من أنا ؟
سيرة فكرية
منصور بن إبراهيم بن موسى النقيدان
تاريخ الميلاد في بريدة /القصيم في 28 نوفمبر 1970/ 30 رمضان 1390 هجري
الوظائف:
*المدير العام و رئيس التحرير لمركز المسبار للدراسات والبحوث.
* المدير العام لدار مدارك للنشر بدبي من 22مايو 2012.
*رئيس تحرير الكتاب الشهري لمركز المسبار للدراسات والبحوث منذ مايو 2012.
*كاتب عمود أسبوعي في جريدة الاتحاد الإماراتية من أكتوبر 2011.
* معد برنامج (إضاءات) الذي يقدمه تركي الدخيل على قناة العربية منذ أكتوبر 2010
-*ابتداء من أبريل 2008 – 2012 كاتب مقالة أسبوعية في صحيفة الرياض السعودية.
*عضو مؤسس لبرنامج (المنتدى العربي لثقافة احترام القانون) برعاية من مركز المعلومات الاستراتيجي- واشنطن. يوليو 2007 –مارس 2011.
*كاتب مقالة أسبوعي في صحيفة الوقت البحرينية من يناير2007 حتى فبراير2008.
*كاتب متفرغ سابقاً بصحيفة الرياض السعودية منذ مارس-2003 حتى 6-2006.
*عضو مؤسس في صحيفة الوطن السعودية، ومحررالثقافة والصفحة الدينية وصفحات الرأي منذ تأسيسها حتى 9-2002.
الطلب والدراسة:
*بدأ بحفظ القرآن الكريم وهو في الخامسة عشرة عام 1984 على الشيخ عبدالباسط دوست محمد في حلقة زيد بن ثابت في مسجد البليهي في بريدة عاصمة منطقة القصيم، وقرأ القرآن أيضا على الشيخ عبدالله الدويش، والشيخ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي، وأتم حفظه عن ظهر قلب وهو في سن الثامنة عشرة، وتلقى العلم الشرعي والفقه على عدد من علماء السعودية مثل:
*عبدالله بن إبراهيم القرعاوي 1985-1987، حيث درس عليه القرآن ومتون العقيدة السلفية، وشروحها، وشرح السنة للبغوي.
* 1987/1988 على الشيخ عبدالله بن محمد الدويش قرأ عليه متون العقيدة، وفي الحديث في عمدة الأحكام ، وفي بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، والنحو في الآجرومية، وخلاصة الفكر في مصطلح الحديث، وزاد المستقنع (ت 1987).
* و في 1985 على الشيخ صالح البليهي في كتاب السلسبيل في الفقه الحنبلي ، وشرح كتاب التوحيد والرحبية في الفرائض (ت 1990).
* في 1988 على الشيخ محمد الفهد الرشودي في معارج القبول لحافظ حكمي (ت 2001).
*على الشيخ عبدالله بن صالح الخريصي في الحديث والعقيدة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، 1988-1989.
*الشيخ محمد صالح المنصور 1988 حفظ عليه نصف الحموية لابن تيمية.
*درس مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب التوحيد وكشف الشبهات ومسائل الجاهلية، على الشيخ محمد بن سليمان العليط.
المؤلفات /الأبحاث
*كتاب الملوك المحتسبون، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2012) .
*مشارك في كتاب (قصة وفكر المحتلين في المسجد الحرام)، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2011 .
* بحث الإخوان المسلمون في الإمارات التمدد والإنحسار، ضمن كتاب الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2010.
*نشرت له الواشنطن بوست 20 يوليو 2007.
*نشر ت له مجلة النيوزويك العربية يناير 2008.
* خارطة الإسلاميين في السعودية وقصة التفكير(بحث 2002)، الانغلاق الفقهي وأثره في تهيئة أجواء العنف والتطرف (بحث 2006)، مسائل الإيمان عند السلف أحكامه وأوصافه(بحث 1999)
*توجهات الفضاء الديني والفكري في السعودية.2004
*27 عاماً على احتلال المسجد الحرام – جهيمان العتيبي 2007.
-*بحث في ضابط العذر بالجهل وأحكام التكفير 1988.
