والقضاء على منابع القلق ومناطق التوظيف المغرض، وتفعيل ماتضمنته من إيجابيات، وفتح المجال رحباً للنقد والمراجعة الصادقة، وخصوصاً أننا نعلم أن الإسلام ليس لوناً واحداً ولا مذهباً واحداً، وأن بالإمكان الاستناد على قاعدة صلبة من المشروعية الدينية، باعتماد مايتناسب والمتغيرات والظروف التي تمر بها منطقتنا ومجتمعاتنا.
كثيراً ما يذكر إجماع الأمة واتفاق الأئمة على القول بمسألة ليست عند البحث والدراسة سوى اجتهاد لعالم، خالفه من هو في درجته من العلم والمعرفة أو يفوقه، أو مذهب لمدرسة، لاتشكل سوى لون واحد من ألوان الطيف التي يزخر بها تراث الإسلام التشريعي والفقهي.
ومن تلك المسائل القول بـ (كفر من امتنع عن التزام شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة).هذه المسألة عينها ضالعة في دفع كثير من الإسلاميين إلى تكفير مجتمعاتهم المسلمة، والخروج على حكوماتهم لما رأوه من مظاهر النقص والخلل في التزام بعض أحكام الدين وشعائره.
أليس من المفارقات الكبرى أن نجد من علماء الدين من يرون سفك الدماء وقتل الأبرياء بتسويغات دينية، اجتهاداً، وصاحبه بين الأجر والأجرين كما سمعناه من بعضهم بعد أحداث سبتمبر وغيرها، في الوقت الذي يرون فيه أن فتوى عالم بإباحة الغناء، ضلال مبين!
ألا يدلنا هذا على غياب (الإنسان)..كرامته..وحرمته، ومصالحه الحقيقية عن بعض تراث فقهنا التقليدي؟ أولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم (إن سفك دم المسلم أعظم عندالله من هدم الكعبة)؟
يقودنا هذا إلى حقيقة أنه من الضرورة بمكان فهم نصوص الشريعة فهماً واعياً، وإدراك أن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح البشر الحقيقية، وأثر التحولات الكبرى في العالم والتحديات الحضارية من الخارج، وانعكاسها على الاجتهاد الفقهي.
ثمة إجماع بين فقهاء المسلمين على أن الرق اليوم لم يعد له مايسوِّغه، ولم نسمع أن عالماً نازع في ذلك، ولم تصدر فتاوى ممن يعتبر بفتاواهم بكفر من منع الرق، مع أن الإسلام ساهم في استمرار العبودية، وأنشأ له فقهاً وأحكاماً منثورة في كتب الفقه، فلم يكن دور الإسلام قاصراً على التعامل مع مشكلة قائمة، بحيث اقتصرت حلوله -كما يدعي البعض – على التخفيف من انتشار العبودية، كما في الكفارات والترغيب في عتق الرقاب، والأمر بالعدل مع الرقيق والرفق بهم والإحسان إليهم.
بل إن الإسلام كان مساهماً في استمرار تجارة الرقيق التي أعطاها الجهاد وانتشار الفتوحات اتساعاً هائلاً بحيث أصبحت تجارة رائجة، ولم يكن الرق قط مستهجناً طوال فترات التاريخ الإسلامي التي كانت العبودية شائعة فيها، ولم يكن ينظر إليه على أنه اعتداء على إنسانية الإنسان وحريته، فهل نجد اليوم من يقول بكفر من يرى أن الاسترقاق وحشية ويحرمه في تشريعاته ودستوره؟
العبودية وفقهها هي أحد (الأحكام الشرعية) التي عُطلت اليوم، حتى أصبح من يكتب عنها أو يطرحها موضوعاً لرسالة أو بحث مثاراً للسخرية والتندر.
