منصور النقيدان
الإثنين 11 مايو 2015
يرى المحلل السياسي مصطفى أديب يلماز أنه فيما يخص إيران فإن حكومة حزب العدالة والتنمية تسير في خط غير منتظم. فمِن أردوغان المجازف بإغضاب الغرب من أجل طهران، إلى أردوغان الغاضب من تهديدات إيران بضرب تركيا، ومن هذا إلى أردوغان الذي لا يستطيع الاعتراض على طهران على الرغم من مئات آلاف القتلى في سوريا، ومؤخراً تصريحات أردوغان التي تحولت من تصريحات تحاول تفادي انتقاد إيران، ومدحها بأنها بيتنا الثاني، إلى تصريحات تتهم إيران بالسعي للسيطرة على المنطقة، ودعوته إلى انسحاب قوتها ليس من اليمن فقط، ولكن من سوريا والعراق، ثم أخيراً إلى وقوف تركيا موقف الحياد تجاه اليمن وتأييد الموقف الإيراني بخصوص ضرورة الحل السياسي.
وفي محاولة لتفسير هذا التخبط الأردوغاني تجاه إيران يقول الكاتب التركي عاكف بكي بأن هناك صورتين لأردوغان، إحداهما التي رسمها الكيان الموازي – على حد تعبيره – والأخرى التي رسمها «قليتش دار أوغلو». الأولى أن أردوغان جاسوس لإيران استولى على الدولة! والثانية أننا أمام مذهبية سنية تُعرض مصالح البلاد للخطر في سبيل الصراع مع إيران الشيعية. فقد اشتعلت الاتهامات المذهبية التي وجهت لرئيس الجمهورية عقب تصريحات اليمن، حيث اتهم «قليتش دار أوغلو» أردوغان بأن سياسته الشرق أوسطية قائمة على محور مذهبي مستشهداً بعدة مواقف مثل، أولاً: احتضانه للجماعات السلفية السنية المناهضة لنصيرية بشار الأسد، وتشجيعها على التمرد والصراع المسلح مع النظام، بهدف التخلص من نظام الأسد، أي انتهاج سياسة معادية لدولة مجاورة، وفي المقابل سعي العلويين للحفاظ على نظام بشار الأسد، مما اضطرهم إلى اللجوء للحرس الثوري الإيراني، و«حزب الله» في لبنان، مما أشعل سباقاً قوياً خطيراً مع إيران والمد الشيعي. والثاني: موقف أردوغان الموالي للتدخل العربي في اليمن من أجل القضاء على الحوثيين الذين اصطنعتهم إيران، ووعده بالدعم اللوجيستي، والمخابراتي في عملية عاصفة الحزم التي أقرها العاهل السعودي، وموافقته الضمنية على تأسيس القوات العربية المشتركة، حيث جعلت من أردوغان طرفاً في (الصراع السني- الشيعي).
ثم يتطرق الكاتب إلى الفرضية الثانية في علاقة أردوغان بإيران وهي التي يرددها الكيان الموازي، وهي رواية «جيل الأعاجم»، وأن أردوغان يخدم التوسع الفارسي، وتطبيق مشروع تشييع الأناضول. ولكن يبدو أن هذه الفرضية مبالغ فيها.
ويرى أحد الخبراء الأتراك أن التفسير الأكثر شيوعاً لموقف أردوغان من إيران وزيارته لها هو أنّها كانت اقتصادية التوجّه أكثر منها سياسية، فإنّ أردوغان يرغب أن تكون تركيا المستفيد الأكبر من الشراكة التجارية مع إيران في حال رفع العقوبات الاقتصادية على الأخيرة.
وقد أربكت الزيارة الوسط السياسي التركي. فقد ظهر في إيران وكأنه لم يقل شيئاً من قبل ضد إيران. وأكد أردوغان ضرورة التعاون الاقتصادي والتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة لحد أن الصحافة الإيرانية اعتبرت الزيارة اعتذارية.
الخلاصة أن المواقف التركية وإن بدت من التصريحات متذبذبة تدل بوضوح أين ترى تركيا مصالحها العليا. بالرغم من الخلاف الشديد بين إيران وتركيا في سوريا. وبالرغم من التطابق أو على الأقل التقارب التركي الخليجي في الموقف في سوريا، إلا أن تركيا اختارت إيران على دول الخليج. وهذا يضعنا أمام سؤال لابد من الإجابة عليه: ما هي مقومات العلاقة التركية الخليجية؟ وما هي مقومات العلاقة التركية ــ الإيرانية؟ وعلى ضوء المقارنة بين الأمرين يمكن الخروج بتوقعات حول مستقبل الدور التركي في المنطقة ومدى إمكانية الاعتماد على تركيا في القضايا التي تؤثر على إيران.