*بحث في حكم تقصير الثوب إلى أنصاف الساقين 1989.
*رسالة في تحرير عقائد المجاهدين الأفغان، والعذر بالجهل لأهل الأوثان 1989.*-بحث في حكم إحراق الزرع بعد الحصاد 1988.
*بسيط الأجرومية في النحو 1987.
*بحث في ضابط الرحم التي يجب صلتها 1987.
*بحث في حكم لبس الساعة باليد 1986.
*1986تحرير بعض المسائل المشكلة في شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين، مراسلات مع الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
الطلاب:
درّس النقيدان على فترات متقطعة أبواباً من الفقه، والنحو، والتوحيد، وعقائد أهل السنة ، وتفسير القرآن، ومن طلابه دعاة وخطباء، ومسؤولون في الشؤون الإسلامية.
تاريخي:
*منذ 1983 تعرفت على كتب الإمام ابن الجوزي الحنبلي وكان كتابه تلبيس إبليس هو بداية الشغف بكتب الفكر الإسلامي والسلوك ، و في عام 1984 تعرفت على كتب ابن قيم الجوزية، و كتب سيد قطب (معالم في الطريق)، و(المستقبل لهذا الدين)، عبر جمعية الوعية الإسلامية بمتوسطة القادسية ببريدة. وفي عام 1984 كان للأستاذ (فهد الصايغ) مشرف أسرتي في المركز الصيفي بمدرسة تحفيظ القرآن، ثم في مركز متوسطة الحرمين 1985 تاثير نفسي ومعرفي، لازمني سنوات عديدة، لما تمتع به الصايغ من صفات قيادية وتأثير روحي وحضور كبير في كل من حوله.
* 1985 لزمت طريقة السلف /الحنابلة الوهابيين أتباع مدرسة آل سليم في بريدة، وكان لها مظاهرها المميزة في في السلوك والاتباع واللباس والحياة والعلاقة بالمجتمع وبالمختلف من الفكر والعقيدة. وفي العام 1986-1985، قدر لي أن أصحب وأرافق وأستلهم طريقة اثنين من أتقياء مدينة بريدة المعروفين بــ(الإخوان) أو (إخوان بريدة) -وهم وهابيون خلص لاعلاقة لهم بجماعة الإخوان المسلمين- و كان لهما تأثير نفسي ووجداني كبير وعميق .تسببت تلك الصداقة باعتناق عميق في فكر إخوان مدينة بريدة، وهم من الوهابيين الأوفياء لسلوك طريقة الأوائل من أئمة الدعوة الوهابية. فعشت سنوات في عزلة ضمن عشرات الأشخاص الذين اختاروا أن يعيشوا حياة زاهدة بسيطة واكتفاء تام بحلق التعليم في المساجد ، وكتب السلف والعلماء المتقدمين مصدراً للمعرفة.
*مكنتني السنوات الخمس من 1985 حتى 1991 من قراءة مئات الكتب من الأصول الشرعية والمصادر الأولية في التفسير والحديث والفقه الحنبلي، وعشرات الكتب في التاريخ الإسلامي والأدب.إضافة إلى دراسة أكثر تعمقا في كتب ابن تيمية وابن القيم ، ومؤلفات ورسائل أئمة الدعوة الوهابية من محمد بن عبدالوهاب حتى محمد بن إبراهيم ( ت 1969).
* في العام 1990 عدت لقراءة مؤلفات سيد قطب، وتفرغت لقراءة كتاب ( ظلال القرآن) كاملاً في الزنزانة في سجن المباحث العام 1992.
* في الفترة نفسها 1992 -1993 تعرفت على فكر رواد النهضة العربية والإصلاحيين في القرن العشرين، ومحمد كرد علي، والعقاد، وطه حسين، وعلي الطنطاوي، وأعدت مرة ثانية قراءة ابن تيمية.
*وفي العام 1994-1995 قرأت في مؤلفات متكلمي الإسلام وأعلام الأدب العربي من الجاحظ إلى أبي حيان التوحيدي إلى ابن خلدون إلى أحمد حسن الزيات، إضافة إلى الموسوعات في الفلسفة الإسلامية وتأريخ علم الكلام.