أخلص من هذا إلى أن إشكالية خطاب (الجهاد) من الممكن أن نتعامل معها (دينياً) على مستويين: أولاً إبراز مفهوم الجهاد الحقيقي في النفس، والمال، والنجاح في الحياة، ومساعدة الآخرين، والتركيز على النصوص والشروحات التي تجلو هذا المفهوم، واعتبار الظروف التاريخية والسياسية التي أحاطت بتشريع الجهاد في الإسلام، وكيف أن الإسلام انتشر طوال عقد ونيف قبل تشريع المقاومة المسلحة، وأن الجهاد كان ينصرف حينها إلى الصبر، والعفو واحتمال الأذى،ومقابلة السيئة بالحسنة.
وثانياً: نزع (القدسية الدينية) عن مفهوم المقاومة والدفاع عن الذات والوطن، التي تندرج ضمن مصالح المجتمعات والدول، عبر احتوائها ببث وإرساء ثقافة الشرعية الدولية، وحق تقرير المصير والقانون الدولي، فما دام أنه ثمة اتفاق بين فقهاء الأمة وعلمائها اليوم على أن جهاد الطلب والابتداء – وهو المقصود أصالة في التشريع – قد أغلق إلى الأبد، وأنه لايجوز اليوم إعلان دولة مسلمة الجهاد على جارة لها غير مسلمة، وأن ثمة نظاماً دولياً جديداً تشكل ويتشكل، ونحن منخرطون فيه كسائر خلق الله، فلم يبق إلا أن يبين أن الدفاع عن النفس والبلد والأرض هو غريزة أساسية في الإنسان وحق فطري، أسبغ عليه الشارع وصف الجهاد توسعاً وتشريفاً،كما وصف الرسول من يموت في الهدم أو الغرق أو الحريق شهيداً، مع القطع بأن الشهيد شرعاً لايدخل فيه أحد هذه الأصناف، وأن وصفه بالجهاد لايعني أنه متعال على الزمان والمكان، لا يخضع كغيره للتوازنات ومصالح المجتمعات والدول، وأن كون جهاد الطلب هو المقصود أصالة في النصوص المنزلة، لم يمنع الرسول أن يهادن ويصالح ويساوم على شيء من مصالح المسلمين كما أراد أن يصالح على شطر ثمار المدينة في غزوة الأحزاب، وكما تنازل عن وصفه بـ (رسول الله في الحديبية)،ورضي بأن يكتب (محمد بن عبدالله)، وكما رضي بشرط مجحف فرضه مشركوا مكةبـ (أن من جاء إلى المسلمين من المشركين مؤمناً رده الرسول إليهم،ومن فر من المسلمين إلى المشركين لم يردوه) الأمر الذي حمل عمر على أن يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: (كيف نرضى الدنية في ديننا)؟
في ظروف تاريخية معينة تواجه المجتمعات إشكالات كبرى وتمزقاً بين جمودها على ماتتصوره ثوابتَ فكريةً ودينيةً وبين متطلبات حياتها وضرورات وجودها ينعكس تمسكها بها سلباً على حياة أفرادها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وعلى علاقتها بالعالم من حولها، مما يوجب على فقهائها ومفكريها البحث عن مخرج وعادةً مايكون أنسب الحلول هو إعادة التفسير، والتأويل، وربما الانتقائية.
كم في تراثنا الضخم من تفاسير وفهوم ومذاهب ومقولات، نحتاج إلى أن نتعامل معها على ضوء القاعدة التي تقول (اذكروا محاسن موتاكم).
إن حضارة ما وإن كان الدين بشكل نسغها لن تشق طريقها حتى تدفع بالأفكار المعوقة -التي تقف دون الاستيعاب لشتى الشعوب والديانات والثقافات تحت عباءتها – إلى الصفوف الخلفية.وإن كانت تلك الأفكار هي الشرارة الأولى، والدافع في البدء لتلك الانطلاقة.فالحضارة تأكل أفكارها الأولية. أو تطورها بما يتناسب واللحظة التاريخية، ولايمكن ألبتة أن تبقى على نقائها وسذاجتها الأولى..