منصور النقيدان
الإثنين 25 مايو 2015
حركة كولن هي الجماعة الإسلامية الأكثر تنظيماً في تركيا وكانت حليفاً أساسياً لرجب طيب أردوغان حتى السنوات الثلاث الماضية، حيث شهدت التوترات منذ ذلك الحين تصاعداً كبيراً بين المنتصرين في هذه الحرب الباردة التي تزداد مرارة.
ويرى الخبير التركي مصطفى أكيول أن القوة السياسية لحركة كولن (أو ببساطة أنصار كولن) تصنّف إلى أربع فئات: القوة الناخبة، المجتمع المدني والقوة الإعلامية، القوة البيروقراطية، الدعاية العالمية وقوة جماعات الضغط.
تمكّنت الحركة من الهيمنة على القوة السياسية في العقد الماضي من خلال استراتيجيات تعود إلى عقود قديمة وضعت أنصار الحركة في مؤسسات مهمة جداً مثل الشرطة والقضاء. وقد رأى حزب العدالة والتنمية أنّ هذا الأمر جيد باعتباره الحركة حليفاً، لكن فيما بعد أدان هذه القوة باعتبارها خائنة. وهكذا تمّ فصل ومحاكمة الآلاف من رجال الشرطة خلال العامين الماضيين من قبل الحكومة بتهمة انتمائهم للحركة. أمّا النظام القضائي فقد جرت إعادة تنظيمه بشكل يصفّي أنصار كولن (الحقيقيين أو المشكوك بأمرهم) من المؤسسات القضائية المهمة. لا تزال التصفية هذه جارية ومن المتوقع أن تستمر في المستقبل القريب.
ويرى أكويل أنّ حركة كولن أخطأت حينما فشلت في إدراك أنّ القوة البيروقراطية الهائلة التي حققتها (خصوصاً بين عامي 2008- 2013) كانت بسبب العلاقة المشتركة التي تجمعها بحزب العدالة والتنمية، وإنّ نهاية هذه العلاقة ألحقت الأذى بالطرفين لكن الوقْع كان أقوى على حركة كولن التي أصبحت هدفاً من قبل السلطة السياسية التي سمحت لها ذات يوم بحيازة مناصب حكومية ومؤسساتية مهمة. تم القضاء على أكثر القوة البيروقراطية للحركة وما تبقى منها الآن هو في وضع دفاعي وغير قادر على القيام بالهجوم، مثلما حصل في تحقيق الفساد الذي طال حزب العدالة والتنمية في ديسمبر 2013.
وتعتبر حركة كولن الجماعة المدنية الأكثر قدرة على تأسيس حضور عالمي لها مع عدد هائل من المدارس والمنظمات غير الحكومية المنتشرة في أكثر من مئة دولة من بينها الولايات المتحدة، التي يقيم فيها زعيم الحركة فتح الله كولن منذ عام 1998 وأسّس فيها العديد من المراكز الثقافية وغيرها من مؤسسات الضغط.
والمنظمة الرئيسية للحركة هي جمعية التحالف التركي الأميركي (TAA) التي تتخذ من العاصمة واشنطن مقراً لها. تأسست عام 2010 من أجل «التنسيق بين المساعي المشتركة لأكثر من مائتي منظمة حول الولايات المتحدة»، والتي لها جميعاً علاقة بحركة كولن. وتستضيف الـTAA عشاء سنوياً يحضره العديد من أعضاء الكونجرس. في مارس 2015، قام 74 نائباً أميركياً بتوقيع رسالة «تعبّر عن القلق العميق من انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا»، ويمكن اعتبار هذه الرسالة من نتائج جماعات الضغط التابعة لحركة كولن في الولايات المتحدة والتي من المتوقع استمرارها ضد حكومة العدالة والتنمية، ولكن لن يكون لها تأثير على نتائج الانتخابات التركية كما يرى باحثون. بل على العكس، فإنّ العدالة والتنمية تستغل مثل هذا الحراك في برنامجها الدعائي محاولةً إقناع الجمهور التركي بأن حركة كولن تنتهج نهجاً معادياً لتركيا يخدم المصالح القوى الغربية وليس البلد.
يمكن القول بشكل عام إنّ حركة كولن على رغم كونها حركة غير سياسية أصبحت اليوم من العناصر المهمة في التحالف المعادي للعدالة والتنمية، غير أنّ تأثير هذا العنصر سيكون محدوداً في هذه الانتخابات. كما أنّ الطبيعة السرية للحركة تعطي ذريعة قوية للحكومة لاتخاذ المزيد من الإجراءات التعسفية مثل ملء المؤسسات الحكومية بالموالين للحزب وتقويض استقلالية القضاء.