تحولاتي:
*منذ أن أتممت الخامسة عشرة حتى بلغت التاسعة والعشرين، كنت عرضة لأزمات روحية ووجودية وشكوك تمر على فترات متقطعة حول الله، والقرآن، والرسول، لازمتني قرابة الأربع عشرة عاماً، كنت أحياناً أتغلب عليها وكانت كثيراً ماتهجم علي وتتسبب بنوبات حزن وضيق، ولكنني كنت منسجماً كثيرا مع إيماني ومع تديني المتشدد. وكانت تجربة روحية مؤلمة كتمتها في داخلي ولم أبح بها لأي كان، حتى أفصحت عنها فيما أظن لأول مرة في لقائي مع منتدى الوسطية في نوفمبر 2002، ثم نشرت مقالة حولها في مقالة في جريدة الرياض في يونيو 2003.
*منذ 1989 حتى 1995 مررت بتحولات عنيفة، واعتنقت أفكاراً نابعة من تعدد التوجهات والاختلاف داخل المدارس السلفية وكنت شأن غيري عرضة لها ، وهي كانت نتيجة للتحولات السياسية والثقافية والدينية التي مرت بها السعودية والمنطقة منذ نهاية الثمانينيات.كنت أميل فيها إلى فكر السلفية الجهادية.
* 1995حتى 1998 مررت بالطور الثاني من التحول الفكري الناتج عن تجربة السجن، وقراءة الأفكار خارج الصندوق، ونتيجة للأسئلة التي كانت تطرح نفسها بقوة، وكان لكل من مؤلفات فهمي جدعان، ومحمد عابد الجابري، ومؤلفات رواد النهضة العربية بصمة لاتخفى.إضافة إلى قراءة كتب مترجمة عن تاريخ الفلسفة والفكر الأوروبي، وعصر النهضة.
*منذ العام 1998 وجدت نفسي في مدرسة الإصلاح الإسلامي ذات النزعة العقلية وكانت أولى مقالاتي في جريدة الحياة فبراير 1999 حتى سبتمبر 2000، تعبيراً عن هذا التحول، وكانت رعاية المفكر السعودي (علي العميم) لي في هذه الفترة ، وسعيه لإقناع رئيس تحرير مجلة المجلة عبدالعزيز الخميس بأن تتبناني المجلة بصمة لاتنسى.
كان للعميم تاثير واضح علي، ودور في احترافي للمقالة والعمل الصحفي، فقد تلقيت منه رعاية فكرية وثقافية وأبوة روحية لفترة من الزمن، تضافر معها تشجيع كبير من المفكر السعودي والأديب الكبير البروفيسور عبدالله الغذامي، ومن قينان الغامدي أول رئيس لتحرير جريدة الوطن السعودية، وكان الغذامي في العامين 2000-2001 يجد فيما أكتبه إرهاصا لظهور جيل من الشباب الذين يسعون لإيجاد إسلام متسامح وقادر على الإجابة على أسئلة عصره وتجاوز المأزق الديني/الحضاري.
.وفي العام 2002 أثارت مؤلفات (خليل عبدالكريم) و كتاب معروف الرصافي (الشخصية المحمدية) أسئلة كثيرة خطت بي مع عوامل أخرى خطوات إلى طور جديد.وكانت قراءتي لهما في حالة من الانكسار والشعور العميق بالغربة وعزلة امتدت قرابة أربعة شهور من أغسطس حتى ديسمبر 2002.
* نوفمبر 2002 كان الطور الثالث . انكفأت فيها على قراءة بعض ماترجمن من فكر الفيلسوف الألماني نيتشه، وزامن ذلك تصاعد حدة الإرهاب وسيطرة الفكر القاعدي التكفيري على المشهد الديني في السعودية، وإعلان أول قائمة من المطلوبين للأمن، مع ظروف نفسية قاسية، أورثني ذلك تحولا أكثر عمقاً تجلى في حوار أجراه معي أعضاء منتدى الوسطية على الإنترنت في نوفمبر 2002. وظهرت بعض معالم هذا التحول لاحقاً في معظم المقالات واللقاءات والحوارات التي أجريتها مع عدد من الصحف والمجلات والقنوات العربية والغربية، حيث تصاعدت المواجهة الفكرية بيني وبين الإسلام السلفي الجهادي والتكفيري في السعودية.
