منصور النقيدان
تاريخ النشر: الإثنين 17 نوفمبر 2014
يذهب الباحث السعودي عبدالله حميد الدين وهو مختص في الشأن اليمني إلى أن التحوّل الفكري والعقدي الذي طرأ على الحوثيين وهم «زيديو» المذهب هو تحول قريب، وبدأ في النشوء بعد بداية الحرب العراقية- الإيرانية، وتصاعد الهجمات السلفية على «الزيدية» في اليمن. مشيراً إلى أن الزيدية ينظرون إلى أنفسهم على أنهم يمنيّون، ولكن ينتمون إلى مذهب ديني معيّن. وهذا الشعور نفسه كان شعور الشافعية في اليمن. فلم تكن الهوية المذهبية طاغية على الهوية الوطنية. ولم يكن الزيدية تاريخياً يتعاملون مع محيطهم السُني باعتبارهم أقليّة في بحر سنّي. ويذهب بعض الخبراء إلى أن هذا يعود إلى عوامل كثيرة: منها التقارب بين الزيدية وبين السنة في مساحات كثيرة. فأغلب الزيدية يعتمد على الكتب الحديثية لأهل السنة مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن الترمذي. وقد يختلفون في معايير قبول الأحاديث ولكنهم لا يرفضون الاعتماد على تلك الكتب. بل نشأ بين الزيدية تيارات سنية مثل العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في القرن التاسع هجري والعلامة محمد بن إسماعيل الأمير في القرن الثاني عشر والذي مدح الحركة الوهابية عندما قامت.
أياً يكن فقد كانت تلك القصيدة التي أشار إليها الباحث مثار جدل ونقاش، حيث إن بعض مترجمي الصنعاني ذكروا أنه تراجع عنها معلناً ذلك في قصيدة أخرى، الشخصية الثانية هو أكبر قضاة اليمن في عصره وهو محمد بن علي الشوكاني والعلامة محمد الجنداري في القرن العشرين وغيرهم عشرات. بل حتى في ممارسة الصلاة كان بعض رموز الزيدية يضم في صلاته ومنهم الحسين بن الإمام يحيى حميدالدين والذي كان يُعتبر أفقه أبناء الإمام يحيى. كما أن من الأسباب التي أؤكد أن التحول هو طارئ وغير متجذر الطبيعة القبلية للمجتمع الزيدي والذي يُعطي الأولوية للعلاقات القبلية على العلاقات المذهبية. وهذا ظهر تاريخياً في مواقف مختلفة حيث تكرر تحالف القبائل الزيدية مع قيادات غير زيدية ضد الأئمة الزيدية. يرى حميد الدين أن طغيان الهوية الهاشمية للأئمة الزيدية على هويتهم المذهبية، هو أحد العوامل المميزة في هذا النقاش، فالأئمة كان يُنظر إليهم باعتبارهم هاشميين قبل النظر إليهم باعتبارهم زيدية. وهذا ظهر بجلاء بعد ثورة 1962 والتي أطاحت بحكم الأئمة. حيث لم يستهدف الثوار المذهب الزيدي وإنما استهدفوا الهاشميين. بل بقي القضاء اليمني محكوماً بالفقه والمذهب الزيدي.
ولكن هذا بدأ يتغير لأسباب حسب بعض المتابعين، منها فراغ أجيال حصل لدى الزيدية. فقد اختفت عن الساحة نتيجة الثورة القيادات التقليدية العلمية الهاشمية للزيدية. وظهر جيل شاب جديد تثقف حركياً على كتب «الإخوان المسلمين» في البدء ثم تأثر بالثورة الإيرانية وأدبياتها خاصة كتابات علي شريعتي ومرتضى مطهري ومحمد حسين فضل الله ومحمد المدرسي. هذا الجيل أعاد تكوين نفسه بطريقة تختلف عن تكوين الجيل الذي سبقه.
استهداف التيار السلفي في اليمن للزيدية والصوفية مما أيقظ لدى هؤلاء الشباب إحساسهم بزيديتهم. وكذلك رغبة حركيي الزيدية الابتعاد عن مركزية الهاشمية وأهل البيت. فقد كان أغلب الحركيين غير هاشميين وكانوا يشعرون أن مركزية الهاشمي في المجتمع الزيدي تقلل من احتمالات صعودهم قيادياً. أخيراً هو نشوء ثقافة المظلومية بين الزيدية وهي ثقافة غريبة تماماً عنهم. وقد وفدت إليهم بسبب التأثر بالكتابات الشيعية التي صارت مادة أساسية للقراء.