*في نوفمبر 2005 أذاعت قناة العربية فيلما وثائقيا بعنوان( منصور النقيدان بين تيارين).
*في يوليو 2007 نشرت جريدة الواشنطن بوست مقالة لي مترجمة حول فهمي الخاص للإسلام وكيف أمارس إيماني وتديني.
*-في 2009 أصبحت المقالة ضمن منهج دراسي ألفته دورثي سيلر أقرته على طلابها في جامعة شمال فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية ضمن أهم مئة مقالة تدرس للطلاب للتعرف على أساليب الكتابة.
أنا اليوم:
أجد نفسي في المدرسة الإصلاحية الإسلامية، وأراني معنياً ومهموماً بالقضايا الفكرية الدينية التي تشغل الساحة اليوم، كما أرى في المفكر الراحل عبدالله القصيمي تأثيراً شاحباً، وإن كنت لم أقرأ له إلا أربع أو خمسة كتب.
أحاول اليوم أن أوجد فصلا مابين قناعاتي الخاصة العميقة تجاه الدين والله والقرآن والرسالة، ومابين دوري ككاتب معني بقضية التخلف والتشدد الديني، ورغم أنني في 2004 ، و2007، و2009، قد أوضحت موقفي من القضايا الكبرى الإيمانية، إلا أنني أرى نفسي على الدوام طالب علم مشدوداً إلى التراث الإسلامي وإشكالياته.
الإيمان والدين:
أؤمن بأن حفظ القرآن الكريم والتعمق في دراسة تراث الإسلام الشريعة، واللغة، والفقه، والتفسير، والحديث والأصول، هي الأساس المتين الذي يجعل من الكاتب مثقفاً حقيقياً، بشرط أن يتفتح العقل على كل المذاهب والأفكار والديانات، و بشرط أن ينفتح القلب على كل العقائد والملل والنحل والفلسلفات، ليكون كما قال الإمام بن عربي:
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة*** فمرعى لغزلان، ودير لرهبان
وبيت لأوثان، وكعبة طائف ***وألواح توراة، ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت *** ركائبه فالحب ديني وإيماني
وأرى أن ذلك يجعل من ذوي التوجه الإصلاحي أعلاماً في مجتمعاتهم، ذوي تأثير كبير وعميق سيبقى ولن يندثر أثره سريعاً، حتى وإن لم يحالف الحظ أصحابه في اللحظة الراهنة، وشعروا بالغربة والتهميش، لأن الفكر الأصيل يبقى فهو نابع من جذور راسخة وليس فقاعة أو موضة عابرة، وأؤمن أن التسامي على كل الانتماءات الضيقة، الدين، والقبيلة، و الطائفة، والمذهب، هو الذي يجعل مني ومن كان شبيها بطريقة تفكيري من أقراني يجعلني في محل التباس وعدم وضوح لكثير من ضيقي الأفق والعامة الذين لم يجربوا مثل تجربتي، ليعرفوا مثل معرفتي.
كما أنني على يقين أن تحرر القلب وصفاء النفس وانجلاء الأوضار عن الروح، طريقه الناجع هو التأمل الطويل، والعزلة، والابتعاد ماأمكن عن الاختلاط بالناس والرعاع، مع ممارسة الطريقة الخاصة للنسك والتطهر الروحي الذي يجد الإنسان نفسه فيه راحته وشفاء وروحه، مع قناعة راسخة بأن الحب والإيثار الذي تفيض به النفس ويمتليء به القلب وتشع به المقل، وتحلق به الأرواح، هو أعظم هدية منحها الرب للإنسان، لكي يتجاوز أسر شقائه وشؤم وجوده في هذه الحياة، وأرى أن الشعور الإيجابي تجاه الآخرين والمعوزين وسعيه لتخفيف آلام وشقاء إخوته من بني الإنسان هو طريق السعادة الأزلية.
التربية والهوية
وأنا مقتنع بأن تعريف الأبناء وتنشئة الأجيال المسلمة على حفظ أجزاء من القرآن و التوراة (العهد القديم) والإنجيل (العهد الجديد) مع نصوص أخرى من الكتب المقدسة عن أصحاب الديانات الأخرى الحاضرة الفاعلة اليوم، واختيار نخبة من أدب الحديث النبوي الذي يرسخ جانب المحبة والنبالة والتعاون والسلام والمحبة هو قدر كافي ليكون الإنسان مؤمنا صالحا.
كما أؤمن أن تثقيف الجيل المسلم على فكر الإصلاحيين الإسلاميين الأوائل في عصر النهضة، وغيرهم من أعلام الأدب والفكر والفلسلفة الإسلامية عبر العصور، والتعرف على أفكار المفكرين الكبار من أمثال محمد أركون ونصر حامد أبو زيد ومحمد عابد الجابري، والطاهر بن عاشور، والفيلسوف المغربي عبدالله العروي ،وطه حسين ومحمد أبوزهرة والجاحظ وابن عربي ، وأبو حيان، وأبو حامد الغزالي، والشاطبي، مع تبسيط نتاج وفكر فلاسفة الإسلام منذ الفترة المبكرة حتى اليوم سيساعد كثيراً في نشوء جيل قادر على التفاهم والانسجام وإثراء حضارتنا المعاصرة.
كما أنني أرى أن إلزام الطلاب بدراسة تفاصيل العقيدة الإسلامية أو الشريعة، وأقصد من هم دون عمر الثامنة عشرة هو أحد أسباب شلل العقول وضمور الإبداع وازدهار الفكر الغالي والمتطرف.
العائلة والمرأة وولاية الرجل
لست أتحمس كثيراً لخوض صراعات المثقفين والكتاب والصحفيين حول المرأة وتحريرها وعملها وحقوقها، وهذا قد يعود لعدم شعوري بجدوى استهلاك الطاقة في الجدل والخصام الذي هو كالخط على الماء غالباً، فيما يمكن تحويل كل ذلك إلى تطبيق وعمل، فعلى من يرون أنفسهم متنورين أو ليبراليين حقيقيين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم قدر ماتسمح لهم الظروف والإمكانيات وبحسب المجتمع الذي يعيشون بينه.
في بيوتنا ومع زوجاتنا وبناتنا علينا أن نكون متحررين بمستوى يتطابق مع تفكيرنا ورؤيتنا التي نعلنها وقناعاتنا التي لانتردد في الإفصاح عنها.
علينا أن نساعد زوجاتنا وبناتنا ليكن قويات ومستقلات ومتحررات، وأن نساعدهن في تهيئة الظروف لهن لكي يمارسن هذه الحقوق ويصنعن من أنفسهن سيدات قويات بعيداً عن وصايتنا عليهن، أي أن نجعل من أنفسنا شركاء لهن، وليس سادة يمتلكون أجسادهن وعقولهن وأرواحهن، أن نسمح لهن بلبس مايرغبن، ويشتهين ، وبشرط أن نضمن أن القانون يحميهن ويقف في صفهن عند أي إساءة أو تحرش، أي أن نقف على الدوام إلى جانبهن.وحين تختار المرأة ذلك فعليها فقط أن تضع في اعتبارها ماتحب أن تكون صورتها أمام أبنائها وبناتها وزوجها، وأمام المجتمع الذي تعيش في وسطه، وهي في النهاية حرة فيما تريد أن تلبسه.
أحياناً نكون محظوظين بأن نعيش مع عائلاتنا في مجتمعات منفتحة مثل دبي، وأحياناً لاتسمح ظروفنا بأن نترك العيش في الرياض أو بريدة أو الزلفي مثلا. ولكن علينا أن نحاول بصدق أن نخفف من وطأة الولاية التي يمنحها الفقه والقضاء الشرعي للرجل، صحيح أنه لايمكننا في الأغلب الأعم أن نعقد الزواج إلا عبر المأذون الشرعي، ولكن علينا في المقابل أن نسمح لهن بأن يخترن متى ماشئن أن يبقين معنا أو أن يخترن حياة أخرى. وإذا كنا نريد أن نجعل من زوجاتنا إماء وخادمات ومسحوقات، فعلينا ألا ننتظر منهن أن يكون قويات ومستقلات وأهلا لتحمل المسؤولية.
الإسلام السياسي والإصلاح
أجد نفسي منسجماً كثيراً مع وصفي بأنني ليبرالي، لاأجد في ذلك مذمة ولا نقصاً ولا إساءة. أحياناً أشعر بالضيق من كون وصفي بالليبرالي يعني تصورات مخيفة ومظنة للانحطاط الإخلاقي أو العمالة للغرب، نبتت عند فئة كبيرة من العوام من الحمقى والمتطرفين الذين وجدوا في الإنترنت مساحة لكي ينشروا فيها جهلهم وتخلفهم، فهم يجدون لذة عارمة بالهجوم على من يؤمنون بحرية الفكر والدين والحريات الاجتماعية.
وإن كنت أجد نفسي في فئة لايمكن تصنيفها أو تجميدها في قالب.
كما أسعى مع نخبة من المثقفين والمعنيين بالإصلاح في العالم الإسلامي إلى كشف خطر الإسلام السياسي ومنهم (الإخوان المسلمون) والجماعات الإسلامية الأخرى التي تسببت بتدمير الآمال بإيجاد مجتمعات إسلامية مطمئنة ومزدهرة ومتطورة. وأرى أن وظيفتي هي التحذير منها ومن خطرها على المجتمعات والحضارة المعاصرة، واستثمار كل الوسائل والطرق المتاحة والفلسلفات الناجعة لكشف أخطار هذا السرطان على الإسلام والمسلمين.
وأرى أنه من الواجب على المثقفين المستنيرين أن يضعوا أيديهم مع حكوماتهم، ومع دول العالم لاتخاذ كل السبل لحصار هذا البلاء الذي نجد اليوم آثاره الكارثية على مجتمعاتنا بعد الاضطرابات التي شهدتها المنطقة العربية عام 2011، وبعد التطورات الأخيرة في سبتمبر 2012 ، التي تزامنت مع الذكرى الحادية عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
كما أؤمن أن طريق الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإنسان نفسه، من الروح ومن القلب ومن الذات، ومن البيت والعائلة، التي هي الوحدة في بناء المجتمع الصالح.
و من واقع خبرة متواضعة وتجربة خاصة فعندي إيمان عميق أن الإصلاح الحقيقي للمجتمعات العربية والإسلامية لاينبع إلا من العمق ومن الداخل، وأن كل محاولة لإصلاح الحكومات بدعم سياسي وعسكري من أمريكا وأوروبا بالسلاح أو باستخدام الضغط الإعلامي وتحريض المؤسسات الدولية ليس إلا خيانة، وبيعاً للضمائر والقيم مقابل نشوة عارضة وشهوة ما أسرع أن تتلاشى وتبقى الندامة.ولكن ذلك لايعفي المثقفين ولا المصلحين من أن يقوموا بالدور الإصلاحي الذي يؤمنون به داخل بلدانهم وعبر تراض وتوافق وأرضية صلبة، ويمكنهم في هذه الحالة أن يعقدوا علاقات واسعة وصداقات مع كل مؤسسات المجتمع المدني حول العالم والتواصل الجيد مع الناشطين السياسيين لكي يمكنهم عرض رؤيتهم وتجربتهم النابعة من العمق ومن الأرض ومن الثقافة، وأنك لاتحتاج لتخون وطنك لكي تكون ناشطاً سياسياً أو مفكراً منفتحاً.
ولكنني أؤمن أن الإصلاح الحقيقي الذي تحتاجه مجتمعاتنا المسلمة هو إصلاح فكري وثقافي وتنمية للوعي بالحريات الاجتماعية والدينية والثقافية، مع تنمية حقيقية في التعليم وتنويع مصادر الدخل مترافق مع رفاه يمكن شعوبنا من أن تعيش بكرامة، وأن الإصلاح السياسي الذي يتجاهل الإصلاح الفكري الديني، ستكون ثماره مرة ونتائجه مدمرة.والإصلاح الفكري لايمكن أن يؤتي ثماره مالم ترعاه الحكومات والساسة لجيل أو جيلين حتى نصل إلى بر الأمان والحماية من غائلة أفكار التطرف والتكفير واستعداء العالم.
انتهى
22سبتمبر2012